فتنة «إمارة الخليل» - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الثلاثاء 8 يوليه 2025 7:40 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

من أفضل فريق عربي في دور المجموعات بمونديال الأندية؟

فتنة «إمارة الخليل»

نشر فى : الإثنين 7 يوليه 2025 - 8:50 م | آخر تحديث : الإثنين 7 يوليه 2025 - 8:50 م

تسعى إسرائيل ليل نهار إلى تصفية القضية الفلسطينية، تارة باغتيال القادة، وتارة أخرى باستمالة العملاء، وبينهما بسياسة التدمير الشامل لكل بقعة فلسطينية، سواء فى الضفة الغربية أو قطاع غزة، أملًا فى التخلص من الشعب الفلسطينى، إما بالقتل أو بالتهجير القسرى، مع الاستمرار فى التوسع الاستيطانى، وعزل الفلسطينيين فى كانتونات غير قابلة للحياة، بما يقضى على أى فرصة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

 


آخِر المحاولات الإسرائيلية على طريق تصفية القضية الفلسطينية، ما يمكن أن نسميه «فتنة إمارة الخليل»، فى جنوب الضفة الغربية، والتى يقودها المدعو وديع الجعبرى، الذى قدم، بمشاركة أربعة آخرين، بحسب تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، رسالة إلى وزير الاقتصاد الإسرائيلى نير بركات، يعربون فيها عن رغبتهم فى توقيع «اتفاقية سلام» مع إسرائيل، والانفصال عن السلطة الفلسطينية، وإقامة إمارة عشائرية مستقلة.
وبحسب نص الرسالة، فإن إمارة الخليل ستعترف بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودى.. وستعترف دولة إسرائيل بإمارة الخليل كممثل للسكان العرب فى منطقة الخليل، مع إعلان نية الإمارة المقترحة الانضمام إلى الاتفاقيات الإبراهيمية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل!
لكن من هو وديع الجعبرى، الذى تستخدمه إسرائيل كأداة جديدة لشق الصف الفلسطينى؟ يقول أحد الباحثين الفلسطينيين إن «الجعبرى يعمل مقاولًا داخل الأراضى المحتلة، وإن لقاءاته مع مسئولين إسرائيليين، وعلى رأسهم وزير الاقتصاد، جاءت فى سياق سعيه للحصول على تصاريح عمل لعماله، متجاوزًا بذلك التنسيق الرسمى مع السلطة الفلسطينية».
مهنة وديع الجعبرى كمقاول أنفار تفسر اقتراحه بالسماح بدخول ألف عامل من الخليل للعمل فى إسرائيل، ثم خمسة آلاف آخرين لاحقًا، ليصل العدد فى نهاية المطاف إلى خمسين ألف عامل أو أكثر، بالتنسيق مع الوزير الإسرائيلى نير بركات، فى ظل وعود بإنشاء منطقة اقتصادية مشتركة.
صحيفة «وول ستريت جورنال» نقلت أيضًا عن مصدر إسرائيلى رفيع أن «رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو كان داعمًا بحذر لفكرة إمارة الخليل، منتظرًا ليرى كيف ستتطور هذه المبادرة».
وفى تحرك سريع لوأد فتنة الجعبرى، تبرأت عشائر الخليل من مقترح إقامة «إمارة عشائرية» فى المحافظة، وأكدت التزامها بالثوابت الوطنية الفلسطينية. كما أصدرت عائلة الجعبرى بيانًا رسميًا أكدت فيه أن وديع الجعبرى لا يمثّل العائلة، ولا تربطه بها أى صلة شرعية أو اعتبارية، وأشارت إلى أن وديع يقيم خارج مدينة الخليل، داخل الأراضى المحتلة، ما يفقده أى ارتباط فعلى أو معنوى بالعائلة وقضاياها الوطنية.
ولم يكتفِ بيان عائلة الجعبرى بإعلان البراءة من المدعو وديع، بل جاء فيه: «لن نسمح لأى جهة ضالة أو مدفوعة بأجندات مشبوهة أن تنطق باسم العائلة أو تستغل اسمها لتحقيق مصالح خاصة. وسنواجه هذه المحاولات بكل حزم، ولن نتردد فى اتخاذ الإجراءات القانونية والاجتماعية المناسبة لحماية اسم العائلة وسمعتها».
المساعى الإسرائيلية المحمومة لزرع الفتنة فى الخليل لا تنفصل عن العريضة التى وقعها قبل أيام وزراء فى الحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو، تدعو إلى ضم الضفة الغربية المحتلة، وتطبيق السيادة على مستوطناتها قبل عطلة البرلمان «الكنيست» فى نهاية الشهر الجارى.
وقد جاءت هذه الدعوة قبيل لقاء نتنياهو مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى واشنطن، وقال موقعوها إن هجوم السابع من أكتوبر 2023 «أثبت أن فكرة إقامة تجمعات يهودية ودولة فلسطينية جنبًا إلى جنب تشكل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل».
فتنة إمارة الخليل ليست سوى ورقة مكشوفة لفرض قيادة فلسطينية بديلة، على غرار مجموعة ياسر أبوشباب فى قطاع غزة، الذى أهدرت الفصائل الفلسطينية دمه، باعتباره وعصابته أداة فى يد الاحتلال الإسرائيلى لتأدية أدوار أمنية قذرة على الأرض.
الرهان الإسرائيلى على «إمارة الخليل» يتوقع كثيرون له الفشل، حتى فى الدوائر الأمنية الإسرائيلية، التى تخشى من أن تؤدى هذه المحاولة إلى فوضى على الأرض، فيما يرى عدد من المحللين أن الفكرة ستموت على يد العشائر الفلسطينية قبل أن تولد.

التعليقات