صوت الجماهير - كمال رمزي - بوابة الشروق
الثلاثاء 30 أبريل 2024 3:17 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صوت الجماهير

نشر فى : الجمعة 20 مايو 2016 - 9:40 م | آخر تحديث : الجمعة 20 مايو 2016 - 9:40 م
كما لو أنى أسمعها لأول مرة، برغم صداها الذى لم يتوقف فى ذاكرتى منذ أكثر من نصف القرن، حين أنشدها ملك الألحان، محمد عبدالوهاب، بكلمات الشاعر الغنائى، ضخم الموهبة، حسين السيد.. ظننت، طوال تلك السنوات، أن «صوت الجماهير» ١٩٦٣، أصبح عملا كلاسيكيا مرموقا، مكتملا، يتمتع بطاقة وطنية، ذات طابع نضالى نبيل، يتفهم، حركة الشعوب التى ترنو، للحرية والعدالة.

لكن الأداء الجديد للنشيد، صوتا وصورة، خطفنى، جعلنى أحس أن النشيد ابن الحاضر، كتبه حسين السيد فى أعقاب ثورة يناير ٢٠١١، متأملا مقدماتها، متغنيا بأبطالها من المجاميع الشريفة.. ثم قام محمد عبدالوهاب بإبداع لحنها، كى تشدو بها تلك البنت المصرية، التى لا أعرف عنها إلا معلومات شحيحة: السوبرانو، فاطمة سعيد، ابنة الخامسة والعشرين ربيعا، أى نصف عمر النشيد، نالت عدة جوائز دولية، شاركت مؤخرا، فى اليوم العالمى لحقوق الإنسان، بتقديم المقطع المتعلق بعدالوهاب.

شارك فى النشيد، المتعدد الأصوات، الأقرب للأوبريت، كوكبة من نجوم غناء القرن الماضى:

نجاة الصغيرة، شادية، فايزة أحمد، عبدالحليم حافظ، فايدة كامل، فضلا عن محمد عبدالوهاب، الذى يبدأ الإنشاد بكلمات متأملة، تنفذ إلى عمق التاريخ، تتبين قانون مقاومة الطغاة، ووصلا إلى الثورة:

من عهد آدم، والظلم حاول يعادى دايما شمل القلوب

والشعب دايما، كان صوته عالى، والنصر دايما كان للشعوب

فى تاريخ كل نضال

على مر الأجيال

يبتدى من همسات بترج آهات الظلم فى كل ضمير

وانتصرت خطوات

وانطلقت صيحات

تفضل تكبر تفضل تعلا لحد ما تبقى صوت الجماهير

صوت الجماهير صوت الجماهير

حين أنشد محمد عبدالوهاب، هذا المقطع، كان متجاوزا الستين من عمره.. صوته، لا يزال محتفظا بدفئه وحلاوته برغم الوهن الذى تسلل له، وجعله يتحاشى الطبقات العالية، وبذكائه، تعمد، فى أدائه، أن يبدو كأستاذ حكيم، معلم، مستوعب لدرس التاريخ، تأملى عقلانى وهادئ.

«صوت الجماهير» ارتبطت بصوت محمد عبدالوهاب، طوال ما يزيد على نصف القرن، إلى أن باغتنا صوت البنت المصرية الموهوبة، فاطمة سعيد، منذ عدة شهور، فبدا لنا لحن النشيد كأنه ظل هائما، ربما تائها، طوال هذه العقود إلى أن وجد ضالته فى البيت المذكورة حالا.

بفستان أحمر، تتقدم الشابة النحيلة، القمحية البشرة، بخطوات متسارعة، واثقة، نحو خشبة المسرح، يمد المايسترو يده ليساعدها على صعود درجتين. الأوركسترا يعتمد أساسا على مجموعة كبيرة من الكمنجات، فضلا عن بعض آلات النفخ، يبرز منها آلة «الترمبون» النحاسية، عماد المارشات العسكرية، بما توحى به من قوة وقدرة على المنازلة والاقتحام.. فاطمة، تعلق فى سلسلة حول رقبتها، قلادة على شكل قارة أفريقيا.

ما أن تصدح بأنغام محمد عبدالوهاب حتى تدرك التباين الشاسع بينها والأستاذ.. هنا، الآن، تبدو فاطمة مشاركة، فعالة، مندمجة فيما تتغنى به. معانى الكلمات تتبلور واضحة فى عيونها المتوقدة بالعزيمة والإيمان بالنصر.. هى، بحركة يديها المقتصدة، جسمها، حنجرتها الذهبية، تغدو أجزاء مكتملة للنشيد. إنها تجعلنا نحس بهتافات جماهير يناير ٢٠١١، وحركتها المتدفقة فى ميدان التحرير، السويس، الإسكندرية، وكل مكان انطلقت فيه نداءات الحرية.

فاطمة سعيد، صوت فى ثورة، وثورة فى صوت، أرجو ألا يفوتك معايشتها، خلال «النت» الذى يحاول بعض مخالب الطغاة.. منعه.
كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات