موجة الانقلابات العسكرية فى أفريقيا.. وسبب الترحيب الشعبى بها - قضايا إفريقية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:41 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

موجة الانقلابات العسكرية فى أفريقيا.. وسبب الترحيب الشعبى بها

نشر فى : الأحد 13 فبراير 2022 - 8:15 م | آخر تحديث : الأحد 13 فبراير 2022 - 8:15 م
نشر موقع defenceWeb مقالا للكاتب أولوسيغون أكينفينوا فى 7 فبراير 2022، أجاب الكاتب فى مقاله عن تساؤلات الكثير منا حول سبب الانقلابات العسكرية الكثيرة فى أفريقيا الفترة الأخيرة ولماذا الآن. والأهم سر الترحيب بهذه الانقلابات من جانب المدنيين والمدنيات. أخيرا، ذكر الكاتب ما يجب على المجتمع الأفريقى فعله حيال هذه الاضطرابات السياسية المتكررة... نعرض من المقال ما يلى:
خلال الأشهر الـ 18 الماضية، شهدت أفريقيا ستة انقلابات، كان آخرها فى بوركينا فاسو فى 24 يناير الماضى، مما أدى إلى إحياء النقاش بشأن عودة ظهور الحكم العسكرى فى العديد من الدول الأفريقية.
وفى حين أنه من المثير للقلق حدوث العديد من الانقلابات فى مثل هذه الفترة القصيرة، إلا أن القلق الأكبر من احتفال مواطنى ومواطنات تلك البلدان ترحيبا بالمجلس العسكرى الذى أطاح بحكوماتهم المدنية المنتخبة.
• • •
بدأ كل شىء فى مالى فى أغسطس 2020. وفى مارس 2021، حدث انقلاب فاشل فى النيجر. فى هذه المرحلة، حذر المحللون من أن الانقلابات معدية ويمكن أن تمتد إلى دول أخرى وذلك ما حدث بالفعل.
فبحلول أبريل 2021، حدث انقلاب فى تشاد بعد مقتل الرئيس إدريس ديبى وحل محله ابنه فى تجاهل تام لدستور البلاد.
مرة أخرى، فى مالى، فى 24 مايو 2021، كان هناك أفضل ما يمكن وصفه بأنه «انقلاب داخل انقلاب» عندما أسقط الجيش حكم الرئيس الانتقالى باه نداو ورئيس وزرائه مختار أوان.
أما بحلول سبتمبر 2021، كانت غينيا على موعد مع تجربتها الخاصة بعد الإطاحة بالرئيس ألفا كوندى من قبل ضابط عسكرى كبير. وفى أكتوبر 2021، جاء دور السودان عندما أطاح ضباط الجيش بقيادة الجنرال عبدالفتاح البرهان برئيس الوزراء عبدالله حمدوك.
ثم قبل أيام قليلة، انضمت بوركينا فاسو إلى القائمة بعد أن أطاح المجلس العسكرى بقيادة بول هنرى ساندوجو داميبا بحكومة روش مارك كريستينا كابورى. هذا الانقلاب بالتحديد يزيد القلق من أن يكون عام 2022 أكثر دراماتيكية.
أظهرت دراسة أنه بين عامى 1956 و2001، شهدت أفريقيا جنوب الصحراء 80 انقلابًا ناجحًا و108 محاولات انقلاب فاشلة، وهو ما يمثل تقريبا أربع محاولات انقلاب فى العام. ومع ذلك، شهد العقدان الماضيان انخفاضًا كبيرًا حيث اعتنقت المزيد من الدول الأفريقية الحكم الديمقراطى.
ولكن مع زيادة محاولات الانقلاب فى الأشهر القليلة الماضية، يمكن أن ينتشر وباء الانقلابات إلى العديد من البلدان إذا لم يفعل القادة الأفارقة ما هو ضرورى وأعادوا النظر فى أسلوب قيادتهم.
• • •
نتساءل جميعا لماذا هناك الكثير من الانقلابات ولماذا الآن؟. يمكن العثور على الإجابة فى «الديمقراطية الزائفة» التى تمارس فى معظم البلدان الأفريقية. الديموقراطية الزائفة هى مصطلح يطلق على نظام سياسى يقدم نفسه على أنه ديمقراطى ولكنه لا يستخدم عناصر ديمقراطية حقيقية مع المواطنين والمواطنات.
بكلمات أخرى، أظهر استطلاع حديث أن العديد من الأفارقة فقدوا الثقة فى الأنظمة الانتخابية فى بلدانهم، مما يشير إلى أن الديمقراطية العملية ليست موجودة فى العديد من هذه البلدان. كما أنه من الشائع بين الزعماء الأفارقة أن يمدوا فترة حكمهم، وأن يزوروا الانتخابات من أجل التمسك بالسلطة. ناهينا عن تكميم أفواه شخصيات المعارضة والتواطؤ مع مسئولى الأمن لترويع الناخبين والناخبات والصحافة وهو ما يعد بعضا من تكتيكاتهم المعتادة لتزوير الانتخابات.
سيادة القانون نادرا ما ينظر إليها العديد من القادة الأفارقة، وبعضهم يملك القضاء فى جيوبهم. كما أصبح العديد من القادة سلطويين وعزلوا أنفسهم عن الجماهير؛ فهم يرسلون أطفالهم إلى المدارس الأجنبية، ويسافرون إلى الخارج للحصول على أفضل رعاية صحية بينما تتدهور الظروف المعيشية لشعبهم يومًا بعد يوم. وهذا ما يفسر زيادة عدم الاستقرار السياسى فى العديد من البلدان فى القارة. تشمل الأمثلة الواضحة إثيوبيا، حيث اندلعت حرب أهلية منذ نوفمبر 2020، ونيجيريا حيث قاتلت الحكومة الحالية الحركات الانفصالية والتمرد واللصوصية فى معظم فترة ولايتها، وغيرهما من البلدان الأخرى التى لديها تجارب مماثلة.
لقد شهدت السنوات القليلة الماضية بسبب الاضطرابات والتهديدات الأمنية المتزايدة نزوح الملايين من الأفارقة داخل بلدانهم كما طلب العديد منهم اللجوء لدول أجنبية مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة. أما من الناحية الاقتصادية، فلقد أدت الاضطرابات إلى انخفاض كبير فى الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى العديد من البلدان وزاد من سوء معدل البطالة المرتفع بالفعل ومستويات المعيشة السيئة. ووفقًا لمفوضية الاتحاد الأفريقى، حوالى 600 مليون شاب فى القارة عاطلون عن العمل أو غير متعلمين أو فى وظائف غير آمنة.
• • •
بينما أدانت الحكومات الأجنبية والمنظمات الإقليمية، مثل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، الانقلابات وعملت على استعادة الحكم المدنى فى تلك البلدان، فإن ردود أفعال الجماهير كانت مختلفة بشكل مفاجئ.
فى مالى، على سبيل المثال، نزل مئات الأشخاص إلى الشوارع للاحتفال مع الجنود الذين أطاحوا برئيسهم وسجنوه. حتى أنهم انتقدوا منظمة إيكواس على معاقبة القادة العسكريين لاعتقادهم أنهم يخدمون مصالحهم. نفس الأمر فى غينيا وبوركينا فاسو حيث خرج بعض الناس للاحتفال بعمليات إسقاط الحكم.
تفسير ردود الفعل هذه ليس معضلة كبيرة. باختصار، لقد سئم الناس مما يسمى بالقادة الديمقراطيين الذى أدى حكمهم إلى تدهور مستويات معيشتهم.
لكن، وحتى إن كان أسلوب الحكم لمعظم القادة الأفارقة الحاليين محبطا للغاية ويزيد يوميًا من معاناة شعوبهم، فإن الانقلابات العسكرية، وإن بدت وردية وكالمنقذ فى البداية، فإنها بالكاد ستحقق ما تريده الجماهير. بالإضافة إلى أن الانقلابات تقدم فرصة للجنود المتطلعين للسلطة تحت ستار «إنقاذ اليوم» بوعود كثيرة. لكن إلى متى يمكنهم الحفاظ على علاقة ودية مع السكان المدنيين؟
جانب آخر مثير للقلق من الانقلابات العسكرية هو أن المنقلبين عادة ما يعدون باستعادة القواعد الديمقراطية فى أقصر وقت ممكن، إلا أن هذا الوعد بالكاد يتحقق لأنهم يمددون قبضتهم على السلطة لفترة أطول. على سبيل المثال، طلب المجلس العسكرى الحالى فى مالى مؤخرًا البقاء فى السلطة لمدة خمس سنوات أخرى قبل العودة إلى الحكم الديمقراطى، وهو ما يتعارض مع وعده السابق بإجراء انتخابات فى فبراير الجارى.
الانقلابات العسكرية معروفة أيضًا بالانقلاب على الانقلاب، والتى تؤخر تلقائيًا العودة إلى القواعد المدنية. انقلاب عام 1963 فى جمهورية بنين خير مثال على ذلك. فبعد الاستيلاء العسكرى على السلطة، شهدت الدولة الواقعة فى غرب أفريقيا أربعة انقلابات أخرى قبل عام 1972. كما شهدت بوركينا فاسو انقلابات بين عامى 1966 و1983. قد تبرر مثل هذه الأمثلة الفكرة القائلة: «أسوأ حكم ديمقراطى أفضل من أفضل حكم عسكرى». لكن لسوء الحظ، وجد العديد من المواطنات والمواطنين الأفارقة أنفسهم بين شرين؛ الشيطان والمحيط العميق.
كلمة أخيرة، فى يوليو 2000، التقى القادة الأفارقة فى لومى توغو وتوصلوا إلى إعلان يرفض التغييرات غير الدستورية للحكومات فى القارة. لقد التزم الاتحاد الأفريقى والمنظمات الإقليمية مثل إيكواس بهذا الأمر من خلال التعبير عن استيائهم من الانقلابات الأخيرة وحتى فرض عقوبات شديدة على بعض المجالس العسكرية. لكنهم فشلوا فى معالجة السبب الجذرى لهذه الاضطرابات السياسية المتكررة والمتأصلة فى الحكم السيئ.
هنا يتعين على المجتمع الأفريقى إعادة النظر فى أولوياته، يجب أن يكون أكثر اهتمامًا بالمكونات الرئيسية للديمقراطية مثل حرية الصحافة والعدالة ومساءلة الحكام، بدلا من متابعة إجراء الانتخابات الدورية فقط، والتى يتم تزويرها فى كثير من الحالات. عندها فقط يمكن للمدنيين والمدنيات الوثوق فى القادة المنتخبين والتوقف عن اعتبار المجلس العسكرى بديلا للحكم الديمقراطى ومنقذا لهم.
ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:

التعليقات