داعش: هزيمة التنظيم وانتصار العقيدة - صحافة عربية - بوابة الشروق
الثلاثاء 3 ديسمبر 2024 7:29 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

داعش: هزيمة التنظيم وانتصار العقيدة

نشر فى : الخميس 14 يناير 2016 - 10:10 م | آخر تحديث : الخميس 14 يناير 2016 - 10:10 م
كتب لبيب قمحاوى ــ المحلل السياسى الأردنى ــ عن داعش ودخول العالم فى حرب عالمية ضد الإرهاب، تماما كما تخوض منظمات إرهابية مختلفة مثل داعش والنصرة، ومن قـبـْـلها القـاعدة، حربها العالمية الخاصة ضد من تـصنـفـه عدوﱠا فى هذا العالم. وكما هو معلوم، فإنه لمن النادر جدا أن تنتصر الجيوش النظامية على التنظيمات شبه العسكرية فى أى جهد عسكرى مباشر. فقد يتم تدمير التنظيم عسكريا ولكن تبقى العقيدة والفكرة وتستمر وقد تمتد جذورها وتتفرع إلى تنظيمات أخرى. معادلة صعبة جدا وهى بذلك تفسر الصعوبة اللامتناهية فى مخططات التصدى للإرهاب ومحاولات القضاء عليه. وهنا يتساءل منْ سيحرر العالم منْ منْ؟

ويقول إن هنالك ثلاثة محاور لفهم حقيقة تنظيم مثل داعش وتبيان مدى صعوبة القضاء عليه. وهذه المحاور هى: الأسلوب والوسائل والأهداف.
أولا: الأسلوب
الأسلوب الذى تتبعه داعش فى تطويع التكنولوجيا الرقمية واستعمالها بكفاءة عالية لخدمة أهدافها ونشر دعوتها وتعزيز سبل التواصل بين أعضائها ومؤيديها قد يكون أهم وأخطر ما يميزها. والسيطرة على قدرة داعش فى ذلك المجال قد يكون أحد أصعب الأهداف فى مهمة إضعافها أو القضاء عليها خصوصا أنه لا يمكن التوصل إلى ذلك الهدف بشكل حاسم وشامل دون المساس بحرية الآخرين فى تداول المعلومات والتواصل عبر الشبكة العنكبوتية.
ويرى لبيب أن محاولات تصوير داعش بأنها عبارة عن مجموعة من الجهلة والمتوحشين المتعطشين لسفك الدماء واستعباد الفتيات هو نهج خاطئ قد يعطى الكثيرين انطباعا غير صحيح عن ماهية داعش وقدراتها، وبالتالى قد يدفع الأمور باتجاه اتخاذ قـرارات خاطئة. فالحرب على داعش لن تحسم بالجهد العسكرى فقط، بل يجب أن تحسم أيضا من خلال القضاء على حضور داعش المكثف على الشبكة العنكبوتية دون أن يؤدى ذلك إلى فرض القيود على حرية التواصل عبر تلك الشبكة والحرص على عدم إخضاعها بالنتيجة لإشراف ونفوذ وتدخل الحكومات والأجهزة الأمنية والاستخباراتية بحجة محاربة الإرهاب، وهذا قد يكون هو الجزء الأصعب.
ثانيا: الوسائل
أما بالنسبة للوسائل ومع أن داعش وأخواتها من التنظيمات المتشددة الدموية التى تستعمل أساليب حديثة من خلال استغلالها الأقصى للتقنية الحديثة والرقمية فإنها فى المقابل تستعمل وسائل بدائية دموية فى زحفها «المقـدﱠس» للوصول إلى السلطة سعيا لتحقيق أهداف بالية وأيديولوجيا دينية عفا عليها الزمن. ويبدو أن الوسائل الدموية العنيفة التى مارستها داعش قد ساهمت فى خلق شعور عام بالصدمة شمل معظم دول العالم، ولكنها مع ذلك شـكلت الوسيلة الأمثل والأكثر أهمية للإعلام والإعلان عن التنظيم وتسويقه.
ويضيف لبيب أن استعمال الدين كغطاء لتلك الوسائل وكعذر للوصول إلى الأهداف المنشودة لا يعنى بالضرورة إضفاء الشرعية عليها وتعزيز فرص القبول بها بقدر ما قد يعنى إلحاق الضرر بالإسلام كدين للإنسانية من خلال إلصاق صفات الإرهاب والدمـوية به. ومن جهة أخـرى، فإن استعمال الدين قد يؤدى إلى نمو قاعدة المؤيدين من خلال استقطاب العناصر الغاضبة ذات النزعة الدينية وهم موجودون بكثرة فى المجتمعات العربية مما يعزز القاعدة العريضة لداعش ويضفى عليها الصبغة الإسلامية. حيث يسعى تنظيم مثل داعش إلى العالمية من خلال تدمير النظام السياسى العربى القائم والسعى إلى إعادة إنتاجه كنظام إسلامى.
ثالثـا: الأهداف
لا أحد يعلم بالتحديد ما هى الأهداف الحقيقية لتنظيم داعش. فالإشارات العديدة المتضاربة عن نشأتها والقوى التى تقف خلفها تجعل من الصعب الفصل بين تلك النشأة وبين ما تسعى داعش إلى تحقيقه، ناهيك عن استمرار شكوك العديدين بها وبدورها المخطط له فى المنطقة. وهنا يحذر لبيب من قبول الأهداف المعلنة لداعش كبديل لما هو مخفى. خاصة أن أهداف داعش المعلنة لا يمكن تحقيقها إلا من خلال تدمير ما هو قائم أولا، وهذا غير معلن مثلا مما يلقى بعض الضوء على الأهداف الحقيقية من وراء إنشاء داعش. وما زال العديد يؤمن بوجود رابط بين مسار داعش ونشأتها من جهة وبين الأهداف الأمريكية والإسرائيلية فى المنطقة من جهة أخرى.
هنالك البعض ممن حدﱠد موقـفـه من داعش استنادا إلى منطلقات مذهبية تعتبر داعش قوة دافعة أو حامية للمذهب السنى. ومع ذلك تبقى الحقيقة المرة أن إسرائيل ليست على قائمة أعداء داعش، وهو ما يضيف مزيدا من الشكوك حول طبيعة هذا التنظيم والأهداف التى يسعى للوصول إليها .
ويختتم المقال بأن هناك قوى عديدة دولية وإقليمية ومحلية ساهمت فى خلق ما يسمى «بالإرهاب» ومن ثم تحويل صفته إلى «العدو الأخطر» لأسباب بعضها معروف وبعضها الآخر مجهول. ولكن من الواضح أن إلصاق صفة «العدو الأخطر» بالإرهاب قد قدمت خدمات هامة لبعض القوى الدولية والإقليمية من خلال احتلالها الصدارة فى الأهمية وحلولها محل العديد من الأعداء الحقيقيين وأهمهم إسرائيل وهى «العدو الأخطر» الحقيقى على الأمة العربية. وهكذا نجح العـداءْ للإرهاب فيما فشل فيه العداء لإسرائيل فى شحذ همة العرب وفى انضمامهم إلى جهد عسكرى لمقاومة ذلك الخطر.
لبيب قمحاوى 
التعليقات