تأجيل زيارة بايدن خيَّب أمل إسرائيل - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 12:39 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تأجيل زيارة بايدن خيَّب أمل إسرائيل

نشر فى : الأحد 12 يونيو 2022 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 12 يونيو 2022 - 8:57 م
أفينوعام بار يوسف
أثار إعلان الإدارة الأمريكية تأجيل زيارة الرئيس الأمريكى جو بايدن لإسرائيل شعورا بخيبة الأمل والإحباط والردود القوية. سيحضر، لن يحضر؟ هل أُلغيت الزيارة عموما بسبب وضع الائتلاف الكئيب؟ وكان فى إسرائيل من قال إن التأجيل ناجم عن وضع العلاقات السيئة بين الرئيس الأمريكى وهؤلاء الذين يخشون إمكان عودة نتنياهو قريبا إلى كرسى رئاسة الحكومة واستقباله له.
يبدو أن الجميع كان على خطأ. فإن البيان الرسمى الصادر عن البيت الأبيض يكشف الورطة المعقدة التى تواجهها الإدارة الأمريكية ليس فقط فى المسائل التى ذُكرت أعلاه: ضم الشرق الأوسط إلى رحلة الرئيس الأمريكى إلى أوروبا التى تشمل قمة الـ G7 لزعماء الدول الصناعية فى جبال الألب الألمانية وقمة الناتو فى إسبانيا، سيثقل كاهل الرئيس الذى ليس فى أوج سنوات عطائه.
بالإضافة إلى ذلك فإن هاتين القمتين تتطلبان إعدادا دقيقا وتجديدا للسياسة الأمريكية ليس فقط إزاء الدول المشاركة، بل أيضا إزاء الموضوعات المطروحة على جدول المحادثات الجانبية مع كل من الزعماء المشاركين فى القمة.
• • •
الشرق الأوسط هو مشكلة منفصلة تتطلب إعدادا منفصلا. إسرائيل التى تعودت أن تكون فى مركز الاهتمام يجب أن تتعود على أنه نتيجة الوضع الناشئ، فإنها باتت بصعوبة تشكل محطة على الطريق إلى عاصمة السعودية الرياض. قد تكون محطة مريحة بالنسبة إلى بايدن الذى هو فى الأساس صديق حقيقى، لكن إسرائيل اليوم لا تشكل ثقلا فى جدول الأعمال الأمريكى. فالأعين موجهة إلى احتياطات النفط السعودية، التى من دونها ستضطر أوروبا إلى الاستمرار فى استيراد الوقود الروسى وبهذه الطريقة ستموّل بصورة غير مباشرة استمرار الحرب ضد أوكرانيا.
فى مقال نشرته مؤخرا مجلة «أتلانتيك» أشار السفير دنيس روس الذى كان رئيسا لشعبة التخطيط فى الإدارة الأمريكية ومستشارا لخمسة رؤساء أمريكيين، إلى أربعة دروس يجب تعلّمها من استمرار الغزو الروسى لأوكرانيا: عدم تراجع أهمية القوة العسكرية والاستعداد لاستخدامها؛ الحدود المتفق عليها ليست مقدسة وقابلة للتغيير حتى فى القرن الحادى والعشرين؛ المساعى الرامية إلى محو الأمم لم تختفِ من هذا العالم؛ النزاعات والمنافسات بين الدول الكبرى ستستمر فى الظهور فى الملعب الدولى.
يجب أن نضيف إلى ذلك حكمتين: الأولى، لم تؤدِ العولمة إلى إلغاء المشاعر القومية لشعوب تجد صعوبة فى المحافظة على طابعها الخاص. والثانية، على الرغم من الإرادة الأمريكية فى إظهار تفوقها فى مجال القيم، فإن خريطة المصالح يمكن أن تفرض تنازلات أخلاقية لم تكن مقبولة قبل تطور التهديد الروسى.
يمكن الافتراض أيضا أنه فى إطار إعداد أوساط بايدن لزيارته إلى الشرق الأوسط جرى البحث فى الوضع السياسى المعقد فى إسرائيل. والتوجه الطبيعى هو تأييد الائتلاف القائم على افتراض أنه سيكون أكثر ملاءمة للإدارة الأمريكية. لكن الحكماء فى الإدارة ذكّروا هؤلاء الذين يريدون التدخل لمصلحة المعسكر المعادى لنتنياهو بإخفاقات الماضى فى تحويل الرأى العام فى إسرائيل.
بعد اغتيال رئيس الحكومة يتسحاق رابين تجندت الإدارة الأمريكية لمصلحة فوز شمعون بيرس فى انتخابات 1996. وما الذى لم تفعله هذه الإدارة من أجل تعزيز قوته؟ فقد تعهدت بتزويد إسرائيل بمنظومة مضادة لصواريخ الكاتيوشا التى كانت تُطلق من الأراضى اللبنانية وجعلت حياة سكان المستوطنات الشمالية كابوسا، وقبلت طلب أوساط بيرس إرسال رائد إسرائيلى إلى الفضاء (الذى اختير لهذه المهمة كان إيلان رامون الذى توفى جرّاء تحطم المكوك الفضائى كولومبيا فى سنة 2003)، وعلى الرغم من ذلك فإن وضع بيرس فى استطلاعات الرأى لم يتألق. ومن يتحمل المسئولية هو ياسر عرفات الذى صعّد من الهجمات «الإرهابية» ضد الإسرائيليين خلال المعركة الانتخابية.
خسر بيرس الانتخابات. ولاقت الإدارة الأمريكية صعوبة فى استيعاب النتائج. لم يصدقوا أن نتنياهو انتصر. فور ظهور النتائج تلقيت اتصالا من شخصية رفيعة المستوى فى الإدارة كان يبحث يائسا عن معلومات عن الشخص الذى كان مجهولا فى تلك المرحلة من الإدارة الأمريكية فقال لى: «الرئيس يريد منى الاستعداد والذهاب إلى الاجتماع مع بيبى. هل لديك أى اقتراحات؟» اقترحت عليه كجزء من التحضيرات قراءة الكتاب الذى كتبه رئيس الحكومة الشاب بعنوان «رسائل يونيو» (مجموعة الرسائل التى كتبها يونى نتنياهو إلى عائلته وأصدقائه وجمعها بنيامين نتنياهو فى كتاب).
بايدن ليس بحاجة إلى التعرف على شخصية نتنياهو. فالاثنان قضيا سنوات شبابهما فى واشنطن وكانا من أكثر الشباب الواعدين فى العاصمة الأمريكية. عندما عُيّن نتنياهو نائبا للسفير موشيه أرينز كان بايدن سيناتورا شابا ومن مؤيدى المشروع الصهيونى. والاثنان يعرفان بعضهما الآخر وتبادلا الكثير من الأحاديث. لكن من المشكوك فيه أن هذا سيساعد نتنياهو، كما أنه من المشكوك فيه أن عدم إعجاب بايدن بنفتالى بينت يمكن أن يؤذيه. الذى يحدد قبل كل شيء هو المصلحة الأمريكية والتعاطف الأساسى مع إسرائيل ومع إنجازاتها.
• • •
لقد أعلن بايدن رغبته فى زيارة إسرائيل قبل أن تبرز الحاجة إلى زيارة الرياض. وكان من الممكن أن تكون زيارة ودية لحكومة صديقة. والتوقيت كان ملائما لأنه جاء مع جمود المفاوضات فى فيينا على اتفاق نووى جديد مع إيران. من المحتمل جدا أنه فى ضوء وضع الائتلاف الصعب، والمحاولات الأمريكية فى الماضى للتدخل فى السياسة الإسرائيلية، تخلى اليوم عن هذه المتعة.
لكن الحياة لعبة معقدة. الولايات المتحدة بحاجة إلى زيادة إنتاج آبار النفط السعودية من أجل خفض الاعتماد الغربى على الوقود الروسى. والسعوديون يطالبون بثمن: هم يطالبون بشرعية ولى العهد السعودى محمد بن سلمان الذى تعاملت معه الإدارة الأمريكية الديمقراطية ببرودة بعد اغتيال الصحفى السعودى جمال خاشقجى فى تركيا. وهذا ليس ثمنا بسيطا بالنسبة إلى الإدارة التى تتبنى سياسة الدفع قدما بحقوق الإنسان. لكن الصراع ضد روسيا يمكن أن يجبرها على التنازل والموازنة بين الأخلاق والمصالح.
لا يرغب بايدن بزيارة الرياض من دون أن يتوقف فى محطة مرحلية فى إسرائيل. فقد تعلّم من تجربة أوباما أن زيارة الرياض وتخطى إسرائيل كلفه خسارة الثقة ليس فى إسرائيل فقط، بل أيضا وسط اليهود فى أمريكا. ومع خسارته لهذه الثقة تآكلت أيضا قدرة أوباما على التأثير، وهذا الأمر لن يسمح بايدن بتكراره فى هذا الوقت الذى اتضح أن أمريكا غير قادرة حاليا على التخلى عن الشرق الأوسط.
حتى استكمال الانتقال إلى طاقة جديدة يمكن أن يمر عقدان على الأقل، الأمر الذى يعزز المصالح الأمريكية فى الشرق الأوسط. لذلك إذا توصل المسئولون فى الإدارة الأمريكية إلى تفاهمات مع الرياض بشأن ولى العهد السعودى يمكن الافتراض أن زيارة إسرائيل لن تلغى لكن أهميتها تظل غير مؤكدة.
معلق سياسى
معاريف
مؤسسة الدراسات الفلسطينية
التعليقات