هل سيكون هذا مستقبل إسرائيل؟.. رحلة خيالية إلى عام 2048 - مواقع عالمية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 12:29 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل سيكون هذا مستقبل إسرائيل؟.. رحلة خيالية إلى عام 2048

نشر فى : الإثنين 16 نوفمبر 2020 - 10:00 م | آخر تحديث : الإثنين 16 نوفمبر 2020 - 10:00 م

نشر موقع Eurasia Review مقالا للكاتب Neville Teller، قدم فيه عرضا لرواية بول ألستر الجديدة، حاول ألستر فى روايته تخيل مستقبل إسرائيل وما يمكن أن يؤول إليه التعصب والتناقض الشديد بين العلمانيين والحريديم... نعرض منه ما يلى.
بالعودة إلى عام 2017، أجرى الصحفى بول ألستر مقابلات مع مسئولين يعملون فى مكتب الإحصاء المركزى الإسرائيلى. هذا المكتب يعد المركز العصبى للحقائق والأرقام المتعلقة بالحياة الإسرائيلية. وبعد أن أنهى بول مقابلاته، وجد نفسه يتكهن بالمستقبل المحتمل لدولة إسرائيل. وأخيرا قرر أن يطلق العنان لمخيلته، وكانت النتيجة روايته الأولى «كين أو كنترى» ــ العشيرة أم الدولة.
نشأت دولة إسرائيل فى عام 1948، والرواية عبارة عن رحلة خيالية إلى عام 2048، أى بعد قرن بالضبط من نشأتها. بالنظر إلى أواخر العقد الثالث من القرن الحالى، وبعد اتفاق سلام بين إسرائيل والقيادة الفلسطينية، تم دمج جزء من الضفة الغربية فى دولة فلسطين الجديدة، وأصبحت القدس الشرقية عاصمتها. وقعت غزة تحت إشراف دولى، ووافقت الدول العربية التى كانت تؤوى أحفاد اللاجئين الفلسطينيين على منحهم الجنسية.
ونظرًا لأن الخلاف الإسرائيلى الفلسطينى لم يعد موجودا، فإن نقطة انطلاق ألستر هى الاختلاف الواضح فى إسرائيل منذ نشأتها، بين التطلعات السياسية وأسلوب الحياة الدينية للأرثوذكس المتطرفين ــ الحريديم ــ وتلك الخاصة بالسكان العلمانيين. فى رؤية ألستر للمستقبل، اتسعت تلك الفجوة إلى درجة أصبح فيها التأثير السياسى والاجتماعى الذى يمارسه كل جانب غير محتمل للآخر. أصبحت القدس والمناطق اليهودية المتبقية فى الضفة الغربية وعدد من البلدات المجاورة حريدية بالكامل تقريبًا، بينما أصبحت أجزاء أخرى من البلاد، مع تل أبيب مركزًا لها، علمانية للغاية وتستاء من فرض الأوامر الأرثوذكسية عليها. ونتيجة لذلك، انتشرت الحركات السياسية، وكلها تؤكد أن طرفين متناقضين فى الحياة غير متوافقين مع بعضهما البعض، مطالبة بالفصل.
أصبحت المطالب ملحة للغاية، والضغط السياسى قوى لدرجة أن البرلمان الإسرائيلى، الكنيست، وافق أخيرًا على التصويت على إجراء استفتاء وطنى. كان السؤال الذى سيُطلب من السكان الإسرائيليين التصويت عليه هو ما إذا كان ينبغى تقسيم الأمة إلى دولتين مستقلتين، دولة للعلمانيين وأخرى للمتدينين، الأولى وعاصمتها تل أبيب، والأخيرة مقرها القدس. يمر تصويت الكنيست، وتستعد الأمة لإجراء الاستفتاء المهم، ثم تأخذنا رواية ألستر فى رحلة مدتها أحد عشر يومًا متخيلًا العد التنازلى للانتخابات.
تلك الأيام الأحد عشر مليئة بالأحداث المأساوية. ليست فقط متعلقة بالسياسة، لكن بالموت أيضا. على الرغم من أننا لا نشك فى الجانى المرتكب لعمليات القتل، إلا أن تحقيق الشرطة الذى يكشف ببطء عن الحقيقة يخلق توترًا خاصًا، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمناورات السياسية مع اقتراب التصويت الوطنى يومًا بعد يوم. هوية الطرف الثانى المذنب نعلمها فقط فى نهاية الرواية، وهو كشف ملىء بالسخرية. لكن جوهر الدراما يكمن فى التقلبات والانعطافات على المشهد السياسى التى تترك نتيجة الاقتراع الوطنى ومعها مستقبل الأمة اليهودية مسألة مشكوك بها.
وتتجلى براعة وعبقرية ألستر من خلال تطبيق خياله على العوامل السياسية والاجتماعية الموجودة بالفعل فى المجتمع الإسرائيلى. على سبيل المثال، يفترض وجود مصالح بين الجناح اليمينى المتطرف للحريدى المتشدد، ناطورى كارتا، المعروف بمناهضته للصهيونية، والنظام الإسلامى الإيرانى. تولد عن هذه العلاقة صفقة سرية بين إيران وحملة «نعم» الحريدية. أضف إلى ذلك الوضع السياسى فى الولايات المتحدة وتأثير أموالها على الاستفتاء. فى الرواية يضيف ألستر القصص الإنسانية والعاطفية للأفراد المحاصرين داخل اللعبة السياسية.
السؤال فى جميع أجزاء الرواية هو ما إذا كانت إسرائيل ستبقى أمة موحدة، الدولة اليهودية الوحيدة، أم أن هناك دولتين يهوديتين ــ واحدة ديمقراطية علمانية، والأخرى دولة دينية. نتعرف على توقعات بول ألستر فقط فى الصفحات الختامية. والنتيجة هى رؤية جذابة حقًا للطريقة التى ستسافر بها إسرائيل فى ربع القرن المقبل، وهى تجربة أدبية مثيرة وممتعة للعقل.
بالنسبة للبعض، قد تكون الرواية بمثابة تحذير بشأن مستقبل بائس محتمل لإسرائيل. لأنه، كما يقول ألستر نفسه عن الرواية: «إنها تتوقع سيناريو يمكن أن يصبح واقعًا بسهولة فى موطن لجميع اليهود، ما لم تحدث تغييرات مجتمعية جذرية فى السنوات القليلة المقبلة. حيث تواجه إسرائيل بالفعل تحديات هائلة وفريدة من نوعها. هذه قصة عن مخاطر الإكراه الدينى، والأخلاق المعيبة داخل المكون السياسى، ولكن فى نهاية المطاف عن المشاعر الإنسانية والعلاقات الأسرية التى تنطبق بالتساوى على الناس من جميع الأديان والمعتقدات والألوان».
من المؤكد أن الرواية رؤية خيالية ولكنها مقنعة لمستقبل محتمل لإسرائيل، وبالتالى هى تحذير صارخ ضد التعصب وما يمكن أن ينتج عنه.

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى

التعليقات