مصر.. و«شظايا الانفجار»! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الأحد 22 يونيو 2025 11:52 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

ما توقعاتك لمعارك إسرائيل مع إيران؟

مصر.. و«شظايا الانفجار»!

نشر فى : الجمعة 20 يونيو 2025 - 8:25 م | آخر تحديث : الجمعة 20 يونيو 2025 - 8:25 م

 

هل يجب على مصر الشعور بالقلق، خشية انزلاق الوضع الأمنى فى المنطقة إلى حافة الهاوية، جراء العدوان الصهيونى المدمر والمدعوم أمريكيا وغربيا على المواقع النووية والعسكرية والمدنية فى إيران؟

سؤال مشروع بالطبع.. فالقلق فى مثل هذه الأوضاع الملتهبة والمتفجرة مطلوب، والحذر من قادم الأيام وتطورات الأحداث واجب، والاستعداد للسيناريوهات الأكثر قتامة «فرض عين» على جميع الدول العربية وليس مصر فقط، لاسيما وأن القوة العسكرية الصهيونية، التى تصول وتجول فى المنطقة قتلا وتخريبا ودمارا، ترفع بكل غطرسة وصلف شعارا عريضا مفاده «تغيير وجه الشرق الأوسط.. والعالم»، وهو ما يعنى عمليا بناء واقع مختلف وتغيير ورسم خرائط وحدود جديدة بقوة النار الهائلة.

قبل الهجوم الفلسطينى على الكيان الصهيونى فى السابع من أكتوبر 2023، كانت المنطقة ساحة مفتوحة للتنافس والصراع بين مشروعين أساسيين.. الأول أمريكى غربى واجهته وذراعه الطولى إسرائيل، ويستهدف فى الأساس الاستفراد وفرض الإخضاع والسيطرة على ثروات المنطقة وعرقلة أى توجه أو محاولة جدية للتقارب بين دولها، والثانى إيرانى بأذرع ووكلاء فى أكثر من بقعة عربية، هدفه التوسع والتمدد وملء الفراغ الذى قد ينشأ هنا أو هناك، وبسط النفوذ كلما أتيحت له الفرصة لتحقيق ذلك، فى ظل غياب تام لأى مشروع عربى حقيقى، يحمى ويؤمن ويجمع ويحافظ على المصالح الوطنية والأمن القومى لدول المنطقة، ويتصدى بقوة للطامعين فى مواردها وخيراتها.

هذان المشروعان المتنافسان حافظا إلى حد كبير على «قواعد اشتباك» غير مكتوبة بينهما، تتضمن الابتعاد عن الصدام والمواجهات المباشرة العنيفة، واللجوء إلى ما يمكن تسميته بـ«حروب الظل»، مثل تنفيذ عمليات استخباراتية نوعية لتخريب البرنامج النووى الإيرانى واغتيال علمائه، أو توجيه ضربات محدودة لإسرائيل عن طريق وكلاء طهران، وذلك حتى لا ينجر الطرفان إلى مواجهة حقيقية تضع المنطقة أمام صراع مفتوح، قد يتحول إلى حرب إقليمية لا تحمد عقباها.

أسقطت إسرائيل عقب «طوفان الأقصى»، الذى شكل تهديدا وجوديا لها لم تمر به منذ تأسيسها على الأرض العربية فى فلسطين عام 1948، قواعد الاشتباك القديمة مع المحور الإيرانى، وقررت الدخول فى مواجهة مباشرة ومفتوحة بلا ضوابط أو قواعد أو كوابح؛ حيث أجهزت فى البداية على أذرع طهران أو المدعومة منها بشكل مباشر، وحققت نجاحات عسكرية واضحة، مثل تدمير قطاع غزة وتحييد حركة حماس إلى حد كبير، وكسر شوكة حزب الله اللبنانى، الذى كان أهم وأقوى أذرع المحور، والمساهمة فى إسقاط نظام بشار الأسد والقضاء على القوة العسكرية للجيش السورى، والمشاركة مع الولايات المتحدة فى توجيه ضربات عنيفة ضد الحوثيين فى اليمن.

بعد قطع أذرع المحور التى كانت تطوقها وتشد الخناق عليها، صوبت إسرائيل أسلحتها بشكل هائل على رأسه مباشرة؛ حيث شنت منذ فجر الجمعة قبل الماضية، غارات عنيفة على إيران بهدف تدمير برنامجها النووى وقدراتها الصاروخية وكذلك العمل على إسقاط النظام فى الجمهورية الإسلامية إن أمكن لها فعل ذلك.

إيران من جانبها استوعبت الضربة الأولى العنيفة، وبدأت سريعا فى ترتيب أوراقها العسكرية، ووجهت ضربات صاروخية هائلة تسببت بخسائر فادحة للكيان الصهيونى، لكن فارق القوة والتقدم التكنولوجى الذى تتمتع به إسرائيل، والدعم العسكرى الغربى غير المحدود، والدخول المتوقع للجيش الأمريكى فى الحرب ضد إيران لتدمير أهم منشآتها النووية، قد يفضى إلى نتائج ليست فى صالح المنطقة على الإطلاق.

فهزيمة إيران وإخراجها من معادلة القوة والتوازن العسكرى فى الإقليم، تعنى مباشرة إطلاق يد إسرائيل لتصبح القوة المهيمنة فى الشرق الأوسط، وبالتالى العودة لتنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين، ورسم خرائط جديدة لها بقوة النار، الأمر الذى يفرض على مصر تحديات غير مسبوقة، تتطلب منها اليقظة والانتباه والاستعداد القوى لأى مواجهة محتملة من أجل الحفاظ على أرضها وأمنها القومى ومصالحها الاستراتيجية، والتصدى بقوة لهذا الجنون الصهيونى الذى لا يعرف أحد إلى أى مدى قد يصل إليه؟

ليس هذا فقط، بل يجب على مصر والدول العربية المؤثرة، استغلال كل ما يمتلكونه من أدوات وأوراق للضغط، والعمل جديا من أجل وقف هذه الحرب المدمرة فى أسرع وقت، قبل أن تتسع رقعتها وتتحول إلى صراع إقليمى كبير، لن يكون فى مقدور أى دولة فى المنطقة، النجاة من تأثيراته السلبية أو شظاياه المميتة.

التعليقات