نساء مصر.. «معا نحن قويات.. معا نصنع الفارق» - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 6:50 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نساء مصر.. «معا نحن قويات.. معا نصنع الفارق»

نشر فى : الأربعاء 16 سبتمبر 2020 - 6:50 م | آخر تحديث : الأربعاء 16 سبتمبر 2020 - 6:50 م

نشر موقع قنطرة مقالا للكاتبة «أليكساندرا كينياس» تعرض فيه التطور الإيجابى لأوضاع النساء فى مصر والتحديات التى ما زلن يواجهنها لتحقيق المساواة... نعرض منه ما يلى.
تبدأ الكاتبة المقال بذكر قصة سارة منصور ــ مهندسة الأجهزة والتحكم ــ والتى حصلت على «جائزة امرأة العام للجيل القادم»، وهى جائزة تُقدر إسهامات الشابات المهنيات اللواتى يمتلكن الإمكانية ليصبحن قائدات فى مجال الأعمال والصناعة فى المستقبل. استلمت منصور، والتى تعمل فى شركة الغاز الطبيعى جاسكو، الجائزة فى مؤتمر تكريم المرأة فى مجال الطاقة والذى عُقد خلال فعاليات معرض مصر للبترول لعام ٢٠١٩.
ومنصور هى من ضمن العديد من المهندسات اللواتى اقتحمن هذه الصناعة التى يهيمن عليها الرجال. فى عام ٢٠٠٧، حصلت منصور على بعثة من وزارة البترول المصرية وجامعة بيتروناس للدراسة فى جامعة بتروناس للتكنولوجيا، والتى نالت منها شهادة البكالوريوس فى الهندسة الكهربائية والإلكترونية بمرتبة الشرف.
وقبل ثلاثة عقود بالضبط، تم رفض أوراق تعيينها لتولى وظيفة مهندسة موقع فى إحدى شركات البترول بسبب جنسها. وذكرت رسالة الرفض التى استلمتها من الشركة صراحة أن الشركة تفضل منح وظائفها للمهندسين من الذكور. لذا فإن النساء فى مصر قد قطعن شوطا كبيرا منذ ذلك الحين.
***
إن عدد النساء المصريات اللواتى دخلن فى هذا المجال ومجالات أخرى يهيمن عليها الرجال فى تزايد مستمر. فصورة المهندسات بلباس العمل (أوفرول) وخوذ السلامة أثناء عملهن على منصات البترول، أصبح من المشاهد التى بدأ الناس يألفون رؤيتها ببطء.
وإن قصصا كقصة منصور هى إنجازات عظيمة الشأن للسيدات على جميع الجبهات، وهى ظاهرة تدعو إلى التفاؤل، فالنساء اللواتى يجازفن بالعمل فى وظائف يهيمن عليها الرجال يكسرن حواجز المحظورات الاجتماعية، وهن أول من يتلقون رصاصات النقد والسخرية ويتعرضن للمحاربة والوصم، كذلك ينظر الرجال إليهن نظرة دونية ويشككون بقدراتهن، ولا يعتبرونهن أندادا لهم بقدر ما يعتبرونهن خصوما ينافسونهم على وظائفهم، لذا فهو من المهم أن نضع كل ذلك فى منظوره الصحيح كى نفهم أنه بالرغم من كل ذلك، فقد كافحت المرأة جاهدة للتفوق وقد نجحت وأثبتت أنها تقف على قدم المساواة مع الرجل.
***
ولكن وبالرغم من وجود قصص نجاح مثل سارة منصور، إلا أنه على مدى العقود القليلة الأخيرة تراجعت مكانة المرأة فى مصر بشكل ملحوظ والذى أرجعته الكاتبة إلى تنامى أثر التيارات الإسلامية فى المجتمع والذى بلغ ذروته بعد صعود الإخوان المسلمين إلى السلطة، البرلمان الإسلامى الذى تشكل فى عام ٢٠١٢ كان قد بدأ بالفعل فى اتخاذ إجراءات لإبطال قانون الخلع الذى يسمح للنساء بالطلاق، وإبطال القانون الذى جرم ختان النساء.
وبالإضافة إلى ذلك، تم إدراج خفض سن الزواج إلى ١٦ عاما فى جدول أعمال قضايا النقاش فى برلمانهم، كما أصبح مستقبل النساء المصريات أكثر قتامة عندما أصدرت منظمة الإخوان المسلمين بيانا فى مارس ٢٠١٣ تشجب فيه إعلان الأمم المتحدة للقضاء على للعنف الموجه ضد النساء، بدعوى أن هذا الإعلان من شأنه أن يدمر الأسرة ويؤدى إلى التفكك التام للمجتمع.
