اختلال ميزان الذهب - محمد مكى - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 3:43 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اختلال ميزان الذهب

نشر فى : السبت 10 ديسمبر 2022 - 9:00 م | آخر تحديث : السبت 10 ديسمبر 2022 - 9:00 م

فى الوقت الذى فقد المعدن الأصفر الذهب وضعه كملاذ آمن إلى حد كبير مع بلوغ الدولار ذروته هذا العام، نشهد تخبطا يوميا داخل السوق المحلية على أسعار مخالفة ومغايرة لأية اعتبارات اقتصادية، وسط تكالب على الشراء أوقفت تسعيره منتصف الاسبوع الماضى، مع تضليل وفوضى سعرية وتلاعب يضغط على العملة سواء المحلى منها أو الأجنبى.
توهج اقتناء البريق الأصفر فى مصر قديم ومعروف، لكن ما يحدث من ممارسات ضارة كشفت عن تلاعب كبير واتخاذه وسيلة للحصول على النقد الأجنبى من خلال تسعير غير حقيقى للعملة وتسييله فى الخارج مما يضغط على السعر ويخلق مشاكل بالجملة فى وضعية السيولة المحلية وسعر الصرف، فقد انخفض سعر الذهب الفورى بنسبة 0.2٪ إلى 1783.11 دولار للأوقية، بينما انخفضت العقود الآجلة للذهب بنسبة 0.2٪ إلى 1795.15 دولار للأوقية، حسب بيانات الخميس الماضى، فى حين اشتعل السعر المحلى إلى 1850 للجرام عيار 21 الأشهر فى السوق المحلية منتصف الأسبوع قبل أن ينخفض بعد وقف التسعير.
عودة الأسعار لمستويات 1600 جنيه للجرام حاليا يؤكد أن المضاربة أصبحت عليه غير صحية على الإطلاق، وأن هناك تجار أزمات يضغطون على السوق لإحداث مزيد من الخلل فى سعر سلعة جزء كبير من الاحتياطى النقدى الاجنبى يتكون منها.
وقف التسعير إن كان خطوة لكنه لا يجبر التجار على إيقاف التداول فى السوق، ولكنه يعطى إنذارا للعملاء والتجار أن وجود تلاعب فى السوق يضغط على السوق ويساهم فى انخفاض السعر مرة أخرى، الذى يجب ألا يتخطى حسب متعاملين فى السوق عن 1200جنيه للجرام. وأن الزيادة حتى لو كانت أعلى من سعر الصرف يجب ألا تتجاوز إلى ما بين 50 إلى 100 جنيه، لكن أن يصل التغيير إلى 600 جنيه خلال ساعات مثل ما حدث الأسبوع الماضى خطر يجب أن يحارب من خلال آليات تمتلكها الدولة.
ومن المعروف أن سعر الذهب يخضع للعرض والطلب ولا توجد جهة رسمية تحدد سعره لكن بإمكانية الدولة التدخل الضامن لسلامة الاقتصاد ككل. ومعالجة العوامل التى أدت إلى انفصال السعر المحلى عن السعر العالمى.
من الآن يجب عدم ترك الملف، خاصة وأن شهية البنوك المركزية لرفع حيازتها من المعدن الأصفر متوقعة بسبب زيادة رقعة موجة التضخم العالمى والأزمات التى واجهتها أسواق الطاقة والحبوب وسلاسل الإمدادات. فقد رفعت تركيا مثلا حيازتها إلى 500 طن لتصبح أكبر مشترٍ عالمى للذهب طوال العام، حيث اشترت نحو 103 أطنان من الذهب، كما اشترت 126 طنا فى 2019 وقبيل تفشى وباء كورونا.
لسنا مثل دول الخليج التى تتمتع بالفوائض المالية تجعل التكالب على اكتناز المعدن الأصفر نوعا من الاستثمار الامن، فيجب توفير قنوات محلية تستخدم فيها السيولة والعملة لتقليل إقبال الأفراد على شراء السبائك الذهبية حفاظا على ما تبقى من المدخرات من التآكل فى ظل استمرار تهاوى العملة.
فى كل الأحوال فإن سعر الذهب فى المفترة المقبلة يتوقف على درجة المخاطر فى 2023، وفى المقدمة المخاطر الجيوسياسية، ومخاطر الركود، وقوة الدولار، ومواصلة سياسة التشدد النقدى من قبل البنوك المركزية من عدمه، لأن حدوث انفراجة فى حرب أوكرانيا وتوقف الفيدرالى عن رفع سعر الفائدة، قد يدفعان سعر المعدن الأصفر للتراجع إلى 1500 دولار للأونصة، لكن فتح جبهات جديدة للمواجهة سيعيد البريق للمعدن الأصفر.
هناك تحوطات كبرى تتخذ فى معظم الاسواق العالمية لتفادى ركود تضخمى، العالم يتوقعه ينتج عنه ضغوط شديدة على العملة المحلية وهروب رءوس الأموال والاستثمارات من الأصول الخطرة مثل البورصات وأدوات الدين الحكومية مثل الأذون والسندات، وكذا من العملات المحلية والعملات المشفرة، لتنتقل تلك الأموال إلى الملاذات الآمنة وشبه المضمونة مثل الذهب والدولار، وأحيانا العقارات والأراضى. فتركها دون ضوابط ضار جدا فى وقت أن تصمد وتحافظ على ما معك هى البطولة بعينها.

التعليقات