تصريحات المرزوقى فى قطر مثيرة للجدل - امال قرامى - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 6:51 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تصريحات المرزوقى فى قطر مثيرة للجدل

نشر فى : الثلاثاء 19 مايو 2015 - 9:30 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 19 مايو 2015 - 9:30 ص

أثارت تصريحات الرئيس السابق المنصف المرزوقى فى منتدى قطر استهجان عدد من السياسيين، والإعلاميين، والشخصيات الوطنية، فضلا عن المبحرين فى شبكات التفاعل الاجتماعى. فقد آثر المرزوقى أن يستهل كلمته بشكر حكام قطر نيابة عن الشعب التونسى لوقوفهم بجانب تونس ودعمهم لها طيلة سنوات الانتقال الديمقراطى (متناسيا هتاف الجماهير لا أمريكا لا قطر، تونس حرة حرة وقطر على بره...). ولم يكتف المرزوقى بذلك بل اعتبر قطر من قوى الخير التى ساهمت فى بناء تونس الجديدة.

وكعادته انتقد المرزوقى الأحزاب التى لم تقبل الثوريين السلميين الداعين إلى دولة المواطنة، وعلى رأسها حزب نداء تونس، وذكرها بما كان قد تنبأ به من قبل من حدوث ثورة جديدة يتزعمها ثوريون غير سلميين ومن ثمة «سيأتى جيل ينصب المشانق».

والواقع أنها ليست المرة الأولى التى يشتم فيها المرزوقى التونسيين الذين لم يقبلوا به على رأس إدارة شؤون البلاد، وليست المرة الأولى التى «يصفى» فيها المرزوقى حساباته مع خصومه الذين يعتبرهم ممثلى «النمط البرجوازى اللاوطنى» من خارج البلاد. فكلما زار المرزوقى قطر اغتنم الفرصة ليشتم إعلام العار، والقوى المضادة للثورة.. وليس غريبا أن يشعر المرزوقى بارتياح فى موطنه قطر، فالرجل أفاد من خدمات قناة الجزيرة التى تطوعت لقيادة حملته الانتخابية، ودعم حركة شعب المواطنين، كما أن المرزوقى أفاد من مركز الدراسات التابع للجزيرة فكتب بمقابل مادى مناسب لمقام مناضل حقوقى ورئيس دولة.

لقد اعتبر المرزوقى فى نظر منتقديه «عميلا»، و«خائنا» للوطن، ومفرطا فى سيادة تونس بل ثمة من اعتبره متعاملا مع قوى الامبريالية وخدام الصهيونية، ودعا إلى محاسبة الرجل الذى تستر عن الجمعيات الخيرية التى سعت إلى تدمير البلاد عبر تأسيس شبكات تسفير الشبان إلى سوريا، والترحيب بالدعاة المحفزين على الاحتقان الاجتماعى، والمروجى لخطاب الكراهية والفتنة بين التونسيين. وفى هذا الصدد طالب محسن مرزوق، الأمين العام الجديد لحزب النداء، باتخاذ إجراءات ضد المرزوقى ودعا الدولة إلى محاسبته قائلا: «هذه التصريحات لا تليق برئيس دولة سابق، ويقوم بصب الغاز على النار فى الجنوب.. وعلى الدولة أن تثبت للجميع أنها دولة وكل واحد يتجاوز حدوده يلزم نحاسبوه حتى لو كان رئيس دولة سابق».

أما أنصار المرزوقى، والمدافعون عن حراك شعب المواطنين، والذى ينظر إليه على أساس أنه منقذ البلاد من الضلال السياسى، والزيغ النهضوى فإنهم يعتبرون المرزوقى «زعيم الوطن» وهو «حر وشريف»، و«آخر الرجال المحترمين»، وصاحب السياسة المنحازة «للمستضعفين ومن لا صوت لهم»، و«صاحب المشروع التحررى الحقيقى»، القائم على مبدأ العيش معا، وهو أيضا الشوكة المنتصبة فى وجه كل من العاملين على عودة حزب التجمع بآلياته المعروفة. والمرزوقى، فى نظر محبيه هو ممثل «العائلة الديمقراطية الحقيقية»، وهو «إنسان تقدمى حقيقى منحاز للإنسان المستضعف مهما كانت ايديولوجيته»، و المرزوقى هو «مؤلف القلوب وغير استئصالى ونصير المستضعفين».

•••

صورة المرزوقى تتشكل فى الداخل والخارج. فالحقوقيون فى موريتانيا، والمغرب، والسودان، وغيرها من البلدان من الذين عرفوا الرجل فى محطات سابقة فى حياته يروون عنه حكايات وقصص، ويقارنون خطاب الرجل قبل الثورة وبعد اعتلائه سدة الحكم، ويعبرون عن خيبة أملهم، ويتساءلون لم فرط الرجل فى ماضيه النضالى، وأضحى متناقضا متسترا عن التجاوزات، غاضا الطرف عن أشكال من الفساد؟

من الثابت أن المرزوقى يساهم هو أيضا فى تشكيل صورته من خلال اختيار هيئته، ومفردات خطابه، وسلوكه وخياراته.. وهو يريد من الناس أن يروا فيه ما يريد هو أن يروا. وبين الأسطورة والشيطنة مسافة تسمح بالوقوف عند طريقة اشتغال نسق التمثلات، ومعرفة الأسباب والدواعى التى تجعل الواحد يهيم شوقا فيمدح الزعيم الثورى، ويسانده بكل ما أوتى من قوة حتى وإن اقتضى الأمر غض الطرف عن العيوب والمساوئ، والزلات مادام هذا الزعيم قد سمح لمن كانوا وراء الستارة أن يبرزوا وأن يصبحوا فى موقع الفاعلين، والمؤثرين فى الجماهير.

أما الذين يمارسون الشيطنة فإنهم يحرصون على إخفاء ما يزعج فى خطاب المرزوقى، وقراراته، وتحركاته، والتركيز فقط على العيوب. وبين هؤلاء وهؤلاء يغدو المرزوقى فى منطقة بينية معلقا بين السماء والأرض، بين النزاهة، والمراوغة، بين الدهاء، والرعونة، بين التبصر والعمى.

التعليقات