تداعيات التشنّج بين السعودية وقطر فى اليمن - العالم يفكر - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 10:32 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تداعيات التشنّج بين السعودية وقطر فى اليمن

نشر فى : الأحد 13 أبريل 2014 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 13 أبريل 2014 - 8:00 ص

كتب خالد فتاح، وهو باحث غير مقيم فى مركز كارنيجى للشرق الأوسط ومحاضِر زائر فى مركز الدراسات الشرق أوسطية فى جامعة لوند فى السويد، مقالا تحليليا نشر بنشرة صدى التابعة لمركز كارنيجى للشرق الأوسط. تناول فيه الخلافات بين الرياض والدوحة وكيف أنها تثير الانقسام فى اليمن حول الجهة الراعية التى يجب السير وراءها. حيث يطرح الشرخ الحالى بين السعودية وقطر فى مجلس التعاون الخليجى تحدّيا جديدا على الانتقال السياسى المشحون فى اليمن. فمع احتدام التشنّجات بين الرياض والدوحة، تجد الحكومة اليمنية نفسها عالقة بين السعودية وقطر. واقع الحال هو أن قطر تستقطب تأييد عدد من الأفرقاء داخل المشهد السياسى اليمنى نظرا إلى امتلاكها موارد مالية أكبر، كما أن حضورها التاريخى فى اليمن أقل وطأة، ما يجعلها فى موقع جيّد يخوّلها تأدية دور الوسيط فى النزاعات المحلية المختلفة. بيد أن صنعاء ستجد صعوبة فى الابتعاد عن علاقتها الاستراتيجية المخضرمة مع السعودية. فالجوار الجغرافى والثروة والثقل السياسى تتيح للرياض ممارسة نفوذ كبير فى اليمن، وغالب الظن أنها ستحافظ على هذا التأثير فى المستقبل المنظور.

•••

وأشار الباحث إلى تمكن قطر والسعودية من شراء ولاء الأفرقاء المحليين بسهولة، ولاسيما على ضوء الضعف المستفحل فى الدولة، وندرة الموارد الطبيعية، والانقسام المناطقى والمذهبى والقبائلى. للسعودية تاريخ طويل من التدخّل والاستثمار السياسى فى اليمن، ما يمنحها نفوذا أكبر على الأطراف المحلية، ولكن يجعلها أيضا أكثر عرضة إلى تكوين العداوات. وتوقيت التشنّجات بين دول الخليج هو الأسوأ على الإطلاق بالنسبة إلى الرئيس اليمنى المؤقت عبدربه منصور هادى، فهو يأتى فى مستهل مرحلة تطبيق نتائج الحوار الوطنى العاصف الذى استمرّ عشرة أشهر. يطرح الخلاف السعودى ــ القطرى حول الإخوان المسلمين، معضلة بالنسبة إلى هادى الذى يسعى جاهدا إلى تثبيت شرعيّته ومعالجة المظالم الأمنية والاقتصادية المتفاقمة. وقد نجح الإصلاح الذى يملك حضورا راسخا فى مختلف أنحاء البلاد، فى تجنيد الآلاف من أنصاره داخل الهيئات الحكومية المختلفة، بما فى ذلك وزارتا الداخلية والدفاع وهيئات الحكم المحلية. يمارس الحزب الذى يضم جناحا للإخوان المسلمين فضلا على العناصر القبلية بقيادة آل الأحمر وفرع سلفى، ضغوطا على هادى للإبقاء على دور قطر فى دعم العملية الانتقالية.

•••

وأضاف فتاح، على النقيض من تونس ومصر، حيث المعركة السياسية الأساسية هى بين المجموعات القومية وتلك التى تملك ميولا يسارية من جهة، وبين مجموعات اليمين الدينى من جهة أخرى، أصبحت خطوط المعركة فى اليمن مشوّشة كما أنها تتبدّل باستمرار. حتى الجيش، المؤسسة الوحيدة التى ترتدى أهمية محورية فى حاضر الأمن اليمنى ومستقبله، لا يزال يعانى من انقسامات خطيرة وهو معرّض أيضا إلى مزيد من الاستنزاف. يشكّل الجيش اليمنى انعكاسا لمراكز النفوذ المتعدّدة والمتداخلة فى البلاد. فالولاء داخل المؤسسة العسكرية هو للقبيلة والمنطقة والقادة الأفراد أكثر منه لمؤسسات الدولة. ترتدى تداعيات الخلاف السعودي-القطرى على ديناميكيات السياسة والأمن فى اليمن، أهمية بالغة نظرا إلى عامل الجوار الجغرافى. فعلى الرغم من أن اليمن يتيح فرصة للدوحة كى تمارس رغبتها فى فرض ثقلها وهيبتها إقليميا ودوليا، إلا أنه ذات أهمية حيوية بالنسبة إلى الرياض. ليس التدخّل السعودى فى اليمن مرتبطا بالهيبة أو التأثير الإقليمى، بل يندرج فى إطار الأمن القومى. فالمجتمع الاستخباراتى السعودى يرى فى اليمن امتدادا عند الأطراف يجب رصده وضبطه عن كثب. لن تقبل الرياض بعملية انتقالية ناجحة يقودها الإخوان فى اليمن، لأنه من شأن ذلك أن يساهم فى تعزيز النظرة التى تعتبر أن الدوحة نجحت فى دعم التغيير السياسى بقيادة الإسلاميين فى الدول العربية غير الملَكية، كما أنه يطرح تحدّيا أيديولوجيا على الشرعية الإسلامية المستندة إلى الوهّابية فى السعودية.

•••

واختتم الباحث مقاله بالإشارة إلى أن علاقات اليمن وسياساته تجاه الأفرقاء الخارجيين تحملت داعيات ليس على الانتقال السياسى فى البلاد وحسب، بل أيضا على استقرار شبه الجزيرة العربية وأمنها. يمكن أن تترتّب عواقب وخيمة على اليمن جراء التفاوت فى جداول الأعمال بين السعودية وقطر. فما يقف على المحك هنا ليس اقتطاع قطر حيّزا لها فى اليمن تمارس من خلاله نفوذها، ولا إبقاء السعودية على تأثيرها هناك، بل تفادى انهيار اليمن الذى من شأنه أن يطال بتداعياته المنطقة بأسرها. ولذلك فإن أحد التحديات الكبرى المطروحة على مجلس التعاون الخليجى هو العمل من أجل الحؤول دون انحدار الطرف الجنوبى الغربى فى شبه الجزيرة العربية نحو مزيد من الفوضى، الأمر الذى يقتضى تناغما بين الرياض والدوحة. إذا تمكّنت الدوحة من رأب علاقاتها مع الرياض، على الأقل فى ما يتعلّق بالشأن اليمنى، فسوف يساعد ذلك اليمن على التقدّم باتجاه تطبيق نتائج الحوار الوطنى التى تشكّل حاليا السبيل الوحيد المتاح للحفاظ على التوازن السياسى الهش فى البلاد.

التعليقات