ولم تتوقف المساعى على مدى عدة عقود قبل وصولهم للسلطة من حياكة ووضع الخطط بهدف تجريد المرأة من الحقوق الضئيلة التى كافحت جاهدة لتحقيقها، هذه المساعى لم تمجد فقد أدوار الزوجات والأمهات غير العاملات، بل أزالت عمدا من كتب التاريخ نماذج النساء التى يُحتذى بها وقصص رائدات حركة تحرير المرأة المصرية، اللواتى جاهدن بقوة فى سبيل النهوض بحقوق المرأة، وكذلك، تعرضت مناصرات حقوق المرأة المعاصرات للتشهير، وللتشكيك بقضاياهن وحالتهن العقلية، وهذا أمر لا يثير الدهشة لأن هؤلاء النسوة يشكلن تهديدا للأصوات التى تحاول عرقلة إنجازات النساء، ونتيجة لذلك، لم تفقد النساء النماذج اللواتى يقتدين بها فقط، بل فقدن بعض حقوقهن أيضا، ووصلت مكاناتهن إلى نقطة ركود.
ولحسن الحظ، ساهمت عدة عوامل فى إبطاء تنامى وقوة دفع الحركات المناهضة لحقوق المرأة، ولكنها لم تصل بعد إلى توقف تام، ذلك لأن الصراع سيستمر حتى تنتصر قضايا تعليم المرأة، والتمكين الاجتماعى والاستقلال المالى للنساء، إلا أن كبح جماح الحركات المناهضة لحقوق المرأة شكل أول خطوة فى عكس اتجاه تأثيرها.
***
ترى الكاتبة أن ثورة يناير ٢٠١١ كانت عاملا مهما فى إحداث التغير الاجتماعى للسيدات فى مصر، وعندما نزلت النساء إلى الشوارع للتظاهر جنبا إلى جنب مع الرجال، فقد كسرن بذلك حاجزا اجتماعيا، وعلت أصواتهن.
وعندما تنحى مبارك، أدركن قوة مشاركتهن، والدور الملموس الذى قمن به فى نجاح الثورة، وفى تقرير مصير البلاد، وقد تأكد لهن الإيمان بقوتهن وفعاليتهن عندما نزلن مرة أخرى إلى الشوارع فى يوليو ٢٠١٣ لتغيير نظام آخر عمل ضد حقوقهن، إسقاطهن لعملاقين سياسيين فى غضون عامين، كسر حاجز الخوف لديهن، وبدأن ثورتهن الشخصية لإحداث التغيير لأنفسهن.
ومنذ ذلك الحين، هناك تغيير واضح يحدث للنساء فى جميع أنحاء الجمهورية، على الصعيدين الاجتماعى والمهنى، وحتى فى المناطق النائية والريفية المُحافظة، نرى النساء يطالبن بحقوقهن، ففى عام ٢٠١٨، قاضت فتاة تبلغ من العمر اثنتين وعشرين عاما، من محافظة قنا المُحافظة فى صعيد مصر، المُتحرش جنسيا بها، وأدخلته السجن لثلاث سنوات، ورفضت المصالحة حتى بعد تلقيها تهديدات من عائلته، وفى وقت ليس ببعيد، لم تكن الفتيات تجرؤن على الإبلاغ عن حالة كهذه فحسب، بل وكن يخجلن أيضا على القيام بذلك.
وعلى الصعيد المهنى، فإننا نشهد فتيات فى مناطق ريفية يكسرن المحظورات الاجتماعية؛ ويطلقن مدونات عن الموضة أو قنوات اليوتيوب، تتضمن محتوى متنوعا من قضاياهن المهمة.
***
ترى الكاتبة أن العامل الثانى الذى ساهم فى تقدم النساء فى العقد الأخير هو الأزمات الاقتصادية التى عصفت بالبلاد، قبل وخاصة بعد الثورتين، وأثرها اللاحق على الاقتصاد، فالنساء اللواتى نزلن إلى الشوارع لمدة ثمانية عشرة يوما فى يناير ٢٠١١، وعدن مجددا إلى الثورة فى يوليو ٢٠١٣، لم يجدن أى حرج فى أن يُشمرن عن سواعدهن والبدء بالعمل، ودخلن فى مجالات عمل كان يهيمن عليها الرجال حتى سنوات قليلة مضت، فلم يعد رؤية النساء ممن يعملن كنجارات أو سمكريات أو عاملات فى الكهرباء أو كميكانيكية سيارات أمرا مثيرا للدهشة، ليس هذا فقط، بل وساهمت وسائل التواصل الاجتماعى فى توسيع آفاق النساء، وساهمت فى إدراكهن بأنه ليس هناك شىء يتعذر تحقيقه.
