عبدالعال ليس أقوى من ترامب - محمد عصمت - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 4:03 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عبدالعال ليس أقوى من ترامب

نشر فى : الإثنين 27 مارس 2017 - 10:35 م | آخر تحديث : الإثنين 27 مارس 2017 - 10:35 م
لم يكن السبب الوحيد لإحالة النائب هيثم الحريرى للتحقيق بمجلس النواب، هو فقط «تطاوله» على رئيس البرلمان د. على عبدالعال بقوله: «إنت بتخل باللائحة» ردا على ما قاله له عبدالعال: «إنت بتخل بنظام الجلسة»، خلال مناقشة قانون الهيئة الوطنية للانتخابات، الأحد الماضى، فعبدالعال نفسه قال: إن الحريرى دأب على الهجوم عليه وانتقاده فى الصحف وقنوات التليفزيون، دون أن يوضح لنا، ما هى طبيعة هذه الانتقادات لنعرف هل هى انتقادات موضوعية أم لا؟ ودون أن يحاول هو شخصيا تفنيدها والرد عليها، ليبدو عبدالعال وكأنه يتعسف فى استخدام سلطاته مسنودا بأغلبية ائتلاف دعم مصر، الذى وافق من قبل على فصل النائبين الشهيرين توفيق عكاشة ومحمد أنور السادات، ويتجاهل تنفيذ حكم المحكمة بقبول عضوية د.عمرو الشوبكى.

ما نعرفه أنه لا يوجد أى نص دستورى أو قانونى يمنع انتقاد رئيس البرلمان ولا حتى رئيس الجمهورية، ترامب نفسه وهو رئيس أقوى دولة فى العالم يصفه خصومه ومنهم أعضاء بالكونجرس بأنه مجنون وغبى وكذاب، دون أن يحال أى منهم للجنة قيم أو حتى للتحقيق، فمن يتصدى للعمل العام عليه قبول الانتقادات حتى لو كانت لاذعة، وأن يدرك أنه غير محصن ضد الهجوم عليه، أو حتى السخرية منه، وهذه هى قواعد اللعبة الديمقراطية، وهو ما كان يفترض من رئيس المجلس أن يدركه، وأن يدرك قبل ذلك أنه ليس أقوى من ترامب!.

غضب عبدالعال من الحريرى كان مبالغا فيه إلى حد كبير، فالحريرى لم يخطئ فى حقه، ولم يتطاول عليه حينما قال له: «إنت بتخل باللائحة»، خاصة أن الحريرى كان يطالب بالقيام بدوره البرلمانى فى مناقشة قانون هيئة الانتخابات، وتقدم بطلب مكتوب بذلك طبقا للوائح، وهو ما تجاهله عبدالعال بدون أى سبب واضح!.

كما أن رئيس البرلمان الذى انتفض غاضبا لما اعتبره مساسا بكرامته، لم يحرك ساكنا عندما أساءت الحكومة للبرلمان بكامله، حينما خالفت الدستور، وقدمت له مشروع قانون الموازنة العامة للدولة قبل 50 يوما فقط من بدء السنة المالية العام الماضي "2016-2017"،وليس 3 أشهر طبقا لنص المادة 124 من الدستور، كما أن البرلمان ناقشها وأقرها فى 10 ساعات فقط، وهو ربع الوقت الذى ناقش فيه امتيازات النواب، كما يقول الخبير الاقتصادى مدحت نافع!.

نفس البرلمان أقر الكثير من القوانين التى أثارت غضب الشارع، منها قانون التظاهر وقانون الجمعيات الأهلية، وزيادة أجور بعض الفئات، والموافقة على برنامج الحكومة بفرض المزيد من الضرائب ورفع الأسعار وغيرها، دون أن يثير ذلك أى رد فعل من أى نوع عند د.عبدالعال.

أما القضية الخطيرة التى كان ينبغى أن تثير غضب رئيس البرلمان فعلا وتجعله يطالب بإقالة الحكومة، فهو إقدامها على إبرام قروض بالمليارات من صندوق النقد والبنك الدولى وغيرهما من المؤسسات والدول، فى انتهاك فاضح لنص المادة 127 من الدستور التى تحظر على الحكومة إبرام أى قروض قبل موافقة البرلمان، وهو الانتهاك الذى لم يثر حتى مجرد استياء د.عبدالعال!.

لا أريد أن أقول إن البرلمان بأغلبيته تحول إلى ذراع سياسية للحكومة، أو حزب للسلطة التنفيذية، فواجب هذه الأغلبية أن تدعم الحكومة فى سياساتها، وهذا ما يمكن فهمه والاتفاق معه أو الاختلاف عليه فى الكثير من المواقف السياسية والعديد من مشاريع القوانين التى تعرضها الحكومة عليه، لكن أن تتجاوز هذه الأغلبية عن انتهاكات الحكومة للدستور، فهذا ما لا يمكن قبوله تحت أى ذريعة من الذرائع، وهذا ما كان يفترض أن يشعل ثورة غضب د.عبدالعال على الحكومة قبل صب غضبه على الحريرى!.

 

محمد عصمت كاتب صحفي