هل حان وقت الحوار؟! - جورج إسحق - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 4:38 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل حان وقت الحوار؟!

نشر فى : الإثنين 19 يوليه 2021 - 7:55 م | آخر تحديث : الإثنين 19 يوليه 2021 - 7:55 م

أثار أستاذ السياسة الدكتور مصطفى كامل السيد موضوعا فى شدة الأهمية وهو «الحنين إلى الخروج من المرحلة الانتقالية»، فبعد الحروب التى خاضتها الدولة ضد الإرهاب وتحقيق الاستقرار التى لا يمكن إنكاره، يجب أن ننتقل إلى مرحلة أخرى. لا يفيد إطلاقا أن تدور فى المجالس الخاصة حوارات حول ما يحدث، بل يجب أن يفتح حوار مع كل القوى الوطنية ليتشارك الجميع فى وضع استراتيجية مستقبلية لمصر. فهناك مفاهيم لا يمكن أن توضع دون تشاور مع الآخرين.

عرفت مصر مراحل انتقالية مختلفة؛ فأولى المراحل بدأت مع الحملة الفرنسية التى تركت أثرا على الوعى وكانت مصدرا من مصادر التقدم والحضارة. وتبع ذلك وصول محمد على إلى السلطة ومحاولاته اقتباس (نقل) الأساليب الحديثة فى مختلف مناحى الحياة. ثم جاءت ثورة يوليو التى نقلت مصر من النظام الملكى إلى النظام الجمهورى، وبقيت مصر فى مرحلة انتقالية منذ ثورة 23 يوليو 1952 حتى 1967. ثم جاء السادات وبدأ مرحلة انتقالية جديدة قوامها الانفتاح الاقتصادى الذى وصفه الاقتصاديين «بالاقتصاد سداح مداح»، ولم تستطع هذه المرحلة الانتقالية طمث إنجازات عبدالناصر فى التعليم المجانى وتمثيل العمال والفلاحين فى المجالس النيابية وسيطرة القطاع العام على وسائل الإنتاج.

فهل نحن الآن أيضا فى مرحلة انتقالية وتفضيل لتولى الإدارة من قبل ذوى الثقة وليس من أصحاب الكفاءة؟ وهى فكرة حاول الإخوان فى فترة حكمهم تثبيتها وفشلوا فشلا ذريعا. لا ينكر أحد ضعف القوى السياسية التى كانت موجودة بعد قيام ثورة 2011، وفى نفس الوقت قامت أحزاب جديدة كان لها دور كبير فى تحريك المياه الراكدة وحاولت أن تقوم بدورها ولكن سياسة القمع تجاهها وعدم السماح لها بعقد اجتماعات شعبية لطرح رؤيتها أدى إلى ضعفها وخمولها، ولكنها حاولت فى مؤتمر عقد فى حزب التحالف الاشتراكى وجمع فيه كل المتخصصين طرح قضايا الصناعة والزراعة وسيناء ومنطقة الاستثمار فى قناة السويس والاستفادة العظمى من مياه النيل. جمع هذا الجهد من متخصصين فى كل المجالات التى سبق ذكرها فى كتاب أرسل إلى مقر رئاسة الجمهورية ولم يتلقَ الحزب أى رد على هذه الدراسة.

عندما بدأ الحراك الدستورى فوجئنا بمجالس نيابية لا تعبر عن الشعب بشكل كامل، وأعطيت الفرصة لأحزاب ورقية ودعمت لدخول انتخابات مجلس النواب. اتجهت الأحزاب إلى المحاكم فى دعويين قضائيتين؛ أن تكون الانتخابات بقائمة نسبية مطلقة، وحاولت بعض القوى الوطنية تشكيل قائمة ولكنها حوربت وقضى عليها بالفشل. وأن تتمتع قوائم الانتخاب بحرية كاملة فى الانتخابات البرلمانية.. مرت فترة هذا المجلس بإيجابياته وسلبياته. ولكن فى المجلس الجديد، أعتقد أنه قام وفقا لانتخابات؛ أفرزت فئة جديدة واستبعدت كل من له رأى مخالف مثل مجموعة 25 يناير، ولم ينجح منهم أحد.
كل هذا يتطلب حوارا موضوعيا هادئا. على سبيل المثال التعديل الذى ينظر المجلس الحالى فى إصداره بشأن المحكمة الدستورية وعدم اختصاصها فى النظر بالقضايا الدولية، هذا التعديل خطير على الاستثمار ويجب أن يطرح للمناقشة بشكل مجتمعى.

لا أحد يستطيع إلا أن يقف فى صف الدولة فى موضوع سد النهضة، وكان من الواجب فتح حوار بين كل المتخصصين لنسمع آراءهم فى هذا الموضوع. وفى نفس الوقت نؤيد كل الخطوات التى تتخذها الدولة تجاه هذه القضية.
إن مصر الآن تمر بتجارب تنموية شديدة الأهمية ومنها مشروع تحديث الريف، هذا المشروع القومى الذى يجب أن نتحاور جميعا حوله. فبالحوار نستطيع أن نرشّد كل مجالات القطاع العام ووسائل الإنتاج بدلا من وقف الإنتاج فجأة كما حدث فى الحديد والصلب بحلوان، فبالحوار ظهرت حلول كثيرة نتمنى أن يختار إحداها لرجوع هذا الصرح الصناعى العظيم إلى رونقه القديم.

يجب أن تغير الدولة نظرتها إلى بعض الأحزاب، وأن تغير سلوكها الذى يتسم بضيق الأفق وعدم الثقة فى المدنيين عموما، مع عدم تهميش الحركات الاحتجاجية منذ كفاية حتى ثورة 25 يناير 2011.
نحن نريد نظاما سياسيا متوازنا يحمى مصالح الشعب المصرى وأن تكون هوية الدولة مدنية. فالمطلوب هو إجراء مشاورات موسعة وجادة مع ممثلى الطبقة السياسية برمتها والتوصل إلى اتفاق حول المعايير السياسية الرئيسية.
ومن المطالب الملحة أيضا الإفراج عن كل السياسيين الذين لم يقترفوا جرما أو يستخدموا السلاح وخاصة الشباب منهم، وبذلك ننتقل من المرحلة الانتقالية إلى مرحلة أخرى جديدة تتسم بالشفافية ومحاربة الفساد ومعاقبة من يعرقل هذه التنمية لنعيش جميعا فى وطن سعيد يشارك أعضاؤه فى وضع السياسة العامة لمصر.

هذه دعوة مخلصة لرئيس الدولة، أن يدعو إلى مؤتمر يمثل كل التيارات السياسية ووضع جدول أعمال يمثل احتياجات الوطن والنقاش حولها، ولا يحرم أحد من هذا الحوار إلا من استخدم السلاح فى تحقيق أغراضه.
هل يستمع أحد لهذه الدعوة؟ نتمنى أن يحدث ذلك لأن الوطن يمر بمراحل دقيقة تتطلب مشاركة كل المواطنين فى الأحداث الجارية، وهذا يتطلب العفو عن كل ما يتصل بالجمعيات الأهلية وهى القضية المعروفة بـ 173 وكذلك إصدار اللائحة التنفيذية للجمعيات الأهلية، وأيضا سرعة إجراء الانتخابات المحلية لمساعدة الدولة فى مشاريعها المختلفة والتدريب على الاتقان فى العمل والمتابعة كما حدث فى إنجاز بعض المشاريع الكبيرة.

جورج إسحق  مسئول الاعلام بالامانة العامة للمدراس الكاثوليكية
التعليقات