عندما يصبح الفيس بوك وطنيا - أميمة كمال - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 11:22 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عندما يصبح الفيس بوك وطنيا

نشر فى : الأحد 16 أغسطس 2009 - 11:27 ص | آخر تحديث : الأحد 16 أغسطس 2009 - 11:27 ص

 حقا ما أشبه الليلة بأول امبارح. منذ أيام ليست ببعيدة كان قطاع كبير من الحكوميين أو أصحاب القلوب الرحيمة بالحكومة يصفون شباب «الفيس بوك» بصفات تجعلهم أكثر خطرا من مجرمى الحرب، والأرحم فيهم يرونهم قطاعا للطرق، أو أقرب للمسجلين الخطر الذين يستحقون الحجر عليهم لتجاوز تصرفاتهم ما هو معتاد من الشباب.

وليس ببعيد أحداث 6 أبريل وما جرى لبعض من هؤلاء الذين تلاقوا فى الفضاء الافتراضى ثم فرضوا فضاء واقعيا.

ولكن الآن بقدرة قادر تحول هذا «الفيس» إلى نافذة للحوار الحر ورئة يتنفس فيها الشباب مع قادته بمنتهى الحرية. هكذا أرادت قيادات الحزب الوطنى أن يكون بالفعل ذلك الحوار الذى تم بين شباب الباحثين وأساتذه الجامعات مع السيد جمال مبارك على طريقة «الفيس بوكيين».

وربما يكون مناسبا الآن أن يحذف الحزب من على موقعه الإلكترونى الدراسة التى ينشرها عليه والمتعلقة بشباب المدونات والفيس بوك، والتى يصف معدها هؤلاء بأنهم «كانوا يلعبون ولا يعرفون إلى أى مدى ستصل لعبتهم ففوجئوا بالتفاعل الجماهيرى معهم».

ولكن مادامت قيادات الوطنى اعتبرت الأمر جادا وليس لعبا فكان من الأفضل أن تكمل التجربة حتى نهايتها على هذا المحمل. يعنى كانت تصدر هذه القيادات أوامرها للصحف القومية ألا تحذف سؤالا من الأسئلة مهما بدا سخيفا على مسامعهم. فكيف للناس أن تصدق أن الأمر جاد بالفعل عندما تخفى الصحف القومية السؤال الأهم ذلك الذى نطق به الباحث جلال خميس والذى كان من أهميته أن أجاب عليه السيد جمال مخاطبا صاحبه بأنه «يحتاج إلى حوار لوحده».

ألا تستحق دعوة الباحث، الذى لا أعرف كيف تسرب إلى هذا اللقاء بالرغم من أن مثل هؤلاء تنضح جباهم بما تعتريه نفوسهم، ولكن أما وقد تسرب فإن دعوته للسيد مبارك «الابن» أن ينزل «حضرته» وسط البلد ويسأل أى شاب عما إذا كان سيختار بإرادته أن يعيش فى هذا البلد أم لا؟، وهذا هو التعبير المهذب لمن يريد أن يقول (لو لقيت «حضرتك» واحد عايز يعيش فيها أبقى قابلنى!). على العموم تبقى دعوى الباحث هذه هى الأهم وإن كانت ليست أهم مما أكمل به سؤاله حول تمنياته أن يرى مرشحا آخر للرئاسة غير «حضرته».

والحقيقة إنه لا دعوة الأخ الباحث، ولا تمنياته وجدت ما تستحقه من جدية لا فى اللقاء، ولا فى الاستطلاع الذى سبق به الحزب عقد اللقاء حول رأى المواطنين فى القضايا المختلفة لأنه لو كان الاستطلاع جادا لما اقتضى الأمر أن يبقى السؤال معلقا فى حلق الباحث.

نتائج الاستطلاع تشير إلى 71% من المستطلع رأيهم يثقون فى الحكومة إما قوى قوى، أو نصف ونصف، وأن 62% قالوا إن دخلهم زاد على العام الماضى، وأن قطاعا كبيرا لديه إحساس بتحسن نسبى فى خدمات مياه الشرب والصرف الصحى، وبالتالى ليس غريبا أن 66% يرون أن مستقبلهم سيكون أحسن.

وكان من الأفضل أن يوفر الحزب الأموال التى صرفها على هذا الاستطلاع ليؤكد لنا أن الأمور معقولة جدا لو كان اكتفى بعرض نتائج سابقة أصدرها مركز معلومات مجلس الوزراء تؤكد ارتفاع مستوى معيشة المصريين. وكان دليله على ذلك أن 7.5% من الأسر فى ريف الوجه القبلى لديهم الآن دورة مياه أفرنجى بسيفون بعد أن كان من لديهم هذه النعمة لا يتجاوزن 2.6% قبل 10 سنوات.

وأن ربع سكان الريف فى الوجه القبلى فقط هم المحرومون من رفاهية المساكن المتصلة بمواسير مياه الشرب، وأن 87.8% منهم لديه تليفزيون إما أبيض وأسود أو ملون، و4% فى ريف مصر لديه فيديو بزيادة قدرها 3% تحققت خلال عقد من الزمن. أما النتيجة الأقوى فهى أن عشر سنوات من عمر سكان مصر كانت كفيلة بتخفيض عدد من يسكنون فى مساكن بها أرضية ترابية من 18% إلى 10%. كله كوم ومستهدف الغسالة كوم تانى فهناك 80% من سكان الريف أصبح لديهم غسالة بس ليست أوتوماتيك بعد أن كان نصفهم فقط هم من حائزى الغسالة.

وهذه النتائج كفيلة وحدها لإثبات أن كل شىء على ما يرام وربما أكثر مما يرام دون أن يضيع الحزب الوطنى أمواله وعرق أعضائه فى إثبات ما لا يحتاج إلى ذلك، وهو أن الشاب الذى يرفض أن يعيش فى هذا البلد يرفس النعمة التى أنعم عليه بها الحزب، ولا يستحق أن يعيش بين هؤلاء الحامدين الشاكرين الذين هم متأكدون أنهم مع الحزب أفضل دائما.

وربما كانت النتيجة الوحيدة فى هذا الاستطلاع التى أقسم على أمانة وجدية من وضعها هى أن «المصدر الأول للمعلومات السياسية التى يحصل عليها المصريون هو القناتان الأولى والثانية للتليفزيون المصرى». والحقيقة إننى لا أجامل من وضعها على الإطلاق، ولكن كل ما يحدث من حولنا يدل على أن مصدر المعرفة هما هاتان القناتان وإلا.....ولا بلاش.

أميمة كمال كاتبة صحفية
التعليقات