لوحة «يا بعد حيى» وأعداء الفن - صحافة عربية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 3:15 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لوحة «يا بعد حيى» وأعداء الفن

نشر فى : الثلاثاء 22 أغسطس 2017 - 8:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 22 أغسطس 2017 - 8:45 م
نشرت جريدة عكاظ السعودية مقالا للكاتبة «ريم العسيرى» ذكرت فيه أن للفنون عشاقها مثلما لها كارهوها الذين يعتبرونها رجسا من عمل الشيطان؛ لا يلحظون أى جمال ينبعث منها، تمقتها عقولهم وتـشمئز منها حواسهم، على الرغم من أن الفن وسيلة إنسانية للتعبير واستنطاق الذات وأداة للارتقاء بالمجتمعات والسمو بالأنفس، بيد أنهم نزعوا الإنسان من دواخلهم حتى تبلدت قلوبهم وذبل إحساسهم، إلى الحد الذى لا تطرب فيه مسامعهم لأغنية، ولا تسر أعينهم للوحة تشكيلية، ولا تغمر أرواحهم البهجة عند قراءة قصيدة حداثية.
أولئك هم أعداء «الفن» الذى يمسح عن الروح غبار الحياة اليومية، كما قال الرسام الإسبانى بابلو بيكاسو، ووصف حالهم الروائى الفرنسى ميلان كونديرا، إذ يقول: «كاره الفن لا يحيا بسلام، إذ يشعر بأن وجود شيء لا يفهمه يهينه، فيكرهه»، وهذا ما حدث فى حائل حيث طالت أيادى المخربين لوحات تشكيلية لرسامات مبدعات، طمسوا بعض أجزائها ببشاعة ومزقوها، ولم تسلم من أياديهم التعيسة العبارة التى ترددها كل الألسن الحائلية «يا بعد حيى»، والتى تعود جذورها إلى سفانة ابنة حاتم الطائى، وخطتها يد الرسامة ابتهاج فى لوحتها فطمسوها، وسرقوا البهجة من وجهها ولوحتها.
ظاهرة الاعتداء على الأعمال الفنية بشكل عام وكل ما يرمز للفن وتخريب الأعمال التشكيلية على وجه الخصوص ليست وليدة اللحظة، ولا ترتبط بالسذج من المراهقين مثلما يعتقد البعض، بل حتى برجال ونساء كبار ومتعلمين ويعملون فى مناصب مختلفة، حيث يرون فى العمل الفنى «منكرا» يستوجب أن تسحقه أياديهم, والأمثلة كثيرة فى مجتمعنا، ففى عام 2012 قام عميد إحدى الكليات بتمزيق رسومات فتاة فى معرض تشكيلى قام هو بافتتاحه وليته لم يفعل.
رغم بشاعة ما حدث لفنانات حائل، إلا أن هناك أمرا يستحق أن نفخر به كـعشاق للفن ومناصرين له، وهو استنكار الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعى لذلك الجرم ووقوفهم إلى جانب الفنانات ومشاطرتهن الألم وتشجيعهن على الاستمرار، سعدت كثيرا وأنا أرى التعليقات الإيجابية تنهمر على هيئة مواساة وتشجيع الابتهاج عبر حسابها فى إنستغرام, حيث اعتذر لها شاب خلوق عن ما بدر من أبناء جنسه من تخريب لعملها، وأخبرها آخرون أنهم فخورون بها وبفنها.
هذا التضامن مع الفنانات يبشر بالخير، ويعكس حجم الوعى بقيمة الفنون ورفض ما يقوم به أعداؤها من ممارسات بشعة لا تليق بمسلمين ولا بمجتمع إنسانى متحضر، والأجمل حين تتضامن جهة ثقافية كجمعية الثقافة والفنون وتتقدم إلى الشرطة بطلب التحقيق فى تخريب الأعمال، وتمد يدها إلى الفنانات وتفتح أبواب الدعم والاحتواء لهن.
الفن هو القشة التى يجب أن نتشبث بها كى لا نغرق فى الـكآبة والهمجية والرتابة، هو وسيلتنا لنصبح أكثر حضارة وإنسانية، والعصا السحرية التى ستصب البهجة فى لحظاتنا، هو واجهتنا المضيئة أمام العالم، فلننتصر له ولنضاعف من مساحته فى حياتنا ونجعله حاضرا فى كل تفاصيلها.

عكاظ ــ السعودية
التعليقات