ترامب كان عظيمًا لنتنياهو.. لكن بايدن أفضل لإسرائيل - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 2:29 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ترامب كان عظيمًا لنتنياهو.. لكن بايدن أفضل لإسرائيل

نشر فى : الثلاثاء 17 نوفمبر 2020 - 7:00 م | آخر تحديث : الثلاثاء 17 نوفمبر 2020 - 7:00 م

نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالا للكاتب إيرون ديفيد ميلر ــ يقول فيه إنه على الرغم من اتخاذ ترامب سياسات مؤيدة لإسرائيل فإنه أضر بسمعة الولايات المتحدة وبالتالى أضر بسمعة إسرائيل، لذلك سيكون بايدن أفضل من خلال عمله على توحيد الحزبين من جديد وإعادة العلاقة الأمريكية الإسرائيلية إلى التوازن الطبيعى الذى ميزها لعقود ــ نعرض منه ما يلى:
فى كتابه «ادعم أى صديق: الشرق الأوسط أيام كينيدى وتشكيل التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل»، يروى وارن باس لقاء بين رئيس الوزراء الإسرائيلى ديفيد بن جوريون والرئيس جون إف كينيدى، قيل إن كينيدى قال فيه: «لقد انتخبت من قبل يهود نيويورك. يجب أن أفعل شيئا لهم. سأفعل شيئا من أجلكم». ورد بن جوريون، الذى فوجئ إلى حد ما، قائلا: «يجب أن تفعل كل ما هو جيد للعالم الحر».
مع انتهاء فترة ولايته، سيحاول الرئيس ترامب التمسك بالصورة التى حاول ترسيخها باعتباره الرئيس الأكثر تأييدا لإسرائيل فى التاريخ. حيث قال رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو للرئيس ترامب فى وقت سابق من هذا العام أنه «أعظم صديق لإسرائيل على الإطلاق فى البيت الأبيض».
كان ترامب عظيما بالنسبة لنتنياهو. ولكن هناك درس فى رد بن جوريون على جون كنيدى. على الرغم من احترام وإعجاب جميع دول العالم بالولايات المتحدة، وخاصة فى الشرق الأوسط، فإن إسرائيل أقوى. وفى هذا الصدد، سيكون الرئيس المنتخب جو بايدن أفضل بالنسبة لإسرائيل؛ حيث سيعزز الدعم الأمريكى من الحزبين للدولة اليهودية ويتبع سياسات خارجية أكثر فاعلية فى تعزيز أمن إسرائيل ومصالحها.
يمكن لترامب أن يشير إلى عدد من المبادرات المؤيدة لإسرائيل لدعم صورته كأقوى حليف لها فى التاريخ، لا سيما اتفاقيات أبراهام لتطبيع العلاقات بين إسرائيل من جانب والإمارات العربية المتحدة والبحرين من جانب آخر.
لكن خطوات ترامب المؤيدة لإسرائيل أدت إلى إضعاف مصداقية وسمعة الولايات الأمريكية فى جميع أنحاء العالم. لقد أدى نهج ترامب تجاه إيران ــ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى الإيرانى لعام 2015 ــ ونهجه الخاطئ تجاه عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية إلى تدهور أمن إسرائيل، وليس تعزيزه. فالآن تعمل إيران على تكثيف برنامجها النووى، ناهيك عن أن آفاق تقدم حل الصراع الإسرائيلى الفلسطينى بعيدة المنال.
***
فى عام 2018، أشاد نتنياهو بالرئيس أثناء زيارته للبيت الأبيض بعد فترة وجيزة من اعتراف ترامب رسميا بالقدس عاصمة لإسرائيل. وكان قد صرح صهر الرئيس ومستشار البيت الأبيض، جاريد كوشنر، قبل عام أن ترامب سيقيم علاقة وثيقة مع نتنياهو لدرجة أن رئيس الوزراء لن يقول لا أبدا إذا أراد ترامب أى شىء فى المقابل.
وضع ترامب إسرائيل من ضمن محطاته فى أول رحلة له إلى الخارج. كان ترامب أول رئيس يصلى عند الحائط الغربى. فى العام الماضى، فى الفترة التى سبقت الانتخابات الإسرائيلية، أعلن ترامب الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان. وأعلن عن اقتراح سلام من جانب واحد يفتح الباب أمام إسرائيل لضم 30 فى المائة من الضفة الغربية.
هذه التحركات استقبلها نتنياهو باعتبارها بشرى سارة لإسرائيل، كما حظيت بشعبية بين العديد من الإسرائيليين وبعض الأمريكيين.
ولكن بعيدا عن هذا كله، اتبع ترامب بعض السياسات التى تتعارض مع مصالح إسرائيل على المدى الطويل. وبمساعدة من نتنياهو، أضر ترامب بالشراكة بين الحزبين التى تعتمد عليها ديمومة العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل. فلتأمين قاعدته ــ التى تضم المسيحيين الإنجيليين والجمهوريين ذوى الميول اليمينية ــ وإحداث شرخ سياسى داخل الجالية اليهودية الأمريكية، حاول ترامب جعل الحزب الجمهورى هو الحزب المفضل لإسرائيل بينما شيطن الديموقراطيين، حيث قال العام الماضى بسخرية: «إذا صوتَّ لديمقراطى، فأنت خائن لإسرائيل والشعب اليهودى».
إنه يخاطر بتحويل العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل إلى مسألة أخلاقية، حيث يضع الجمهوريين «الجيدين» ضد الديمقراطيين «السيئين». لكن قوة التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل تعتمد على إجماع سياسى بين الحزبين الرئيسيين فى أمريكا، فالعلاقة مع إسرائيل لا يمكن ولا ينبغى أن تعتمد على رغبات وطموحات حزب واحد أو شخص واحد.
***
لقد أضعف ترامب سمعة أمريكا حول العالم، وبذلك أضعف إسرائيل. إن أمريكا التى يُنظر إليها على أنها تخرق كلمتها فيما يتعلق بالالتزامات الدولية، وتُعتبر عاجزة عن مكافحة فيروس كورونا أو يُنظر إليها على أنها غير قادرة على بناء تحالفات لاحتواء خصومها، لا يمكن أن تكون جيدة لإسرائيل. الانسحاب من اتفاقيات باريس للمناخ، وتهديد علاقات الناتو، والإعلان عن سحب القوات الأمريكية فى ألمانيا، وتعليق التدريبات العسكرية مع كوريا الجنوبية، والتخلى عن الأكراد السوريين، كل ذلك يثير الشكوك فى أذهان السياسيين الإسرائيليين حول التزام أمريكا بدعم حلفائها.
كما أن نهج ترامب فى العراق وأفغانستان وسوريا يثير تساؤلات حول مصداقية الولايات المتحدة. ثم جاء بيع طائرات مقاتلة من طراز Fــ35 إلى الإمارات العربية المتحدة ــ جزء أساسى فى صفقة التطبيع الدبلوماسى مع إسرائيل ــ والذى أثار قلق بعض المحللين الإسرائيليين من أن السماح لخصوم سابقين بالوصول إلى معدات عسكرية أمريكية متطورة يقلل من التفوق النوعى لإسرائيل.
وإن روج ترامب لبعض النجاحات الحقيقية فى الشرق الأوسط، بما فى ذلك حربه مع الدولة الإسلامية التى بدأت خلال إدارة أوباما. فإنه أخفق فى القضيتين الإقليميتين الأكثر إلحاحا بالنسبة لإسرائيل ــ معالجة التهديد من إيران وعملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية.
بالنسبة للتهديد الإيرانى، لقد أضرت سياسة الضغط القصوى التى تنتهجها الإدارة تجاه إيران بالاقتصاد الإيرانى من خلال العقوبات الاقتصادية. لكنها لم تفعل الكثير لوقف برنامجها النووى. ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أخيرا أن إيران تزيد مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب؛ ووفقا لجمعية الحد من الأسلحة، تمتلك إيران أكثر من ضعف كمية المواد الانشطارية اللازمة لصنع سلاح نووى. وعندما انسحب ترامب من الاتفاق النووى الإيرانى، زاد نفور الحلفاء الأوروبيين من الولايات المتحدة، أضف إلى ذلك زيادة اعتماد إيران على روسيا والصين.
لقد تعلمت إيران التعايش مع العقوبات. نظامها لم يتصدع ولم يسقط. نفوذ الحرس الثورى الإسلامى آخذ فى الازدياد، وهو ما يعنى استمرار السياسة النووية الإيرانية العدوانية والدفع نحو النفوذ الإقليمى. ولا شىء من هذا يخدم مصلحة إسرائيل.
وبخصوص عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، فلقد قوضت خطة ترامب غير المتوازنة للسلام الإسرائيلى الفلسطينى قدرته على أن يكون وسيطا فعالا. بالإضافة إلى إغلاقه بعثة منظمة التحرير الفلسطينية فى واشنطن. كما أنه سحب التمويل الأمريكى لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، التى تقدم المساعدة المالية للفلسطينيين. وأدى قطع المساعدات الثنائية عن السلطة الفلسطينية إلى خلق عقبات أمام التعاون بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
كانت فرص حل الدولتين تتضاءل حتى قبل رئاسة ترامب. ولكن بمنحه موافقة ضمنية على استمرار النشاط الاستيطانى وإعطاء إسرائيل سيطرة أكبر على الضفة الغربية قبل أن تبدأ المفاوضات حتى بناء على اقتراحه، فقد جعل احتمالات السلام أكثر بعدا.
لم يفعل ترامب شيئا للمساعدة فى حل الصراع الإسرائيلى الفلسطينى الذى، إذا تُرك دون حل بمرور الوقت، سوف يقوض الطابع الديمقراطى واليهودى «لإسرائيل».
***
انتخاب بايدن لن يحل بطريقة سحرية القضايا بين إسرائيل وإيران أو إسرائيل والفلسطينيين. قد تكون شروط إيران لإعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووى باهظة. ويتحمل الفلسطينيون نصيبهم من المسئولية عن الحالة المحزنة التى آلت إليها عملية السلام. على أى حال، لن تكون إدارة بايدن خالية من التوتر مع حكومة نتنياهو. ولكن مثل بيل كلينتون، كان العمل مع إسرائيل جزءا من الحياة السياسية لبايدن لعقود. ومثل كلينتون، سيميل إلى منح نظرائه الإسرائيليين مكاسب بينما يبحث فى الوقت نفسه عن طرق لتهدئة التوترات مع إيران وإعادة الانخراط فى عملية السلام. من المرجح أن يعيد الشراكة بين الحزبين، والعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل إلى التوازن الطبيعى الذى ميزها لعقود.
إن قيادة الولايات المتحدة للعالم من خلال العمل فى شراكة، بدلا من الإملاء، وتجديد الجهود بحسن نية لنزع فتيل التوترات الإقليمية قد تأخر عن موعده. وبالنسبة للإسرائيليين والأمريكيين، ستساعد إدارة بايدن القادمة فى الحفاظ على العلاقة بينهم وتعزيزها.
ختاما، كان استقرار الشرق الأوسط، والتطلعات الوطنية للفلسطينيين، والأمن الإسرائيلى من الأمور بالغة الأهمية بحيث لا يمكن تركها فى أيدى ترامب، الذى أعطى الأولوية للمصالح السياسية الحزبية على حساب المصداقية الأمريكية العالمية وأمنها القومى وسمعتها.

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:
https://wapo.st/32QRfPY

التعليقات