13ــ أنوار الفقه المالى ــ المال الحلال (3) - جمال قطب - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 2:10 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

13ــ أنوار الفقه المالى ــ المال الحلال (3)

نشر فى : الخميس 24 يناير 2019 - 10:00 م | آخر تحديث : الخميس 24 يناير 2019 - 10:00 م

إذا جاء المال حلالا خالصا، سواء من إرث نظيف، أو من عمل شريف أو هدية تقدر على ردها، أو زكاة وصدقة لمن يفقدون ضرورات الحياة، فقد أنجزت أول ركن من أركان صلاحية المال للانتفاع به. ويبقى علينا نظرة فحص وتطهير لهذا الحلال الذى وصل إليك.
ــ1ــ
أول ما يراجع به المسلم «طهارة المال» الواصل إليه من طريق الحلال، هو أن يقدر وضع نفسه فى نفس ظروف دافع المال، فإن قبل أن يعانى تلك المعاناة التى يتحملها دافع المال (المريض لطبيبه)، (التلميذ لأستاذه)، (الصانع للزبون) و(البائع للمشترى)، فلا شك أنه قد اطمأن على معلم آخر من معالم طهارة المال، فأخطر ما يخيف ويهدد سلامة الأموال هو معاناة دافعها وعدم ضرورتها لمحصلها.
فليس الثراء والغنى ضرورة تحصل من دخول الفقراء والمحتاجين يقوم بتحصيلها مدرس يبنى عمارة، أو طبيب يجدد سيارة، أو تاجر يبيع بضاعة مغشوشة، أو سليمة ويبالغ فى ربحها. فكل العائد من معاناة الناس أموال غير طاهرة، وكما جاءت من معاناة الناس لابد وأن يعانى صاحبها من خروجها إذ سوف تخرج تلك الأموال من يده، إما علاجا لمرض أو سرقة ونصبا، أو ثمنا لسلع لا تحقق له فائدة. وربما خرجت من عنده فى صورة جهاز وإعداد لعريس أو عروس من أبنائه، ولا تنجح تلك العلاقة وسرعان ما يكون الغضب والطلاق والضياع النفسى. فاحذر أيها المسلم من أن يكون دخلك من معاناة وإثقال على الناس.
ــ2ــ
وثانى معلم من معالم «طهارة المال» ألا يكون انشغالك بتحصيل تلك الأموال هو السبب فى عدم قيامك بواجبك نحو غير القادرين. فربما يبقى الطبيب فى عيادته حتى يبلغ به الإرهاق فلا يستطيع معالجة فقير أو يحسب أن المريض الفقير عليه أن يذهب إلى طبيب صغير. فكما جاءك الرزق من الشخص القادر لابد أن تتذكر غير القادر. سواء كان ذلك تلميذا يطلب علمك، أو مريضا يطلب طبك، أو جائعا يحتاج مما ملأ مخازنك. فلا تخصص نفسك لمن يدفع فقط، وإلا فقد أصبت طهارة المال بما يعكرها، فلا تحقق لك سرورا ولا راحة نفسية.
ــ3ــ
كذلك فإن «طهارة المال الحلال» تحتاج إلى معلم آخر، وهو عدم تحقيق الدخل على حساب طاعة الله، فتراك مواظبا منضبطا فى عملك حريصا على مواعيد «السبوبة» ومهملا متكاسلا عن «مواعيد الصلاة»، ويستدرجك الشيطان بتزوير القول «العمل عبادة»!! نعم العمل عبادة مفتوحة الوقت لكن الصلاة عبادة موقوتة لا تؤجل بسبب الكسب. كذلك لا تبالغ سهرا أو إرهاقا حتى تعجز عن صلاة الفجر وتحسب أن لك عذرك.
ــ4ــ
ولا تشغلك «زيادة الكسب» عن حقوق زوجك (رجل/ امرأة) وحقوق الأبناء فى المجالسة والمؤانسة والكلام والسماع، فلا يكفيك أن تختار المدراس والأندية. لابد ولا مفر ولا تعويض عن حقوق أولى القربى والأرحام الأدنى فالأدنى (الوالدين/ الأبناء/ الزوجة/ الأخوة/ الأقارب/ الأصهار/ الأصدقاء.. إلخ) بهذا التريتب. وإلا فلا تعتبر أن المال الذى حصلته على حساب عدم تواصلك أنه مال حلال، ولا تختار إذا فر المال من يدك فرارا، ولم يحقق لك ما ترجوه، فالمال الناتج من تقصيرك فى واجباتك العائلية، لا يعتبر مالا حلالا. ومن رحمة الله بك يذهب ذلك المال سريعا قبل أن يسبب آلاما وأسقاما.
ــ5ــ
هيا أيها الأحباب نراجع معالم «المال الحلال» لعلنا نخفف من معاناتنا أو نسترد راحتنا، ونرشد إنسانيتنا ونستكمل ضوابط إيماننا.
يتبع..

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات