مصر بعد 40 عاما - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 10:06 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصر بعد 40 عاما

نشر فى : الإثنين 20 يونيو 2011 - 8:09 ص | آخر تحديث : الإثنين 20 يونيو 2011 - 8:09 ص

  لم يعرف الشعب المصرى عن وزارة الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية طوال العقد الماضى، إلا أنها أداة من أدوات الفساد. عن طريق هيمنتها على بيع وتوزيع أراضى الدولة الصالحة للزراعة أو للاستثمار السياحى للمحظوظين من كبار المسئولين وعائلاتهم. وباستثناء حسب الله الكفراوى لم ينجح وزير للإسكان من استغلال نفوذه فى توزيع أراضى الدولة على الأقارب والمحاسيب. وفى تنفيذ مشروعات عمرانية لخدمة الطبقات ذات الدخل، بما فى ذلك إقامة الطرق والكبارى التى تخدم مجتمعات الصفوة ومنتجعاتهم على السواحل.

ولكن فى ضوء المتغيرات التى تبدو محلقة فى الأفق، ومع بروز مفاهيم ورؤى جديدة مدفوعة بأفكار الشباب وقوى الثورة.. قدمت وزارة الإسكان والتنمية العمرانية رؤية مستقبلية للتنمية، مشفوعة بمخطط استراتيجى على مستوى الوطن، ناقشها وزير الإسكان الدكتور فتحى البرادعى مع عدد من المفكرين باعتبارها تقوّم رؤية استراتيجية شاملة، ترسم خريطة المستقبل فى مصر بعد 40 عاما مقارنة بالوضع الراهن فى 2011 من حيث السكان والمساحة وقوة العمل والمساحات المأهولة فى الدلتا ونهر النيل.. إذا نجحنا فى مواجهة التحديات الأساسية للتنمية.. وأهمها وأخطرها تضاعف السكان، وتآكل الأرض الزراعية (بمعدل 13 ألف فدان سنويا).

تبدو الصورة التى تقدمها الأرقام والاحصائيات فى تقرير التنمية بالغة القتامة، ويكفى أن تعرف أن عدد السكان فى مصر سوف يقفز إلى 184 مليون نسمة خلال الأربعين سنة. مما يتطلب توفير أكثر من 60 مليون فرصة عمل. ومع تضاعف السكان سوف يقل نصيب الفرد من الموارد المائية المتجددة. ولن يكون هناك مفر حينئذ من تطوير أنظمة الرى عن طريق تكنولوجيا إعادة استخدام مياه الصرف الصحى والصرف الزراعى. والاستعانة بتكنولوجيا تحلية مياه البحر.. إلى غير ذلك من المشكلات، فكيف يمكن تحقيق ذلك أو جانبا منه على مدى زمنى معقول؟

من هنا يبدو أن جيل الثورة سوف يواجه تحديات بالغة الصعوبة حين يؤول زمام الأمور إليه. وأن وضع مصر كدولة متقدمة ومنافسة لن يكون الطريق إليه سهلا بل مملوءا بالعقبات والأشواك. ولكى تتحقق الآمال المعقودة على هذا الجيل، فلابد من تغيير جذرى لكثير من المسلمات والأساليب القديمة.. وفى مقدمتها إرساء أسس مناخ ديمقراطى حاضن للإسراع بالتنمية، وبناء اقتصاد متنوع يرتكز على التكنولوجيا والمعرفة المتقدمة.

ولبلوغ درجة معقولة من الكفاءة الاقتصادية التى تسهل تحقيق العدالة الاجتماعية، وتكفل القدرة على مواجهة المخاطر الأمنية والبيئية، فلابد من تطوير الصناعة والزراعة والخدمات الإنتاجية بطرق غير تقليدية للارتفاع ــ مثلا ــ بعدد السائحين إلى 52 مليون سائح!

أما فى مجال الزراعة، فلابد من استخدام تقنيات الزراعة بالمياه المالحة لزراعة أشجار تختص بإنتاج الوقود الحيوى، وتحتمل أقصى أنواع الجفاف، وتنتج ثمارا غنية بالزيت!

تحتم الرؤية المستقبلية لتحقيق هذه الأهداف التنموية ضرورة الاعتماد على مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة إلى جانب الغاز والبترول.. وأن نبدأ فى ذلك سريعا خلال فترة لا تتجاوز 15 عاما، خصوصا بعد أن أصبحت مصر جزءا من شبكة مشروع الطاقة الجديدة الأوروبية فى الصحراء الكبرى، والذى يجرى التخطيط عن طريقه لإمداد أوروبا بـ15٪ من احتياجاتها من الطاقة عام 2050. فإذا رأينا كيف تتلكأ مشروعات الطاقة النووية حاليا فى مصر، وتعتمد الدولة على المساعدات الأجنبية فقط فى إنتاج الطاقة المتجددة من الرياح والشمس، فإن الآمال المعلقة على المستقبل قد تنتظر طويلا!

غير أن المهم فى ذلك كله، وحتى لا تظل كل هذه المشروعات مجرد أحلام نخرجها من أدراج المكاتب مع كل وزير أو وزارة جديدة، أن تشترك أجهزة الدولة بكاملها فى وضع خطط زمنية شاملة لتنفيذها، وإعداد الكوادر الفنية ومراكز التدريب اللازمة لها، مع ربطها بمراكز البحث العلمى والجامعات، وبالأخص مشروع زويل للمستقبل.

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات