شيطنة المالك والمستأجر - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الثلاثاء 13 مايو 2025 3:15 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

شيطنة المالك والمستأجر

نشر فى : الإثنين 12 مايو 2025 - 8:45 م | آخر تحديث : الإثنين 12 مايو 2025 - 8:45 م

حكايات تروى، وقصص تحكى، عن العلاقة بين المالك والمستأجر فى قانون الإيجار القديم، يصل بعضها إلى حد الأساطير عن شقق يمرح فيها الخيل ولا يحصل ملاكها إلا على قروش معدودات، لا تكفى لتنظيف بئر السلم، من مستأجرين ظلمة، يغلقون شققا مؤجرة ولا ينتفعون بها، بعد أن أصبحوا مع مرور الزمن ملاكا لوحدات سكنية، وربما لعمارات فى مدن جديدة، فهل يستقيم الوضع؟! 

 


فى المقابل هناك من يستشهد بحالات لمستأجرين يعانون شظف العيش، مع تدهور أوضاعهم الاقتصادية فى ظل موجات الغلاء المتتالية، خاصة فى السنوات الأخيرة، ولا ينسى هؤلاء استدعاء زمن دفع «خلو الرجل» أو «مقدمات» بآلاف الجنيهات لملاك جنبتهم الاقتراض من البنوك بفوائد مرتفعة.. ألا يحق لهؤلاء المستأجرين البقاء فى بيوتهم التى ساهموا فى بنائها، وألا يتم طردهم خلال خمس سنوات إلى الشارع؟!
وجهات نظر وجدل لن ينتهى، بعد تقدم الحكومة بمشروعى قانونين إلى مجلس النواب بشأن العلاقة بين المالك والمستأجر فى قانون الإيجارات القديم تنفيذا لحكم المحكمة الدستورية العليا فى نوفمبر 2024 بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادتين الأولى والثانية فى قانون الإيجار القديم الصادر فى عام 1981، بشأن ثبات القيم الإيجارية السنوية للأماكن المرخص إقامتها لأغراض سكنية، ودعوتها مجلس النواب إلى تعديلها قبل انتهاء الفصل التشريعى الحالى.
بعد حكم المحكمة الدستورية العليا صار لزاما على مجلس النواب، التصدى لتغيير علاقة استقرت لسنوات طويلة بين ملاك ومستأجرين، وظل الحديث عنها يراوح مكانه، من دون الاقتراب منها خشية تداعياتها على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية فى لحظة تاريخية صعبة يخشى معها حدوث انقسامات مجتمعية لا يرغب أحد فيها.
ولمزيد من فهم القضية ليس أفضل من الأرقام التى استعرضها اللواء خيرت بركات، رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أمام اللجنة المشتركة من لجان الإسكان، والإدارة المحلية، والشئون الدستورية والتشريعية فى مجلس النواب، بشأن الإيجار القديم طبقا لإحصاء عام 2017.
وفقا لتلك الإحصاءات فإن إجمالى عدد الوحدات بنظام الإيجار القديم، يتجاوز 3 ملايين وحدة سكنية وغير سكنية،  بينها 1.879 مليون مخصصة للسكن، و575 ألفا للعمل، و9307 للسكن والعمل، فيما يبلغ عدد الأسر المستفيدة من الإيجار القديم 1.642 مليون أسرة بمتوسط  يفوق ٦ ملايين شخص. 
بالطبع فإن ملاك هذه الوحدات يقدرون هم أيضا بالملايين، على اعتبار أن الوحدة قد تكون مملوكة لأكثر من شخص، وهو ما يجعلنا ندور فى فلك علاقة  بين ملايين ملاك ومستأجرين مصريين لا يجب شيطنة بعضهم أو اتهام البعض الآخر منهم بأنه ظالم لا يقبل تطبيق العدل، ويحرم ملاك وحدات سكنية تقدر أسعارها بملايين الجنيهات حاليا، من إيجار عادل يضمن لهم العيش الكريم. 
لا أحد يقبل بعلاقة غير متوازنة بين ملاك ومستأجرين، ولكن لا أحد يقبل أيضا بتهديد استقرار ملايين الأسر التى كانت قيمة إيجاراتها استثمارا جيدا للملاك يوما ما، وإلا ما أقدموا على البناء والتأجير وفق سعر السوق فى حينها. لا نريد مبالغات من بعض المتحدثين باسم الملاك بشأن الحد الأدنى للقيمة الإيجارية، أو التهويل من بعض المستأجرين حول طردهم إلى الشارع. نريد  نقاشا موضوعيا بين جميع الأطراف حتى نصل إلى بر الأمان فى قضية شائكة ومعقدة.
 نريد، كما قال رئيس مجلس النواب المستشار الدكتور حنفى جبالى، أوسع نقاش وبشفافية «حتى تتبلور رؤية تشريعية متكاملة تضمن السلم المجتمعى وتحقق العدالة بين جميع الأطراف دون انحياز، وبما يحقق الصالح العام ويرضى ضمير الوطن والمواطن».
لا نريد شيطنة الملاك ولا نعت المستأجرين بالظالمين، فكلا الطرفين يواجهون معا ظروفا وتحديات صعبة، وننتظر من الحكومة تحمل مسئوليتها ومن مجلس النواب الوصول إلى رؤية «تضمن السلم المجتمعى» وفقا لتعبير المستشار جبالى.

 

التعليقات