مهما قيل عنه يبقى روبوتا - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 7 نوفمبر 2024 6:13 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مهما قيل عنه يبقى روبوتا

نشر فى : السبت 19 أكتوبر 2024 - 8:05 م | آخر تحديث : السبت 19 أكتوبر 2024 - 8:05 م

بعد سنوات قليلة جدا، ستمرّ كلمح البصر، لن يتعين على من يحتاجون إلى خدم منازل، يدبرون أمور منازلهم من الطبخ والتنظيف وغسيل الملابس أو حتى رعاية الأطفال، أن يقصدوا أحد مكاتب استيراد العمالة الأجنبية فى بلادهم ليتفقوا معه على جلب عاملة منزل من الفلبين أو سيريلانكا أو الهند أو إثيوبيا وغيرها من البلدان، ويدفعوا مقدما تكاليف ذلك. سيصبح كل ما على هؤلاء هو دفع ما يتراوح بين 20 إلى 30 ألف دولار، وشراء الروبوت «أوبتيموس» الذى أنتجته شركة «تسلا»، وسيتكفل «صاحبنا أوبتيموس» بالقيام بكل المهام التى تخطر على البال: «بدءا من حمل الأشياء الثقيلة والقيام بجولة مع الحيوانات الأليفة وانتهاء بالعمل على تربية الأطفال وغيرها من المهام المنزلية».
هذا ما صرح به إيلون ماسك خلال الحفل الذى أقامته شركته «تسلا» للكشف عن روبوتها الجديد، على هيئة إنسان، وبدا الرجل متفائلاً حدّ القول إن ملايين النسخ من «أوبتيموس» ستساعد على تنمية الاقتصاد وخلق مستقبل خالٍ من الفقر، أما الشركة المنتجة فقالت إن الروبوت يمكنه السير بشكل أسرع بنسبة 30٪. وانخفض وزنه بمقدار 10 كيلو جرامات، قياسا إلى سابقيه، مع تحسين التوازن، كون الأذرع من أصعب أجزاء الروبوت البشرى، ويجب أن تكون قوية بما يكفى لتنقل الأحمال الكبيرة، ودقيقة بدرجة كافية للتعامل مع الأشياء الهشة، وبمجرد أن يثبت الروبوت كفاءته ستبدأ «تسلا» بإطلاق مبيعاته.
بعد اليوم لن يكون المعين فى أعباء البيت إنسانا، رجلا أو امرأة من لحم ودم. تلمح فى عينيها مشاعر الرضا أو الغضب، التعب أو النشاط، وقد تعبر بين الحين والآخر عن شوقها لأطفالها الصغار الذين تركتهم فى رعاية زوجها أو أمها، وقطعت كل تلك المسافات الطويلة من أجل جمع بعض المال الذى يؤمن لهم عيشًا أفضل ومستقبلاً أكثر وعدًا. سيكون ما أمامك «روبوت» من حديد، جرى تعبئة دماغ فيه، لكنه لا يفكر، إنما يطيع الأوامر التى توجه إليه. لا تعابير عين سترى، لا دموع ستسيل منه، لأنه ضجر أو حزين، ولا ابتسامة ولا ضحكة لأنه فرح.
قد ينجح السيد ماسك فى تطوير «أوبتيموس» إلى أبعد الحدود، وقد يستطيع «أوبتيموس» أن يقوم بكل المهام التى وعد ماسك بها، ولكنه سيكون خطوة أخرى، يختلف المختلفون فى تقييمها أسلبية هى أم إيجابية، لكنها بالتأكيد ستفرغ الحياة من الكثير من شحنتها العاطفية التى فطر البشر عليها، وتطورت مع تطوّر الحضارات، فإذا بالبشر يفقدون، بمرور الوقت، تآخيهم المشترك الذى تنظمه علاقاتهم فى العمل والحياة، ليحلّ زمن سيكون مقابلك فيه ليس بشرًا مثلك، وإنما مجرد روبوت، مهما قيل عن ذكائه يبقى روبوتا!
حسن مدن
جريدة الخليج الإماراتية

التعليقات