لا أحد يعكر صفو الانتخابات! - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 9:22 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لا أحد يعكر صفو الانتخابات!

نشر فى : الجمعة 12 فبراير 2010 - 9:24 ص | آخر تحديث : الجمعة 12 فبراير 2010 - 9:24 ص

 من المؤكد أن حملة الانتخابات الرياسية فى مصر قد بدأت بالفعل، دون أو قبل الإعلان عنها بصفة رسمية.. وذلك فى غمرة الاحتفالات الصاخبة التى واكبت الفوز ببطولة الأمم الأفريقية والجولات التنفيذية والافتتاحية للمشروعات فى الوجهين القبلى والبحرى. وأعتبر كلام الرئيس مبارك الذى طالب فيه الأحزاب الأخرى بالاستعداد لانتخاب الرياسة، إعلانا مضمرا بعزمه على ترشيح نفسه، دون أن يعلن عن ذلك صراحة. ودون أن يتقدم الحزب الحاكم الذى يرأسه ببيان أو إعلان بأن مرشحه لانتخاب الرياسة عام 2011 هو محمد حسنى مبارك.

وقد ظن الكثيرون من قيادات الحزب الوطنى فى البداية أن مجرد الحديث عن مرشح الحزب لانتخابات الرياسة المقبلة هو «خروج عن الأصول، «لأنه ليس من اللائق أن نقوم بتوزيع إرث واحد عايش!».

وهذا المنطق الذى يعتبر الحكم إرثا وليس مسئولية، والذى تبناه بعض أصحاب الرأى هو أبعد ما يكون عن التفكير الديمقراطى السليم الذى يهيئ الفرصة كاملة لتداول السلطة، ويفتح باب الترشيح والدعوة لمرشح بعينه قبل انتهاء الولاية الشرعية لمن قاربت مدة ولايته على الانتهاء، سواء بالاعتزال أو بإعادة ترشيح نفسه.

إذ من الممكن أن تبدأ المنافسة مع مرشح آخر حتى وهو فى منصبه. وهناك حالات عديدة فى النظم التعددية فى الغرب، طرحت الأحزاب السياسية أسماء مرشحيها وبدأت حملات الدعاية لهم قبل موعد الانتخابات بعدة شهور وربما بأكثر من عام. وفى الانتخابات الفرنسية الأخيرة طرح ساركوزى نفسه مرشحًا للرياسة وحصل على تأييد حزبه، حتى قبل أن يقرر جاك شيراك وهو مازال فى منصب الرياسة ما إذا كان سيعيد ترشيح نفسه لولاية ثالثة، وهو ما يسمح به الدستور الفرنسى، أو يعلن اعتزاله.

وقد انتهى الأمر بترشيح ساركوزى أمام مرشح الحزب الاشتراكى. كما أن حملة أوباما استمرت نحو عامين بينما بوش مازال فى البيت الأبيض لم يغادره.

هو إذن أمر طبيعى أن تبدأ المنافسة حول منصب رئيس الجمهورية وهو لم يزل فى منصبه.

وبالمثل أن تبدأ المنافسة على المقاعد البرلمانية قبل شهور من موعد الانتخابات. وذلك بالاستعداد للمعركة الانتخابية والتربيط مع قواعد الحزب ـ إن كانت له قواعد ـ ومع الهيئات الشعبية والشخصيات المؤثرة فى المجتمع. وربما لا تبدأ الحملة بنفس القوة أو التعبئة التى تشتعل مع اقتراب يوم الانتخابات.

وربما كان هذا ما قصد إليه الرئيس مبارك حين حث الأحزاب المعارضة على الاستعداد لانتخابات الرياسة. أى تنظيم صفوفها والدعاية لبرامجها والاتفاق على المرشح الرياسى الذى يحظى بإجماع أعضائها، وكذلك مرشحيها للدوائر البرلمانية.

ولكن السؤال المحير هو إذا كان الحزب الوطنى نفسه باعتباره الحزب الحاكم، لم يعلن بعد بصفة رسمية عن مرشحه للرياسة، بل وربما لم يستقر بصفة نهائية على مرشحيه بمجلس الشعب والشورى، فكيف يمكن أن نطالب الأحزاب الأخرى بالاستعداد للانتخابات؟!

وعلى الرغم من ذلك فهنك من الدلائل ما يشير إلى أن المعركة الانتخابية بدأت بالفعل، وأن الرئىس مبارك هو مرشح الحزب الوطنى. ويبدو أن تلكؤ الحزب فى إعلان مرشحه هو تلكؤ الواثق بنفسه وبفوزه بعد أن يمهد الأرض بإزالة العوائق والمطبات.

ومن الملاحظ أن أحزاب المعارضة آثرت أن تلعب اللعبة نفسها. فلم تعلن عن مرشحها للرياسة. وفى برنامج تليفزيونى بدا وكأنه استدراج لأهم أحزاب المعارضة الثلاثة، للكشف عن أسماء مرشحيها أو من تظنهم الأصلح للترشيح بعد أن انتهت «هوجة» المرشحين الوافدين من الخارج، البرادعى وزويل وموسى.. بدا أن حزب التجمع لن يقوم على ترشيح أحد كما حدث فى انتخابابات 2005. أما الوفد والناصرى فقد بدا أنهما يريدان كسب الوقت، للتأكد مما إذا كان مرشح الوطنى هو الرئىس مبارك أم غيره؟!

والظاهر أننا اقتربنا كثيرا بالفعل من اللحظة الفاصلة لإطلاق إشارة البدء، بعد أن وجهت أجهزة الأمن ضربتها المفاجئة بحملة اعتقالات جديدة فى عدد من المحافظات، طالت رءوس جماعة الإخوان وقياداتها التى لم تهنأ طويلا بعد انتخابات مكتب الارشاد. وذهبت معظم التأويلات إلى أن الحكومة أرادت توجيه رسالة قاصمة للجماعة قبل الانتخابات، بأن فترة الهدنة التى استمرت نحو ثلاثة أشهر لتمكين الجماعة من إجراء انتخاباتها قد انتهت.

وتستهدف هذه الاعتقالات ليس فقط إلى منع الإخوان من خوض الانتخابات القادمة لمجلس الشورى فى أبريل ومجلس الشعب فى سبتمبر، بل وإلى جانب ذلك عرقلة تحركاتهم الشعبية وسط الجماهير أو تحالفاتهم مع أحزاب المعارضة. وبعبارة أخرى لتنقية الأجواء الانتخابية مما يعكر صفو الحزب الوطنى، حتى يتم «طبخ» الانتخابات البرلمانية ثم الرياسية على نار هادئة.

لا يهم نظام الحزب الوطنى فى مصر استبعاد قطاع أو فئة واسعة من فئات الشعب من المشاركة السياسية. ولا يهم بعد ذلك إذا وصفت هذه الانتخابات بأنها ديمقراطية أو نزيهة أو أقل ديمقراطية ونزاهة. فالانتخابات فى مصر من نوع خاص لا تنطبق عليها التعريفات العالمية المتداولة. ومن أجل هذا كان لابد أيضا من تطهير المجلس القومى لحقوق الإنسان من العناصر الليبرالية التى يمكن أن تعبر عن رأيها بصراحة فيما يتبع من انتهاكات لحقوق الإنسان لكى يتحول إلى جهاز حكومى مائة فى المائة. وبهذه الطريقة يكون إجراء الانتخابات أكثر سهولة، سواء شاركت أحزاب المعارضة أم لم تشارك فيها.

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات