فى ساحات السودان «كنداكات» - صحافة عربية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 11:44 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى ساحات السودان «كنداكات»

نشر فى : الجمعة 12 أبريل 2019 - 11:45 م | آخر تحديث : الجمعة 12 أبريل 2019 - 11:45 م

نشرت جريدة المغرب التونسية مقالا للكاتبة «آمال قورامى» تناولت فيه أسباب مشاركة السودانيات فى المظاهرات السودانية ووعيهم بالحياة السياسة فى السودان وكيف كان صوت المرأة السودانية على مر التاريخ.
ظل الرأى العام العالمى منذ انطلاق الاحتجاجات فى ديسمبر الماضى 2018، حذرا إزاء ما يحدث فى السودان. فليس كل من رفع شعار «فليسقط النظام» بقادر على ترسيخ الفعل الثورى. ولذلك لم تتحمس أغلب وسائل الإعلام لمتابعة التجربة السودانية ولم يكتب أغلب المثقفين عن الموضوع ولم يكترثوا بالأمر ولم يحاولوا فهم خصوصية الواقع السودانى. غير أن طبيعة الحراك الشعبى فى اليومين الأخيرين، فرضت على متابعى الشأن العام فى المنطقة، الاهتمام بما يجرى هناك لاسيما بعد اتخاذ بعض القيادات العسكرية يوم 6 إبريل، والعهدة على الرواة، قرار حماية المحتجين السلميين من اعتداءات الشرطة عليهم وتضاعف عدد المشاركين فى «الاعتصامات» أمام القيادات العامة للجيش فى عدة مدن.
ومثل خروج النساء بأعداد كبيرة وتصدرهن «منابر الخطابة» وتحفيزهن للجماهير ومطالبتهن بإسقاط النظام وتحرير المعتقلين ونشرهن فيديوهات للتعبئة وبوجه مكشوف علامات فارقة فى مسار التجربة السودانية. فقد أثبتن أنهن قادرات على التخطيط للاحتجاجات وقيادتها ودفع الثمن فلا غرابة أن تعتقل المدافعات عن حقوق الإنسان منذ الأشهر الأولى.
وتفسر مشاركة السودانيات فى الاحتجاجات منذ اندلاعها، بأنهن كن أكثر المتضررات من نظام قمعى صادر حرياتهن وعاملهن على أساس أنهن يمثلن «نصف إنسان» بل إنه تعمد إذلالهن من خلال الرجم والجلد والتحكم فى أجسادهن وحيواتهن. ولهذه الأسباب والوشائج القوية بين بنية النظام السياسى وبنية المجتمع البطريكى كان خروج الفتيات والنساء للمطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية فعلا ثوريا مشروعا. ويمكن أن نفسر مشاركة السودانيات فى الحراك الشعبى بإفادتهن من الثورات السابقة والأدوار التى اضطلعت بها النساء من كل الأعمار والأيديولوجيات والإثنيات.
غير أن المطلع أو المطلعة على تاريخ الحركة النسائية السودانية (1940 ــ 1960) سرعان ما ينتبه إلى أن خروج «الكنداكات» (الملكات) خلال هذه السنة ليس مفاجئا أو صادما وكذا ترديدهن للأغانى والأشعار الحماسية. فقد كان صوت المرأة على امتداد تاريخ السودان ما قبل الاستعمارى «معبرا عن الفاعلية». وكانت الفتيات والنساء ذوات منزلة رفيعة يتمتعن بسلطة وامتيازات داخل القبائل التى كانت تلقبهن بـ«الكنداكات» فهن الملكات والأميرات. أما بعد الاستقلال فقد انتزعت السودانيات مجموعة من الحقوق السياسية فكانت أول نائبة فى البرلمان فاطمة أحمد إبراهيم سنة 1964 وبرزت قيادات فى الحزب الشيوعى. أما الحقوق الاقتصادية فقد تمثلت فى حصول النساء على الأجر المتساوى مع الرجل، ومشاركتهن الفعالة فى دورة الاقتصاد من خلال امتلاك الأراضى والإشراف على زراعتها. وكانت السودانيات من أوائل القاضيات على الصعيد العربى.
ولم يتدهور وضع السودانيات إلا بعد بروز الأصولية الإسلامية سنة 1989 مما دفع فئة منهن إلى الهجرة إلى أوروبا بينما ظلت أخريات يقاومن. وازداد قمع النساء انطلاقا من سنة 1996 إذ صدرت القوانين التى تمنع الاختلاط وتصادر حقوق السودانيات فى العمل فى بعض القطاعات كالفنادق والمطاعم وصالونات الحلاقة.. وتفصل بين الجنسين فى وسائل النقل وفى عديد المؤسسات وهكذا منعت الجمعيات النسائية من النشاط وبدأ تطبيق أحكام الشريعة على المتمردات صاحبات «البنطالونات».
تدرك السودانيات وفئة من السودانيين اليوم أن مسار التغيير شاق وطويل وأن إرباك بنية المجتمع الذكورى عسير وأن الإمكانات محدودة فى تكريس المنشود. ويعلم السودانيون والسودانيات أن التراتبية قد حكمت مسار الثورات وأن الفرز قد تحقق بين الموجة الأولى للثورات والموجة الثانية وبين الثورات التى أطاحت بالرؤساء بسرعة والثورات التى تعثر مسارها، ويعرف هؤلاء أن التدخل الأجنبى صار حقيقة لا مرية فيها ولذلك فإنهم يخططون بدقة ويضعون البدائل ويعملون بصمت وسرية ويسعون إلى تحقيق المراد بكل عزم من قال إن الشعب السودانى ليس مسكونا بحلم التغيير والتحرر من قيود الذل؟

التعليقات