لقد ساعدت وسائل التواصل الاجتماعى وفيديوهات اليوتيوب التعليمية النساء فى جميع أنحاء الجمهورية، وخاصة فى المجتمعات المحافظة التى تحد من حركتهن وكثيرا ما تعرقل أحلامهن، على البدء بمشروعات منزلية صغيرة، فبضغطة زر واحدة، تتعلم النساء فى أى مكان فى مصر الحرف كخدمة إعداد الطعام والمخبوزات وصنع المجوهرات والحلى والهدايا المصنوعة يدويا على شبكة الانترنت، وتسوقن لمنتجاتهن على وسائل التواصل الاجتماعى، محققات بذلك دخلا لهن ولعائلاتهن.
***
إلا أنه ما كان لشىء أن ينجح دون نظام دعم قوى يؤمن بحقوق المرأة وبالمساواة، نظام يشكل قوة دافعة لإحداث التغيير لهن. فبإدراكها لقوة النساء، تعمل الإدارة الحالية منذ اليوم الأول على تمكين النساء على المستوى الاجتماعى والاقتصادى والسياسى. ولا يمكن تجاهل أو التغاضى عن جهود الحكومة المصرية منذ عام ٢٠١٣، فمصر لم تشهد منذ زمن حكومة تتبنى وتدعم المرأة دعما كاملا على جميع المستويات وفى جميع القطاعات.
الطريق لتحقيق التطور والتنمية الشاملة طويل وصعب، وملئ بالعواقب والتحديات فى كل أركانه. إن الضرر الذى حدث خلال عقود لا يمكن عكسه بين ليلة وضحاها. إلا أن هناك خطوات بطيئة جدا تحدث، وكل تغيير إيجابى هو تغيير فى الاتجاه الصحيح. ومع الاهتمام العالمى والمحلى بالنساء وقضاياهن، فإننا نشهد ولادة مبادرات جديدة كل يوم تحاول إحداث تغيير إيجابى ومساعدة النساء على إدراك قوتهن وفاعليتهن. ولعل مبادرة «سيدات مصر» هى خير مثال على هذا.
إن المهمة الرئيسية لمبادرة «سيدات مصر»، والتى أُسست فى يناير ٢٠١٦، تعمل على تمكين نساء مصر وذلك بالتركيز على أهم القضايا التى تعرقل نموهن، وبتسليط الضوء على مشاكل عدم المساواة بين الجنسين، وبإحداث التغيير الاجتماعى والثقافى والمهنى لهن، ومن خلال صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعى ومنشوراتها على شبكة الإنترنت، تقدم مبادرة «سيدات مصر» للنساء المصريات منصة دعم على الإنترنت تساهم فى إلهامهن وتشجعيهن وتمكينهن. كذلك تتابع المبادرة الأخبار وتكشف الانتهاكات ضد المرأة أو قضاياها، وتطلعهن على القوانين التى تصدر لصالحهن أو ضدهن. بالإضافة إلى ذلك، فهى تمنحهن وسيلة آمنة للتعبير عن اهتماماتهن وأفكارهن وتحفزهن على الدفاع عن حقوقهن والمطالبة بالتغيير.
هذا وتعد قيادة الحركات النسائية فى المجتمعات الميسوجينية (الكاره أو المعادية للمرأة) والمجتمعات الأبوية أمرا مليئا بالتحديات. ففى سبيل الحفاظ على الوضع الراهن ونفوذهم الذى يفرضونه على النساء، والذى توارثوه عن أسلافهم، يدافع الرجال بكل ما أوتوا من قوة لعدم التنازل عن أى من الأوضاع التى ينعمون بها بدون حق.
الطريق إلى المساواة بين الجنسين هو طريق طويل وملئ بالتحديات. وكذلك هى الدعوة لإحداث التغيير الإيجابى فى حياة النساء، إلا أن دعاوى التغيير تؤتى ثمارها على المدى البعيد، ذلك لأن الناس يتوقون للتغيير إلى الأفضل إذا ما تم توجيههم على الطريق الصحيح. التغييرات الكبيرة هى تتويج لجهود صغيرة متواصلة ودؤوبة، حتى وإن أدت إلى تحسين وتطوير حياة امرأة واحدة فى المرة. المدافعون عن القضايا المختلفة يشكلون قوة من أجل التغيير، والناس يخشون التغيير، حتى أولئك الذين يستفيدون منه. إن تغيير المفاهيم العقلية هو أمر صعب، إلا أن العمل الجاد والمثابرة هى أدوات قوية فى سبيل الارتقاء بوضع البشرية نحو الأفضل عندما توظف وتستخدم بحكمة لتحسين حياة الآخرين.
النص الأصلى
https://bit.ly/3c0Y9pt

التعليقات