اقتصاد الثورة - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الأربعاء 1 مايو 2024 7:29 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اقتصاد الثورة

نشر فى : الإثنين 27 يناير 2014 - 5:25 ص | آخر تحديث : الإثنين 27 يناير 2014 - 5:45 ص

لا أعرف لماذا يندهش الكثيرون، من سوء الأوضاع الاقتصادية التى صاحبت ثورة يناير، رغم أن الجميع يعرف أن أى ثورة حقيقية يعقبها بالضرورة اضطراب اقتصادى، لسبب فى غاية البساطة وهو انهيار النظام الحاكم، وضرب الاستقرار الذى كان حاضنا لعمليات الإنتاج وراعيا للنمو الاقتصادى، أما الذى يجب أن نندهش له حقا، فى المجال الاقتصادى، هو عدم رغبة كل من ملك زمام الأمور لبعض الوقت، فى اتخاذ خطوات جادة نحو البدء فى تحقيق العدالة الاجتماعية الذى كان الشعار الأهم للثورة، خاصة أن تحقيق العدالة الاجتماعية سيستغرق مدى زمنيا طويلا، ومبعث الدهشة، أن كافة أصحاب القرار، يدركون جيدا مدى الظلم الواقع فى توزيع الثروات على فئات المجتمع المختلفة، ويكفى أن نشير إلى أنه عشية ثورة يناير كانت معدلات النمو قد بلغت أقصاها فى مصر إذ ربما كانت قد تجاوزت ٧,٨٪ وهى نسبة هائلة، لكن ثمار هذا النمو لم تعرف أبدا طريق الفقراء، بل على العكس تماما، ربما كانت أحد أهم أسباب ازدياد معدل الفقر فى البلاد، وبالتالى كان الظلم الاقتصادى ـ الاجتماعى أحد أهم عوامل مشاركة الشعب الواسعة فى احتجاجات يناير ٢٠١١، والمضى بها إلى طريق الثورة الشعبية الحقيقية.

فى ذات الوقت، ونحن نحاول تقييم السنوات الثلاث الماضية، من زوايا الاقتصاد والأمان الاجتماعى، نكتشف بسهولة أن الأوضاع لم تتدهور كثيرا، ومعظمها فى حدود الأمان، باستثناء أمرين كلاهما يشكل خطرا حقيقيا على الوضع العام، الأمر الأول هو ازدياد معدلات الدين الداخلى إلى درجة تقترب من الخطورة، والأمر الثانى وهو الأهم، ارتفاع نسبة البطالة لأكثر من ١٣٪ وذلك مصدر خطر لسببين الأول: أن هذه النسب تزداد بسهولة سنويا بازدياد أعداد المنضمين لسوق العمل دون ان يجدوا وظيفة، والتقديرات تشير إلى انضمام ما يقرب من ٨٠٠ ألف شابة وشاب سنويا لسوق العمل وهو رقم ضخم ويحتاج للكثير من المشروعات العملاقة لاستيعابهم، والسبب الثانى وهو الأخطر، أن نسبة البطالة خادعة إلى حد كبير، فإذا فتشنا عن هذه النسبة بين الفئات الشابة حتى سن السابعة والثلاثين، والذين يمثلون نصف تعداد السكان تقريبا، سنجد ان هذه النسبة تصل إلى ٣٧٪ وفقا لتقديرات الدكتورة هالة السعيد عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وهى كما تصفها نسبة أقرب إلى القنابل الجاهزة للانفجار فى أى لحظة إذا لم يتم التعامل معها بالجدية اللازمة. ورغم كل ذلك، تبقى كافة المقارنات ظالمة بين الأوضاع قبل الثورة وبعدها، فليس صحيحا أن الأوضاع كانت عادلة وعظيمة لانها لو كانت كذلك ما كانت الثورة قد قامت من الأساس، وأيضا كافة الأرقام التى يطرحها البعض عن اقتصاد ما قبل الثورة لا تحمل أى دلالات جادة عن مستوى حياة غالبية المصريين، حيث كانت الأرقام داعمة فقط لفئة هامشية صغيرة العدد فى قمة الهرم وتركت بقية الشعب لا يجد قوته يومه بالفعل، وانتشرت جمعيات البر مثل بنك الطعام ومصر الخير، التى إذ تعكس رحمة قطاعات كبيرة من أبناء المجتمع بالقطاعات المحتاجة، فإنها فى ذات الوقت تكشف عجز الدولة وماكينتها الاقتصادية عن تلبية الاحتياجات الإجبارية للمواطنين، لذا يبقى من غير الإنصاف إلصاق تهمة التدهور الاقتصادى الحاصل الآن بالثورة، فالثورات تصنع الأمل وتغير الواقع السيئ.. ومن يريد أن يبحث عن الجانى فلديه من الساسة ما يكفى للاشتباه وتوجيه التهم

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات