فلتخلعوا الرداء - أميمة كمال - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 4:38 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فلتخلعوا الرداء

نشر فى : الإثنين 25 أكتوبر 2010 - 10:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 25 أكتوبر 2010 - 10:00 ص
قلت لنفسى بصدق شديد وأنا أشارك فى مؤتمر المركز المصرى للدراسات الاقتصادية منذ أيام لماذا لا أستجيب لكلام الاقتصاديين فى المركز الذين أعدوا دراسة عن «آثار الخصخصة فى مصر»، وطلبوا من الآخرين ألا يأخذ أحد منهم موقفا معاديا للخصخصة على أساس أيديولوجى.

 

قلت ولِمَ لا، فدخلت القاعة وقد خلعت رداء الأيديولوجية على الباب لأجرب نفسى. مع أننى على يقين أن أعضاء جمعية «أصدقاء الخصخصة» هم الذين تلتصق الأيديولوجية على أجسادهم بصمغ لا يمكن فكه مهما حاولوا، وليس المناهضين لها.

وأنصت بقدر كبير جدا من الأهمية عندما كان طارق الغمراوى الباحث بالمركز يتكلم عن نتائج بحثه الجاد، الذى استغرق عامين، مؤكدا فيه أن الشركات التى تمت خصخصتها لم يضخ أصحابها الجدد أى استثمارات جديدة فيها.

وأن السبب يعود بالأساس إلى أنه لم تكن هناك حاجة لذلك، لأن الحكومة كانت قد أعادت هيكلة الشركات قبل أن تعطيها لرجال الأعمال. وأضاف الغمرواى سببا آخر، وهو أن بعض رجال الأعمال قاموا بتغيير أنشطة الشركات التى اشتروها، وتخلصوا من الأصول بغرض بيع الأرض مثل شركة المراجل البخارية.

يعنى الحكومة كانت قد ضخت أموالا فى هذه الشركات «لتظبيتها».

لكى يحصل عليها القطاع الخاص «مقشرة» بدون ديون، وبعدد قليل من العمالة، وبدون حتى أن تكلفهم ضخ استثمارات. بل إن كثيرا من الشركات دخلت فى حوزة القطاع الخاص ومخازنها تحوى كميات هائلة من المخزون من المواد الخام ومستلزمات الإنتاج.

وحاول بعض الاقتصاديين فى المركز إنقاذ الموقف فقال: «مش مهم ضخ الاستثمارت، ومين اللى قال إن الخصخصة هدفها ضخ استثمارت جديدة»؟.


قلت فى نفسى ما دامت الحكومة كانت لديها القدرة على ضخ استثمارت جديدة فى الشركات لماذا لم تدفعها فى الشركات، التى احتفظت بها، بدلا من أن تضخها فى الشركات التى خرجت من مظلتها. خاصة أنها بخلت لسنوات طويلة على قطاع الغزل والنسيج حتى أوقعته فى الديون.

وكل ما ضخته فى هذا القطاع من استثمارت فى الخمس سنوات الماضية حتى عام 2009/2010 لا يزيد على 100 مليون جنيه كل سنة.

ثم عدت إلى تأنيب نفسى لماذا أعادى الخصخصة؟ أمن أجل أن المستثمرين لم يضخوا أموالا جديدة أكره الخصخصة؟.

طبعا الأمر لا يستحق، ما دامت الحكومة دفعت بدلا منهم مش مهم «الاثنين واحد» و«الجيب واحد». ولماذا لا نعتبر أن هذه الأموال بمثابة «حلاوة البيعة».

طيب ندخل على موضوع العمالة. الدكتورة ماجدة قنديل المدير التنفيذى للمركز تؤكد فى بحثها أن الأجور الحقيقية للعاملين فى الشركات التى تمت خصخصتها تحسنت.

وزادت أجور العمال فى قطاعى الغزل والنسيج والمعدات الكيماوية. ولكن الأجور فى قطاعى التشييد والبناء، والكيماويات انخفضت.

يعنى ببساطة هناك قطاعان زادت فيهما الأجور، واثنان آخران انخفضت. قلت مرة أخرى لنفسى طيب مش مشكلة إن أجور العمال فى قطاعين انخفضت، ما دام هناك زمايل لهم ارتفعت أجورهم.

ثم قالت الدكتورة ماجدة إن 30% من الزيادة فى الأرباح، التى حققتها الشركات التى تمت خصخصتها تأتى نتيجة لتسريح العمالة، يعنى ثلث الزيادة فى الأرباح سببه أن العمال قعدوا فى بيوتهم.

وهذه النسبة تتعدى الـ 50% فى بعض الحالات مثل قطاع الكيماويات. وبدأت نفسى الأمارة بالسوء تلح على، وتراودنى أفكار شيطانية فلماذا يدفع العمال أرزاقهم ثمنا لزيادة أرباح حفنة قليلة من رجال الأعمال؟

استغفرت، وبعدت هذه الأفكار الشيطانية عن ذهنى، وعدت لأنصت ثانية خاصة أن الكتورة ماجدة كانت تحاول أن تقنع الحضور بأن تسريح العمال وتخفيض أجورهم لم يكن هدفا لتحقيق مزيد من الأرباح. ولكن بأن هذا التسريح جعل العمال الآخرين الذين لم يتم تسريحهم أكثر إنتاجية.

قلت أستعيذ بك من الشيطان الرجيم. طيب هذا أمر سهل جدا. فلو أعطينا القطاع العام الحق فى أن يخرج نصف العمال على المعاش، سوف تزداد الكفاءة فى هذا القطاع وتصبح مساوية للقطاع الخاص.

بلاش موضوع العمال. فالعمال لهم الله. ندخل فى موضوع الاحتكارات وزيادة الأسعار. الدكتورة ماجدة تقول إن دراستها، التى استغرقت عامين، أثبتت أن الأرباح التى زادت فى الشركات المخصخصة لم تكن بسبب زيادة أسعار المنتجات عن مرحلة ما قبل الخصخصة.

والأدهى من ذلك أن حتى الشركات التى تعمل فى مجال احتكارى لم تكن الأرباح عائدة إلى زيادة فى أسعار البيع.

عظيم جدا هكذا اطمأن قلبى. فالمشترون لم يستغلوا كونهم وحدهم فى السوق، ولم يرفعوا الأسعار. ولكن ما إن بدأت أصدق هذا القول، حتى اكتشفت أن هذه الخلاصة لم تكن إلا نتاج البحث فى عدد من الشركات يقل عن أصابع اليد الواحدة.

بسبب أن ما توافر من بيانات لم يسعف الباحثين. مع أنه من المفترض أن تتم دراسة 104 شركات تمت خصخصتها.

وعند هذا الحد وجدت أنه من حقى أن أطالب المتحمسين للخصخصة أن يخلعوا هم رداء الأيديولوجية، وليجربوا أنفسهم لعل وعسى. فلتجربوا أنتم هذه المرة وتخلعوه.. الرداء.
أميمة كمال كاتبة صحفية
التعليقات