‎عبد الخالق حسونة وتحديات الجامعة العربية - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
السبت 14 يونيو 2025 6:27 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

ما توقعاتك لمعارك إسرائيل مع إيران؟

‎عبد الخالق حسونة وتحديات الجامعة العربية

نشر فى : الإثنين 9 يونيو 2025 - 8:55 م | آخر تحديث : الإثنين 9 يونيو 2025 - 8:55 م

قبل سبعة عقود وتحديدا، 22 مارس 1945، تأسست جامعة الدول العربية بموجب ميثاق وقّعت عليه سبع دول عربية هى: مصر، العراق، الأردن ، لبنان، السعودية، سوريا، واليمن، كخطوة لتوحيد الجهود العربية فى مواجهة التحديات السياسية، وتعزيز التعاون فى المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.

‎ ومنذ سنوات التأسيس الأولى وحتى اليوم مرت الجامعة بفترات مد وجزر حول مفهوم العمل العربى المشترك خاصة على صعيد التطبيق العملى، ولم تخل تلك السنوات الطويلة من انقسامات حادة بفعل خلافات عاصفة، فى ملفات عدة وخصوصا فى قضية الصراع العربى مع إسرائيل، فضلا عن الخلافات الثنائية بين هذه الدولة العربية وتلك سواء فى المشرق أوالمغرب.
‎ وفى الأيام الأخيرة تحولت الجامعة العربية ودورها فى العمل العربى المشترك إلى مادة  للنقاش والتجاذب عقب حديث عن خلافة أمينها العام السيد أحمد أبو الغيط الذى ستنتهى ولايته فى 30 يونيو 2026،  وتقارير غير مؤكدة رسميا عن ترشيح شخصية مصرية كبيرة لهذا المنصب الرفيع، وتمادى البعض فى طرح أفكار غريبة عن نقل مقر الجامعة من القاهرة إلى دول عربية أخرى.

‎دفعنى النقاش الدائر بشأن الجامعة العربية إلى العودة إلى كتاب مرجعى مهم صدر قبل أشهر قليلة عن دار الشروق، حمل عنوان «اتفاقات وخلافات العرب.. كما عايشها عبد الخالق حسونة» الأمين العام الثانى للجامعة العربية، من تأليف نجله السفير والدبلوماسى المرموق الدكتور حسين عبد الخالق حسونة، وحرره زميلنا الكاتب الصحفى خالد أبو بكر.

‎الكتاب ليس سيرة ذاتية كتلك المتعارف عليها من الكتابات التى تمتدح صاحب السيرة أوتتغاضى عن بعض العثرات، لكنه تأريخ موضوعى لعقدين من الزمان قضاهما محمد عبد الخالق باشا حسونة المولود فى 28 أكتوبر 1898 على رأس  جامعة الدول العربية أمينا عاما فى السنوات من 1952  وحتى 1972، وهى فترة شهدت خلالها المنطقة العربية، كما يقول المؤلف، تحولات تاريخية وأحداثا جساما، انعكست على مناخ العلاقات العربية - العربية أو العربية مع العالم.

‎فمنذ استدعاء اللواء محمد نجيب، عبد الخالق باشا حسونة فى 7 سبتمبر 1952، عارضا عليه أن يكون مرشح مصر لشغل منصب أمين عام جامعة الدول العربية، خلفا للسيد عبد الرحمن عزام، ومرورا بانتخابه بالإجماع فى 14 سبتمبر 1952، وحتى ترك موقعه فى أول يونيو عام 1972، عاصر ثانى أمين عام للجامعة  العربية العديد من الأزمات والخلافات التى كادت تعصف بكيان الجامعة ذاته.

‎يقول السفير حسين عبد الخالق حسونة أن المبدأ الذى حرص والده على التزام الجامعة به دائما هو» ضرورة حل الخلافات بين الأعضاء داخل نطاق الجامعة العربية وعن طريق أجهزتها وليس فى إطار خارجى عن طريق وسائل دولية أخرى، وذلك تأكيدا على دور الجامعة العربية كمنظمة إقليمية قومية وحصر الخلاف بين أطرافها منعا للتدخل الخارجى واتساع دائرة الخلاف«.


‎خلال فترات الضعف والانكسار عادة ما يصب البعض جام غضبه على الجامعة العربية، وكأنها المسئول عن الأزمات التى تواجه العرب مجتمعين، أو كل طرف على حدة، على رغم أن الجامعة ما هى إلا انعكاس لمجموعة الإرادات العربية، وتعبيرا عن قدرة العرب على تجاوز خلافاتهم وأزماتهم أو تعميقها.


‎السفير حسين حسونة، يقول أيضا، فى كتابه الذى حظى بطبعة أنيقة من دار الشروق، كعادة الكتب الصادرة عنها، إن رجال ثورة يوليو 1952 وخاصة محمد نجيب وجمال عبد الناصر بدا عليهما الاهتمام بدور جامعة الدول العربية وإمكانياتها، لكن اهتمامهما كان مسايرا للشعور العربى العام الذى يلقى بمسئولية  الفشل العربى فى فلسطين على الجامعة العربية، كأنما الجامعة قوة مستقلة فوق الأوضاع العربية تملك القوة على تحويل عجزهم إلى إرادة غالبة.


‎الكتاب يحفل بمحطات عدة فى مسيرة عبد الخالق حسونة، دبلوماسيا، ومحافظا للإسكندرية فى أصعب فترات الحرب العالمية الثانية، ثم توليه وزارة الخارجية، قبل أن يتبوأ مقعد الأمين العام لجامعة الدول العربية فى 1952، حيث عاصر فترات «التشرذم العربى» التى أعقبت العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، وصولا إلى خروجه من الجامعة العربية فى مطلع يونيو1972.

وفى نهاية هذه السطور القليلة، تبقى التحية واجبة لزميلنا خالد أبو بكر، حيث نجح محرر الكتاب مع مؤلفه فى تقديم «سيرة غيرية» موثقة لعبد الخالق حسونة، «لا كتابا عائليا» عنه، اعتمادا على الوثائق السرية والعلنية لسنوات تواجده فى وزارة الخارجية والجامعة العربية، لنتعرف على مسيرة «شخصية استثنائية بحق» كما وصفه السيد أحمد أبو الغيط فى تقديمه لهذا الكتاب الذى أضاف الكثير للمكتبة العربية.

التعليقات