بيـن يدى جمعــة النصر - عبد المنعم أبو الفتوح - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 6:56 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بيـن يدى جمعــة النصر

نشر فى : الأحد 20 فبراير 2011 - 3:57 م | آخر تحديث : الأحد 20 فبراير 2011 - 3:57 م
ما نــــراه من حرگــات احتجـــاج فئويـــة قـــد يــــؤدى إلى أضرار گثيــرة فــى هـــذه المرحلة
نهر الديمقراطية سيتدفق لدينا من ممارستنا وحاصل خبراتنا وتجاربنا ومسارات سلوكنا الدولة ملك لنا ويجب أن نحافظ عليها وعلى كل مكوناتها

علينا أن نكون على المستوى الذى يليق بالوطن وأيامه التاريخية

شاء الله العلى الكبير أن نحيا ونرى اليوم الذى يحرر فيه المصريون أنفسهم من القهر والطغيان.. وأن نرى الأمة المصرية كلها شعبا أبيا أصيلا بعد أن خطط لها الطغاة أن تكون أفرادا مبعثرين يتجمعون فقط خلف سفاسف الأمور. وصدق من قال إن الحاكم الفرد لا يكون مستبدا فردا.. إلا إذا حكم أفرادا.. لا شعبا.

اليوم وقد حقق الله لنا النصر على الاستبداد والظلم.. ومكننا من إزاحة الطاغية ونظامه فإنه يتوجب علينا أن نتبصر بأمورنا وأمور وطننا. وأن نتطلع إلى المستقبل بكل الثقة فى تأييد الله وعونه. ثم بأنفسنا وما نحويه من قدرات وإمكانات.. وبما نمتلكه من مقومات الدولة ومؤسسات المجتمع.

لذلك يجب علينا أن ننتبه إلى عدة نقاط مهمة:

يجب علينا أن نعيد الثقة فى مؤسساتنا وقطاعات الدولة المختلفة. هناك فرق بين الدولة والنظام أو الحكومة. الدولة ملك لنا ويجب أن نحافظ عليها وعلى كل مكوناتها. وحينما يسقط النظام أو تسقط الحكومة فهذا لا يعنى سقوط الدولة ـ لا سمح الله ـ ومصر طوال تاريخها عرفت قيمة الدولة وما تمثله من معنى. ولعلنا نذكر فى أوقات المحن التى مرت بالأمة وقت الغزو المغولى أو الصليبى انتقلت (الدولة) إلى مصر فاحتضنتها وصانتها.

نحن نمر الآن بظرف تاريخى دقيق تنتقل فيه مصر إن شاء الله من ضيق القهر والاستبداد والفساد إلى رحابة الحرية والعدل والكرامة وهو الظرف الذى قيض الله فيه لنا المؤسسة الوطنية الأمينة على الشعب والبلاد (جيش مصر العظيم). وهى المؤسسة التى أظهرت لنا وجهها المسئول خلال الأزمة الأخيرة فى كل مراحلها فكانت إلى جانب الشعب فى كل مطالبه. ولعلى هنا أشير إلى القرارات الأخيرة من حل البرلمان بمجلسيه وإسناد رئاسة لجنة تعديل الدستور إلى المستشار طارق البشرى المعروف بعلمه الغزير ومواقفه الوطنية القوية أثناء وبعد عمله فى مجلس الدولة. وهى رسالة كريمة من المجلس العسكرى إلى كل الوطن.. فيها من الجدية وبث الطمأنينة ما يثلج الصدور ويزيد فى الثقة. ونحن بدورنا استقبلنا الرسالة.. لكن يجب أن يلغى العمل بقانون الطوارئ والإفراج عن المعتقلين السياسيين فى أقرب وقت.

< يجب على كل المهنيين أن يبدأوا فى تنظيم أنفسهم فورا داخل نقاباتهم واتحاداتهم المهنية. فهم القاطرة التى ستتحرك بالمجتمع إلى الأمام فى طريقة لاسترداد حقوقه. وذلك لسببين الأول أن ما نراه من حركات احتجاج فئوية غير منظمة فى كثير من قطاعات المجتمع وبشكل جماعى قد يؤدى بأضرار كثيرة فى هذة المرحلة الانتقالية الدقيقة وقد يعرض المجلس العسكرى لضغوط غير مبررة تنتج عنها قرارات يكون فيها من الخسارة أكثر من الكسب فيما يتعلق بالحقوق المدنية. هذا من جانب ومن جانب آخر فإن هذه الاحتجاجات من شأنها أن ترهق المجتمع والناس بعد أيام عصيبة مرت بهم. وما رأيناه فى إضراب هيئة النقل العام مثالا لذلك.. الكارهون لحريتنا ونهضتنا توعدونا بفوضى ـ لاسمح الله ـ والمصريون أكرم وأعقل من أن يدفعوا بالأمور إلى هذا الاتجاه.

السبب الثانى أن الأمم التى سبقتنا فى طريق النهوض ضبطت العلاقة بين الدولة والمجتمع على أن يكون المجتمع هو الأقوى. وهذا فى صالح الاثنين معا لذلك فمن الخطوات الأولى التى يجب أن نخطوها فى طريق النهضة هو تكوين مؤسسات اجتماعيه قوية ومعبرة عن كل قطاعات المجتمع وآتيه بالانتخاب وتحمل مكونات المجتمع بكل تنوعه.

مصر الآن فى حاجة إلى كل أبنائها مسلم وقبطى ليبرالى واشتراكى.. سياسى وغير سياسى.. وأقول هنا إن الإخوان المسلمين سيعملون جاهدين على أن تكون مشاركتهم فى كل الفاعليات مشاركة لا مغالبة. لكى يتاح لكل المصريين المشاركة الفاعلة فى هذا الوقت التاريخى.

يجب أن يتأكد لدينا أن الديمقراطية منظومة قيم قانونية وحقوقية ينظمها عقد اجتماعى سياسى ثقافى يقوم على احترام التعددية ونبذ الاستبداد ومنع الانفراد بالسلطة. والقول بأن الديمقراطية تجربة وليست أيديولوجية قول صحيح.. لذلك فنهر الديمقراطية سيتدفق لدينا من ممارستنا وحاصل خبراتنا وتجاربنا ومسارات سلوكنا. وأنا أرى أن الديمقراطية الاجتماعية تمنح الديمقراطية السياسية حصانه وقوة. وعلى ذلك فيجب أن نبدأ فى ممارسة السلوك الديمقراطى فى كل مكان فيه قرار وفيه بشر بكل وعى وحرية. والوعى والحرية فى المفهوم الصحيح متلازمان. والاثنان هما قوام الديمقراطية التى نحلم بها ليست كغاية ولكن كأداة ووسيلة. فبدونها لا تقوم للسياسة قائمة. وبدون سياسة لن يكون هناك تداول سلطة. وبدون الحرية والوعى والديمقراطية وتداول السلطة لا تكون هناك دولة ولا يكون هناك شعب. إنما والعياذ بالله يكون هناك إقطاعى يحكم أفرادا. كما كان فى الماضى البائد وأتذكر هنا قول شوقى رحمه الله:

قف دون رأيك فى الحياة مجاهدا

إن الحياة عقيدة وجهاد.

أتوجه بنداء من أعمق أعماق قلبى إلى القيادات الحزبية والنخب السياسية والاجتماعية والمهنية أن يجعلوا من أنفسهم رموزا ملهمه للشباب الذى يتطلع الآن بكل ما فيه من لهفة إلى القدوة.

هذا الشباب الذى ظلمناه كثيرا طوال السنين الماضية واتهمناه بالسلبية والأنانية والتفاهة.. وهى السلوكيات التى كان النظام الغشوم حريصا على غرسها فى نفوسهم ووعيهم.. أما وقد نفضوا عن أنفسهم كل ذلك وقدموا بين يدى الوطن كل هؤلاء الشهداء وكل هذه التضحيات فقد وجب علينا أن نكون على المستوى الذى يليق بالوطن وأيامه التاريخية التى نحياها الآن من ارتفاع عن الخلافات والمطالب الضيقة. حق هذا الشباب علينا أن نكون قدوة له فى إنكار الذات.. فى التضحية.. فى الإيثار فى تقديم المنفعة العامة على المنفعة الخاصة بكل أشكالها شخصية كانت أم حزبية.

يقول العلماء إنه ليس هناك شىء أقوى من الحب سوى الخوف. وأتصور أن حاله الاحتقان والسلبية والأنانية المفرطة التى كانت تعشش فينا وتسرى بيننا.. أتصور ان كل ذلك كان نتيجة طبيعية لكمية الخوف الهائلة التى كانت تسكن داخلنا والتى تراكمت عبر تاريخ طويل وتناقلتها أجيال وراء أجيال.. حتى كاد الناس يتنفسون خوفا مع هواء صدورهم.. كل ذلك ذهب ومضى.. ونحن من حطّمه ورماه بعيدا. وحق للحب أن يكون أقوى ما فينا وأظهر ما فينا. المصريون بطبعهم قوم يقتاتون على الحب والتوادد كما يعرف عنهم وتشهد لهم الدنيا. فليكن الحب هو الوشيجة بيننا والرابط بين أفكارنا حتى وإن اختلفنا. والواصل بيننا حتى وإن تباعدنا والحاضر بيننا حتى وإن تنافسنا فى نقاشات أو انتخابات أو ما شابه ذلك.

لنتذكر جيدا أن الدنيا كلها تنظر إلينا الآن.. لترى كيف سنصنع بأنفسنا وبوطننا وبحاضرنا ومستقبلنا. ونحن جديرون بكل ما ينبغى أن نكون عليه من وحدة وإخاء ومسئولية وشرف وعطاء وجهاد.

 

التعليقات