ارتدادات حرب غزة! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الجمعة 25 أبريل 2025 10:57 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

ارتدادات حرب غزة!

نشر فى : الجمعة 25 أبريل 2025 - 7:20 م | آخر تحديث : الجمعة 25 أبريل 2025 - 7:20 م

 الزلزال الكبير الذى حدث فى المنطقة جراء «طوفان الأقصى»، وما تبعه من مجازر وحرب إبادة صهيونية ضد الشعب الفلسطينى، بدأت ارتداداته القوية والحادة تظهر بوضوح فى الكثير من دول الجوار، وتحديدا فى الأردن وسوريا ولبنان.

فالأردن اتخذ الأسبوع الماضى قرارا لافتا وجريئا تمثل فى حظر جماعة الإخوان المسلمين، التى تم تأسيسها عام ١٩٤٥، واعتبارها جمعية غير مشروعة وحظر كافة نشاطاتها أو الترويج لأفكارها ومصادرة ممتلكاتها، وذلك بعد أسبوع واحد فقط من إعلان المخابرات الأردنية، عن اعتقال ١٦ من عناصر الجماعة متورطين فى «مخططات كانت تهدف إلى المساس بالأمن الوطنى وإثارة الفوضى والتخريب المادى داخل المملكة» وهو ما بات يعرف إعلاميا بـ«خلية الصواريخ».

القرار الأردنى بحظر جماعة الإخوان تقف خلفه بالتأكيد هواجس أمنية هائلة جراء تداعيات استمرار حمام الدم فى غزة، حيث تستشعر السلطات الأردنية خطورة استغلال أى طرف أو جماعة أو تيار، غضب الشارع الأردنى المشروع إزاء ما يجرى من مجازر على أرض القطاع، ويوجهه فى اتجاه ما، قد يوفر ذريعة لدولة الاحتلال من أجل تنفيذ المخطط الذى لا تخفيه منذ بداية الحرب، والمتمثل فى تحويل المملكة إلى «الوطن البديل» للفلسطينيين. 

هذه الهواجس عبّر عنها صراحة وزير الداخلية الأردنى مازن الفراية، الذى قال: «فى الوقت الذى أتحنا فيه لكافة مواطنينا حرية تشكيل الأحزاب والجمعيات والتعبير عن الرأى وممارسة النشاطات السياسية وفقا للقانون، فقد ثبت قيام عناصر ما يسمى بجماعة الإخوان المسلمين بالعمل فى الظلام، والقيام بنشاطات من شأنها زعزعة الاستقرار والعبث بالوحدة الوطنية، والإخلال بمنظومة الأمن».

حركة حماس الفلسطينية، التى ترتبط ارتباطا وثيقا بإخوان الأردن، كونهما ينتميان إلى نفس التيار، وأكثر المتأثرين بالقرارات الأردنية الأخيرة، سارعت إلى مطالبة المملكة بإطلاق سراح عناصر «خلية الصواريخ»، واعتبرت أن «أعمالهم جاءت بدافع النصرة لفلسطين.. دون أن تستهدف بأى حال من الأحوال أمن الأردن أو استقراره»، لكن مصادر حكومية أردنية تجاهلت طلب «حماس»، وقالت إن «الأردن أكبر من الرد على بيانات فصائل فلسطينية»، مؤكدة أن «الأردن دولة مؤسسات عبر تاريخه.. صمد وتبخرت الفصائل!!».

الارتداد الثانى لحرب غزة، ظهر بوضوح كذلك فى سوريا، حيث اعتقلت السلطات السورية قياديين فى «سرايا القدس» الجناح العسكرى لحركة الجهاد الإسلامى الفلسطينية، وهما مسئول الساحة السورية خالد خالد، ومسئول اللجنة التنظيمية ياسر الزفرى، وذلك لأسباب مجهولة، وفقا لبيان أصدرته الحركة، التى طالبت فيه الحكومة السورية بالإفراج عنهما، مؤكدة أن «بندقيتها لم تتوجه منذ انطلاقتها إلا لصدور العدو، ولم تنحرف يوما عن هدفها الأساسى، وهو تحرير التراب الفلسطينى كاملا.. وعندما قدمنا شهداءً من الساحة السورية، فقد سقطوا على حدود فلسطين المحتلة».

يربط البعض الإجراء السورى ضد حركة الجهاد الفلسطينية، بسعى دمشق إلى تنفيذ وتلبية الشروط الأمريكية الثمانية لإنهاء العزلة الدولية المفروضة على النظام السورى الجديد بقيادة أحمد الشرع، والتى من بينها تفكيك الفصائل الفلسطينية المسلحة على الأراضى السورية، وحظر نشاطها السياسى والعسكرى، والابتعاد تدريجيا عن «المحور الإيرانى».

أيضا فى لبنان كان هناك ارتداد شديد الوضوح للحرب على غزة، حيث عاد الحديث مجددا عن إحدى «المحرمات»، التى كان يصعب الاقتراب منها، وهى نزع السلاح الفلسطينى فى مخيمات اللجوء بلبنان، حيث ذكرت تقارير إعلامية لبنانية أن هناك خطة تهدف إلى نزع هذا السلاح كخطوة أولى، ستكون حال نجاحها مقدمة لنزع سلاح حزب الله وحصره فى يد الدولة اللبنانية، مشيرة إلى أن السلطة الفلسطينية أبدت استعدادها للإشراف على المرحلة الانتقالية، وتولى عناصر من أمنها المسئولية داخل المخيمات.

 كما ذكرت تقارير أخرى نقلا عن مصادر أمنية لبنانية تأكيدها أن الجيش اللبنانى سيطر بالفعل على كافة المواقع العسكرية للفصائل الفلسطينية خارج المخيمات، حتى أن منظمات مثل «الجبهة الشعبية - القيادة العامة» و«فتح الانتفاضة» نقلت أصولها العسكرية فى شمال وشرق البلاد إلى الجيش اللبنانى، بعد انهيار نظام الأسد، الذى كان فى السابق مصدر دعمها الرئيسى.

هذه التطورات التى حدثت فى الأردن وسوريا ولبنان جراء ارتدادات وتداعيات حرب الإبادة فى غزة قد تكون مفهومة، إما لأسباب وتحديات وظروف أمنية داخلية صعبة، أو لضغوط خارجية - تحديدا أمريكية - هائلة لا يمكن مواجهتها، لكنها فى جميع الأحوال سوف تلقى بظلالها على فصائل المقاومة الفلسطينية، وتحد من أوراق الضغط الخارجية التى تملكها، وتضيق الخناق على دوائر الدعم والمساندة لها، الأمر الذى يتطلب منها حكمة فى التعامل وصيغ جديدة للتفاهم والتأقلم مع الواقع الجديد الذى لم تعهده من قبل، خصوصا وأن هذه الارتدادات مرشحة للتكرار فى دول أخرى على تماس مباشر بالقضية الفلسطينية وهمومها، ولن يكون فى مقدورها اتخاذ مواقف مغايرة عما اتخذته تلك الدول العربية الثلاث.

التعليقات