صحيح البخارى «فاكت شيت» - حسام السكرى - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 11:33 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صحيح البخارى «فاكت شيت»

نشر فى : السبت 16 يوليه 2016 - 9:40 م | آخر تحديث : السبت 16 يوليه 2016 - 9:40 م
قررت فى الأسبوع الماضى أن أنقب عن تاريخ أقدم نسخة نعرفها من «الجامع الصحيح» للإمام البخارى. جمعت ما وصلت له من معلومات ووضعته على صفحتى فى فيسبوك والتى تضم عددا غير قليل من المهتمين بعلوم الدين، لأسأل عن مدى صحتها، فحدث ما حدث.

وقبل الاسترسال فى القراءة، لابد لى من أن أوضح أننى لم أكتب هذا المقال لمناقشة المزاعم أو الانتقادات التى أحاطت بالكتاب الأهم فى عالم الإسلام السنى بعد القرآن، وإنما لأثير فكرة حول قيمة البحث عن الحقائق المجردة، فى مجتمع صار التفكير فيه تهمة قد تنتهى بمن يحرض عليها خلف أسوار السجون.

لم أفعل أكثر من نشر سؤال حول دقة المعلومات التى جمعتها عن ما اشتهر باسم «صحيح البخارى»، وطلبت من المهتمين أن يضعوا يدى على خيوط أو أبحاث تنير الطريق حول ما تصورت أنه بديهى لأى دارس للدين. كانت النتيجة مذهلة. عدد هائل من التعليقات كان اتهامات بالتشكيك، والبلبلة، والمروق، والإلحاد. إضافة إلى دفاعات مطولة عن دقة الصحيح وشروحات مفصلة عن قيمة النقل بالسماع والتواتر.

لم يكن سؤالى تشكيكا، ولا نقدا، ولا قدحا، ولا مدحا. كنت ببساطة أبحث عن معلومة مجردة. عن تاريخ نشر أو إملاء. وكان طموحى أن أحصل على تأكيد، أو على نفى وتصحيح، ولكن هيهات.

فى وسط خضم الانفعالات، ظهرت معلومة رددها كثير من الباحثين، وتكرر نشرها فى مواقع المعلومات الإسلامية على مدى اثنى عشر عاما، منذ ذكرها باحث من جامعة حلب اسمه الدكتور محمود مصرى، فى بحث ألقاه فى مكتبة الإسكندرية عام ٢٠٠٤.

المعلومة تقول إن أقدم قطعة من صحيح البخارى توجد فى دار الكتب القطرية وتاريخها خمس سنوات بعد وفاة البخارى فى ٢٦١ هجرية.

ما حدث بعد هذا يضع علامات استفهام ضخمة حول كل المفاهيم التى يروج لها حول ضرورة إقصاء «العوام» حماية لهم من «البلبلة»، وللدين من الهدم. إذ قامت متابعة للحوار، وهى دارسة للطب فى السعودية اسمها شعاع زمور، بالتواصل مع دار الكتب فى قطر عبر تويتر وسألتهم عن المخطوط المذكور فجاءت الإجابة المدهشة: المعلومة خاطئة. إذ يوجد مخطوط بالفعل ولكنه حديث نسبيا. أما رقم ٢٦١ الذى تداوله الباحثون على مدى سنوات باعتباره تاريخا للكتابة، فلا يعدو أن يكون عدد الصفحات المتبقية من المخطوط!

وهكذا، نجحت واحدة من «العوام»، من «ناقصات العقل والدين»، وبرسالة نصية صغيرة، فى هدم أكذوبة شارك فى ترويجها «علماء» و«باحثون»، ويعتقدون أنهم يمتلكون ناصية علم يريدون إملاءه، ويرفضون عرضه ومناقشته. وهو ما يدفعنى فى النهاية إلى التأكيد على أهمية تأسيس حوار عقلانى مبنى على المعلومات لا العواطف، بدلا من استسهال التكفير والتشكيك فى النوايا.

نحتاج «فاكت شيت»، أو ورقة حقائق بسيطة قبل مناقشة أى موضوع نتقاتل حوله لتخبرنا بالحقائق الأساسية.

تخبرنا مثلا أن أقدم نسخة وصلتنا من صحيح البخارى أمليت شفاهة فى عام ٣٧١ هجرية. أى بعد أربعة قرون إلا أربعين سنة من وفاة الرسول (ص) فى عام ١١ هجريا. وأن هذه النسخة هى قطعة ناقصة من المخطوط، لم يكتبها البخارى بنفسه، وإنما أملاها الشيخ المروزى من الذاكرة بعد أن حفظها عن أحد تلاميذ الإمام البخارى. وان هذا كله حدث بعد موت الإمام البخارى رحمه الله. ليس بعدها بعام أو خمسة، وإنما بعد موته بقرن وخمسة عشر عاما.
التعليقات