همسة فى أذن الحبيب - حسام السكرى - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 6:26 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

همسة فى أذن الحبيب

نشر فى : السبت 22 أكتوبر 2016 - 9:30 م | آخر تحديث : السبت 22 أكتوبر 2016 - 9:30 م
شكل لقاء نقيب الصحفيين السابق الأستاذ مكرم محمد أحمد مع المذيعة عزة مصطفى فى برنامج «صالة التحرير» إسهاما غير متوقع فى حل لغز طالما استعصى على الفهم.

اللغز لا علاقة له باتفاق تسليم جزيرتى تيران وصنافير للسعودية، ولا بما كشفه النقيب السابق عن الاستعجال فى استصدار القرار قبل أن تهبط طائرة الملك سلمان أرض مصر، ولا حتى بالتصريح المدهش عن تولى إسرائيل للتدابير الأمنية على الجزيرتين عوضا عن مصر، وهو ما تراجع عنه الرجل فى اليوم التالى ليقول إنه كان يعنى السعودية وليس إسرائيل.

لكل منتج إعلامى «رسالة» توجه لـ«جمهور مستهدف». وفى هذا الحوار الملتبس كان واضحا أن المذيعة قلقة من عدم ملاءمة الرسالة لجمهورها. وعندما تحدث مكرم عن ضرورة موافقة طرف ثالث على الاتفاقية تدخلت المذيعة أكثر من مرة للزج بالقضاء المصرى أو بالبرلمان فى الحوار، إلا أنه كان يتجاهلها مؤكدا أنه يقصد موافقة إسرائيل، ثم يستطرد فى لوم المملكة العربية السعودية ويفيض فى عتابها على عدم تقدير كل ما ارتكبه الطرف المصرى من تجاوزات من أجل الملك سلمان.

كانت المذيعة تفكر فى جمهور مشاهديها، فيما كانت الرسالة موجهة، لا للملك الذى لا يشاهد المحطة، ولا للمملكة التى لا يتابع مسئولوها برنامج صالة التحرير، وإنما كانت رسالة ولاء ومؤازرة للجالس فى مقعد السلطة.

نفس الإشكالية تلاحظها فيما دأب على نشره أخيرا عدد من الكتاب. فعندما يقول أحدهم إن المصريين «شعب يخاف ما يختشيش (…) والسيسى اللى مش عاجبك دلوقتى كنت بتبوس رجليه عشان يبقى رئيسك»، وعندما تنشر كاتبة مقالا تقول فيه إن «السيسى هو الرئيس الصح للشعب الغلط» يصعب القول بأن هذه الرسائل موجهة للجمهور المصرى رغم أنها ظاهريا تخاطبه.

ولا يختلف الأمر هنا عن وصلات الردح والإهانة التى برع عدد من مقدمى برامج التوك شو فى توجيهها للمصريين. فنحن فى رأيهم شعب من الكسالى والمتنطعين ومدعى الفقر، ومسئولون بالتأكيد عن الفساد والمحسوبية والرشوة وسوء الإدارة وانهيار التعليم والصحة والسياحة والزراعة والصناعة والأمن، فى الوقت الذى نعزف فيه عن إيجاد الحلول لكل ما تسببنا فيه من مشاكل.

باختصار الإعلام المصرى لا يتوجه برسائله للجمهور المصرى، رغم أنه فى الظاهر يخاطبه. رسائله موجهة للسلطة أو الحاكم. فهم هذا التحول الجذرى فى مفهوم الجمهور المستهدف يمكن أن يكون مدخلا لإعادة النظر فى العلاقة أو تصحيحها.

ومن المهم هنا أن أوضح أننى لا أقترح تعديلا على الرسالة الموجهة، ولا إعادة النظر فيمن تستهدفه، بل أرى أن الأجدى هو تغيير طبيعة الوسائط المستخدمة لتوصيل الرسالة من مصدرها إلى متلقيها.

رسائل إعلامنا فى مجملها بسيطة ولا تعدو أن تكون: نحن معك أيها الرئيس المحبوب. نقدرك ونصطف خلفك حتى لو كان هذا فى مواجهة شعبنا المهمل الكسول الذى لا يبدو أنه يقدر قيمة الرئيس.

هذه الرسالة المقتضبة بأطرافها المحدودة، لا تبرر استخدام وسائل اتصال جماهيرى ضخمة من صحف ومجلات وشبكات تليفزيونية أرضية وفضائية تنفق عليها المليارات، إضافة إلى برامج توك شو يتقاضى مذيعوها الملايين. فكر معى فى حجم الوفر الذى يمكن تحقيقه لو أغلقت كلها واستخدمنا وسائل أكثر فعالية وملاءمة، تصل بالرسالة إلى الهدف مباشرة، وتتجاوز تسعين مليون شخص من غير المعنيين لا بالرسالة ولا بأطرافها.

فكر فى مدى فعالية التواصل بطرق أسهل وأكثر بساطة: همسة حانية فى الأذن، أو رسالة وردية رقيقة ومعطرة، رسمت على غلافها وردة، وكتب عليه بحروف رقيقة.. مثلا «من غادة ومحمد.. إلى سيادتكم.. مع التحية».
التعليقات