نيوزيلندا ورسالة الإسلام - جمال قطب - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 2:24 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نيوزيلندا ورسالة الإسلام

نشر فى : الخميس 4 أبريل 2019 - 9:35 م | آخر تحديث : الخميس 4 أبريل 2019 - 9:35 م

يبدو أن كتابات المتحمسين والمندفعين بغير علم ما زالت تجد أبواقا تذيعها وآذانا تسمعها وعقولا تصدقها، ولشديد الأسف، فإن تلك الأقاويل محض افتراء على الله جل جلاله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم ثم على القرآن الكريم ثم على الحديث النبوى الشريف، فلم يسلم من تحريف هؤلاء حق، بل إن التاريخ البشرى، وهو وقائع مشهودة قد تم الإحاطة به بأساليب متعددة من اختلاق أقوال أو أفعال إلى تغييب حوادث ومواقف، إلى تضييع مقررات دراسية تدرس فى بلادهم وبلاد المسلمين تحتوى إفكا وكذبا يدينون فيها الإسلام بالوحشية، ويطهرون ساحاتهم هم من الطغيان.

ــ1ــ
ليس هذا موضوعنا اليوم. إنما نهدف اليوم إلى نقل صورة صادقة لما يتمناه القرآن للبشرية كافة، وما يفرضه الله على عباده المسلمين، خاصة تلك الرؤية القرآنية التى يسميها الفلاسفة «الرؤية الكلية» أو«الرؤية الكونية» أو«الصورة العامة» للنظرية القرآنية. والرؤية القرآنية للكون وسكانه تشمل إجابات لأسئلة كثيرة نحاول من الآن تسطير رءوس الموضوعات فيها حتى لا يتهم الإسلام بأنه مادى صرف أو روحى صرف أو خيالى غير واقعى، أو كما يزعم المتربصون أن فى نظريته الكونية تضاد أو تناقض.

ــ2ــ
يهتم القرآن اهتماما واضحا بالإجابة المباشرة على الأسئلة الفطرية التى تشغل النفس العاقلة. فأول ما يجيب القرآن عليه هو «السؤال الأزلى»: ما هى القوة الجبارة الفاعلة والخالقة والمبدعة لهذا الكون الواسع الأرجاء؟ وتتوالى الإجابات وبيانات القرآن تحمل أسماء وصفات تلك القوة (الأسماء الحسنى) وأفعالها وتجلياتها، وماذا كان قبلنا، وكيف وجدت هذه الكائنات ونحن معها..؟ ثم يبين القرآن كيف اتصل الله الخالق بخلقه حيث اصطفى فيهم رسلا وأنزل عليهم كتبا وكلفهم بالدعوة ونشر تلك الكتب وتفعليها بين الناس.

ــ3ــ
ثم يوضح القرآن تكليفات الله لعباده توضيحا محكما مفصلا لا يحتاج إلى كهانة ولا تسلل بشرى للتذرع بتأويل القرآن. فانظر إليه يقول: ((وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذى بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين))، وانظر إليه يقول: ((.. وكل شىء فصلناه تفصيلا..)). وفى توضيح تكليفات الله لعباده المؤمنين نلاحظ أمرا مهما وواضحا: نلاحظ أن الله كلف المؤمنين أن يحملوا إلى غيرهم تلك الدعوة الخاتمة للوحى، وهى دعوة القرآن، ودعوة الإسلام. وتشمل دعوة الإسلام ورسالته جزئين واضحين تمام الوضوح: الجزء الأول فى دعوة الإسلام دعوة صريحة لإعمار الأرض وتزكية الإنسانية، ولا صلة لهذه الدعوة بأى معتقد أو قداسة كما وضح هذا فى قوله تعالى: ((ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون)). هكذا فى وضوح تام تأت المطلوبات الثلاث: مطلق الخير، وعموم المعروف، وترك المنكرات. ويعتبر القرآن أن إنجاز هذه المطلوبات الثلاث بمثابة فلاح وفوز حيث قال: ((.. وأولئك هم المفلحون)).. وهذا الجزء من الدعوة يفرض على البشر جميعا أن ينظموا علاقاتهم بما يجعل حياة الناس سهلة مريحة دائمة البهجة ويتم ذلك من خلال دعوة لا إكراه فيها ولا ضغوط.

ــ4ــ
أما الجزء الثانى والأخير من دعوة الإسلام فهو موجه إلى هؤلاء الذين ارتضوا الإسلام وأقبلوا يطلبون بقية تكليفاته وتعاليمه. حيث يلتزم المسلم ــ بحكم رغبته وإرادته وتدينه ــ بالتوحيد والصلاة والزكاة والصيام والحج. هذه هى الشعائر مع بعض تعاليم تنظيم العلاقات الأسرية والمالية، وبعض العلاقات الاجتماعية مع سائر البشر.

ــ5ــ
وهنا يحين للسؤال عن الجهاد!! أين الجهاد مما سبق ذكره؟ وهذا سؤال منطقى. ففى الجزء الأول الجهاد موجه لكل من يخالف الفطرة الإنسانية، وكل معتد على حقوق غيره، وكل من يحول بين الناس وبين حقوقهم فى حياة آمنة هادئة. وذلك مثل حملات المسلمين على الفرس والروم. فلم يستهدف المسلمون فرض الإسلام لا على الروم ولا على المسيحيين فى مصر إنما جاء ليخلص المصريين من ظلم الرومان وحسب ويترك للجميع حرية الاعتقاد.

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات