فنكوش الإمارات والصين - محمد مكى - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 5:23 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فنكوش الإمارات والصين

نشر فى : السبت 11 فبراير 2017 - 9:00 م | آخر تحديث : السبت 11 فبراير 2017 - 9:00 م
ليس عيبا أن تتراجع، العيب كل العيب أن تتمادى وتستمر فى الخطأ، هكذا تعلمنا من السابقين فى الحكم المأثورة التى من الواضح انها لم تصل حكومتنا الرشيدة والحكام الواحد تلو الاخر، فاكثر من مرة طالب خبراء ومتخصصون بالتأنى فى حزمة المشروعات الموصوفة بالكبرى، إما توفيرا للإنفاق فى تلك المرحلة، التى سلمنا لأجهزتنا ان تطلق عليها «اقتصاد حرب» او لعدم التيقن من الجدوى الاقتصادية للكثير منها، التى جعلت البعض من المواطنين يطلق عليها «الفنكوش». فمنذ عالم الطب الكونى عبدالعاطى وجهاز الكفتة الشهير، والصورة الابرز فيما قبل الانتخابات الرئاسية والمعروفة باسم مشروع «المليون وحدة سكنية» وشركة «ارابتك» مرورا بمؤتمر شرم الشيخ وجملة المشروعات ومذكرات التفاهم وفرحة ايامه لم يتحقق منها سوى 6 مليارات ودائع من دول الخليج. لتأتى طامة عزوف الشركات العالمية عن المشروع الذى يسوق له النظام بأنه البناء الثانى للقاهرة «العاصمة الإدارية» فبعد انسحاب محمد العبار المستثمر الإماراتى من المشروع، تم اسناده إلى شركة صينية حكومية تقوم بعمل الإنشاءات فى العاصمة الإدارية الجديدة بعد توقيعات حكومية ممهورة بفرحة كبرى لجذب الصينيين إلى السوق المصرية، وتنوع الاستثمار لنفاجأ الاسبوع الماضى بانسحاب الشركة الصينية ووزارة الاسكان تعلن اسناد المشروعات إلى الشركات المصرية.

مبررات الانسحاب والخروج من المشروع العظيم كانت دراسات جدوى غير واقعية وصعوبة التمويل المساند للبناء، وانهم لم يتوصلا إلى اتفاق نهائى يرضى الطرفين بشأن سعر تنفيذ المتر المربع، مع العلم ان الشركة الصينية (CSCEC) وفرت قرضا بقيمة ثلاثة مليارات دولار لبناء المنشآت الحكومية. وأن الحكومة اكتشفت فجأة أن شركة العاصمة حصلت على سعر أقل من الشركات المصرية من المقدم من الجانب الصينى!! «ما كان من الأول.. شفيق يا راجل»!!.

ليكون السؤال: أليس من الأحرى قبل التفكير فى المشروعات الانتهاء من تلك التفاصيل والتأكد أن العائد المناسب للأنفاق سواء من حيث الوقت الحالى أو المستقبلى، فبعد المليارات التى انفقت فى مشروع التوسعة لقناة السويس تراجعت ايرادات القناة، وقبلها كانت تحذيرات كبرى بضرورة التأجيل بسب حالة الركود فى التجارة العالمية وهو ما تحقق بالفعل، مع الاعتراف الكامل بأن المشروع هو درة السنة الأولى من الحكم الحالى، الذى اعترف فى بداية العام الثالث من ولايته أنه كان يعطى الامل ويرفع الروح المعنوية بتلك المشروعات وفى قلبها شق القناة الذى أخذ ما يقرب من 70 مليار جنيه من اموال المصريين قبل تعويم الجنيه.

ومن الصدف الغربية فى نفس اسبوع انسحاب الشركة الصينية ان تعلن الهيئة الهندسية التى نفذت كثيرا من المشروعات وأصبحت منافسا قويا وكبيرا فى الاعوام الاخيرة، إلغاء مشروع أنفاق السكة الحديد أسفل القناة بعدما أكدت الدراسات الهندسية والفنية ارتفاع تكاليف إنشائها، التى تتعدى 8 مليارات جنيه. والحال كذلك فى كثير من المشروعات فى الاستصلاح الاراضى خبراء المياه يقولون ان المياه غير كافية فى الوقت الحالى لمثل تلك الزراعات، وينطبق الحال على عدد آخر من المشروعات. دون انكار أن مشروعات حدثت فى النقل والطرق والكهرباء تستحق الاشادة والثناء رغم ما اخذته من اموال باهظة.

ومن الواضح ان الاخطاء تتكرر دون تداركها فمن ينسى توقف مشروع القطار المعلق الذى كان من المفروض أن يربط بين العاصمة الادارية والشيخ زايد، والذى بدأته الحكومة مع شركة كندية وتوقف ثم مع صينية وتعثر هو الآخر رغم وجود تمويل مصرفى يقدر بنحو 6 مليارات جنيه.
التجربة تؤكد ان التروى والدراسات الواقعية يجب أن تسبق فرحة الاعلان بالمشروعات، فمن غير المقبول التراجع وكسر خاطر الناس وربط بطونهم بمشروعات تستنزف المليارات والنتيجة فى علم الغيب.. الناس تحتاج أن تعيش وأن يكون معها الأمل أيضا.

الابتعاد عن المشروعات الكبرى، والاهتمام بتخفيف حدة الأوضاع الحالية على المواطنين، أولى فى الوقت الحالى خاصة وأن شعار «الاقتصاد يمر بمرحلة انتقالية والشركات تعيد ضبط أوضاعها» مستمر منذ ست سنوات.

لا يوجد عاقل يرفض المشروعات الطموحة التى أعلنت عنها الدولة لتطوير اقتصاد البلاد وخلق فرص عمل للسكان البالغ تعدادهم 91 مليون نسمة.. نعم مصر تحارب وتبنى وتعمر فى آن واحد، ولا نستطيع أن نؤجل الإعمار ونحارب الإرهاب، ولكن قليل من الرشد والأخذ برأى أهل الاختصاص والخبرة وعدم الاعتماد على طرف واحد، «ترتيب الأولويات» أصبح فرضا وضرورة.
التعليقات