عقلية الموظفين فى أجهزة معلومات الحكومة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 1:07 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عقلية الموظفين فى أجهزة معلومات الحكومة

نشر فى : الأربعاء 26 أغسطس 2015 - 4:55 ص | آخر تحديث : الأربعاء 26 أغسطس 2015 - 4:55 ص

كتبت فى هذا المكان يوم السبت الماضى تحت عنوان «قناة السويس.. من المقصر فى عرض المعلومات ؟»، منتقدا الحكومة وأجهزتها لتقصيرها فى توضيح المعلومات والبيانات المتاحة لديها بشأن مشروع قناة السويس الجديدة، ومشروع تنمية المنطقة مستقبلا.

ويبدو أن المشكلة لم تكن خاصة فقط بمشروع قناة السويس، بقدر ارتباطها بفلسفة عمل شاملة، ينبغى أن نعيد النظر فيها بأقصى سرعة ممكنة.

أى متابع أو مراقب بسيط سوف يدرك أن الحكومة منهزمة بالثلث فى معركة المعلومات داخليا وخارجيا، وهو أمر يعرفه الجميع، ونكرره دائما، لكن لم يتحرك أحد ليخبرنا كيف سيتم علاج هذه المشكلة المستعصية؟

جماعة الإخوان سجلت نجاحات إعلامية عديدة خارج مصر فى مواجهة الحكومة، ومعها بعض وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية الدولية.

لدينا هيئة الاستعلامات ويشكو رئيسها السفير صلاح عبدالصادق، من قلة الإمكانيات وتقليص المكاتب، ولدينا سفارات فى معظم بلدان العالم، بها مستشارون إعلاميون.

إذا كانت المشكلة فى الإمكانيات، فلماذا لا يتم توفيرها، وإذا كانت المشكلة فى الكفاءات، فلماذا لا يتم البحث عنها، وإذا كانت المشكلة فى السفارات، فلماذا لا نطلب منهم تغيير طريقة العمل؟، لكن أسوأ شىء أن نظل نشخص المرض من دون البحث عن علاج لتلك الكارثة، وإذا كان الجميع يطالب بقناة تليفزيونية تخاطب العالم الخارجى، فلماذا نتأخر كل هذا الوقت؟!.

هذا خارجيا، أما داخليا فالأمر أكثر سوءا، لدينا مركز معلومات مجلس الوزراء، به ما يقارب الألف موظف أو أقل قليلا، ولا نعرف ماذا قدم على أرض الواقع من أجل حل مشكلة نقص المعلومات، أو حتى الدفاع أحيانا عن صورة الحكومة؟!.

يقول المركز على موقعه الإلكترونى، إن رسالته هى: «دعم القرار لمؤسسات الدولة والمجتمع مرتكزا على الأدلة المعلوماتية والمنهجيات العلمية وطرح البدائل المختلفة والتوظيف الأمثل لتكنولوجيا المعلومات وآليات الإنذار المبكر، وبناء وتدعيم آليات التواصل بين متخذ القرار والمواطن، لرسم صورة واقعية لتداعيات أى قرار أو توجه أو سياسة عامة والتأثيرات المختلفة له، وتوطيد الشراكات المحلية والدولية لتبادل الخبرات، وبناء القدرات لوضع مصر فى مصاف الدولة المتقدمة».

والسؤال الجوهرى: هل طبق المركز هذا الكلام الجميل على أرض الواقع؟.

واقع الحال يقول للأسف إن الإجابة هى لا بنسبة كبيرة.

كان للمركز دور مهم منذ إنشائه عام ١٩٨٥، وحتى فترة الدكتور ماجد عثمان تقريبا، ثم تراجع دوره شيئا فشيئا ليتحول إلى ما يشبه مصلحة حكومية تدار بعقلية موظفين.

المؤكد أن هناك جهودا يبذلها المركز ويعقد بعض ورش العمل أحيانا، لكن هذا جزء بسيط جدا من دور المركز الذى يفترض أن يوفر لصانع القرار معلومات وبدائل وسيناريوهات حقيقية.

ولكى يحدث ذلك فالمفترض أن يستوعب المركز مفكرين وباحثين محترفين وأكاديميين متخصصين، يعرفون ماذا يحدث فى العالم ومراكز أبحاثه.

يفترض أن يكون دور المركز هو تقديم مبادرات خلاقة تخدم توجهات الدولة، وأن يكون جسرا وحلقة وصل بين الحكومة والمجتمع، وأن يعكس عبر دراساته واستطلاعاته هموم وشكاوى الناس الحقيقية، وبعرضها على صانع القرار حتى يتم حلها.

ليس دور المركز إطلاقا أن يكذب أخبارا منشورة فى بعض وسائل الإعلام، هذه وظيفة المتحدث الرسمى باسم الحكومة أو أى وزارة على حدة.

فى بداية عمل المركز، لعب دورا مهما فى إدخال الإنترنت، وقبل الثورة بسنوات ساهم فى مشروع الرقم القومى.

والسؤال متى يتوقف الأداء الوظيفى أو حتى التقليدى ويتقدم الخيال والإبداع؟

إذا كانت الحكومة جادة فعلا فى مواجهة «المشكلات المتلتلة» التى تحاصرها، فعليها أن تبدأ فى التعامل باحترافية ومهنية وكفاءة مع أجهزة ومؤسسات المعلومات التابعة لها. لا ينبغى أن يتم التعامل داخل هذة الأجهزة بمنطق المجاملات والترقيات والدرجات الوظيفية، نريد محترفيات وكفاءات حقيقية، على الأقل لتعرض صورة الحكومة إذا حققت إنجازات، وتكون جسرا حقيقيا بينها وبين المجتمع الداخلى والعالم الخارجى.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي