(فريق) الكنز الاستراتيجى - فهمي هويدي - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 1:26 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

(فريق) الكنز الاستراتيجى

نشر فى : الإثنين 28 مايو 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 28 مايو 2012 - 8:00 ص

 

 

لابد أن تستوقفنا وتثير انتباهنا حالة الارتياح والانتعاش التى عبر عنها الإسرائيليون بعد إعلان نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية المصرية، الأمر الذى يستدعى ملفا مسكوتا عليه من الجميع فى المعركة الدائرة، ذلك أن المرشحين ظلوا مهتمين طول الوقت بجذب أصوات الناخبين المصريين.

 

 من ثم ركزت حملاتهم على الشأن الداخلى، باعتبار أن القضايا التى تهم الجماهير تشكل أحد الدوافع المهمة للتصويت لصالح هذا المرشح أو ذاك. وهذا شىء مفهوم، ليس فى مصر فقط ولكن فى العديد من دول العالم، بما فى ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، التى يقال دائما إن السياسة الداخلية فيها هى التى ترسم خطوط وأهداف السياسة الخارجية.

 

الأمر اختلف فى مصر بدرجة أو أخرى لأسباب يطول شرحها. فمن الممكن أن يطنطن الإعلام لمقولة إن مصر لن تركع لأحد، وأن قرارها تمليه مصالحها

فقط. ثم نفاجأ بتصرفات ومواقف لا تعبر عن ذلك الموقف. كما لم يعد سرا أن مصر التى قالت إنها تقف على مسافة واحدة من الفصائل الفلسطينية، كان المسئولون فيها ينسقون مع أبومازن والإسرائيليين ضد حماس، ويشاركون فى الضغط لإحكام الحصار حول غزة.

 

 ولرئيس المخابرات المصرية السيد عمر سليمان دوره المشهود فى هذه السياسة، الذى لم يتحدث عنه الفلسطينيون فحسب وإنما فضحته وثائق ويكيليكس لاحقا.

 

ولولا أن الإسرائيليين هم الذين فضحوا مبارك حين قالوا إنه بمثابة كنز استراتيجى لهم، لبقينا عند توهمنا أن الرئيس المصرى الذى ادعوا أنه صاحب «الضربة الجوية» الشهيرة لا يزال عند ظننا به كنزا استراتيجيا لمصر دون غيرها.

 

للدقة فإن الرئيس لم يكن وحده رمزا لذلك الكنز بالنسبة لإسرائيل، ولكن فريقه كان يقف إلى جانبه فى نفس الصف. حتى أزعم أن ذلك لم يكن انحيازا من جانب مبارك وحده، لكنه كان سياسة لنظامه أيضا. وقد أشرت توا إلى دور وموقف رئيس المخابرات العامة اللواء عمر سليمان، ومن المفيد فى هذا الصدد أن نطالع ما ذكره الإسرائيليون خلال الأيام القليلة الماضية فى تعليقهم على النتائج التى أعلنت بالنسبة لمرشحى الرئاسة.

 

 ذلك أن تلك الأصداء تسلط الضوء على شىء مسكوت عليه بالنسبة للفريق أحمد شفيق، الذى احتفى الإسرائيليون بتقدمه وبأصوات الناخبين المرتفعة نسبيا التى حصدها وقد تمثلت تلك الأصداء فى التصريحات التى توالت على النحو التالى:

 

ــ موشى يعلون، نائب رئيس الوزراء: فوز شفيق يعنى استعادة الشراكة الاستراتيجية بيننا وبين مصر، وعلى العالم تعزيز حظوظه فى النجاح فى انتخابات الإعادة. (الإذاعة العبرية، الساعة السادسة من مساء الجمعة الماضية).

 

ــ بنيامين بن إليعازر، النائب الحالى والوزير السابق، وأقرب الإسرائيليين لقلب مبارك: تراجع المصريين عن إلغاء صفقة الغاز أصبح احتمالا واقعيا واردا بعد تقدم شفيق (القناة الأولى فى التليفزيون الإسرائيلى، الساعة 8 مساء الجمعة).

 

ــ الوزير الإسرائيلى شاؤول موفاز: صعود شفيق يدلل على أنه يتوجب عدم الاستسلام لليأس وأنه بالإمكان تدارك ما فقدناه بخلع مبارك. (إذاعة الجيش الإسرائيلى، السبت الساعة العاشرة صباحا).

 

ــ المستشرق الإسرائيلى شاؤول بيلو: على الغرب البحث عن طرق «إبداعية» لمساعدة شفيق فى الفوز بمقعد الرئاسة، وإسدال الستار على الربيع العربى (الجمعة، الساعة الثالثة بعد الظهر).

 

ــ رئيس الاستخبارات الإسرائيلى السابق عاموس يادلين: أفزعنا احتمال أن تقود مصر بعد الثورة تكتلا إقليميا معاديا لنا، لكن فى حال انتخاب شفيق، فإن ذلك الاحتمال لن يتحقق (جاءت أقواله أثناء ندوة عقدت عصر الجمعة فى تل أبيب، ونقلتها مساء نفس اليوم الإذاعة العبرية).

 

لا أظن أن أحدا من رجال حملة الفريق شفيق يستطيع أن يدعى أن أولئك الإسرائيليين أرادوا بكلامهم تشويه صورته لإنجاح منافسة الدكتور محمد مرسى، ولو خطر ببال أى واحد منهم ذلك الخاطر، فليته يشجع الفريق على أن يظهر على الملأ ويعلن لنا موقفه من إسرائيل ومن علاقات مصر الخارجية، خصوصا مع الولايات المتحدة.

 

 ذلك أن سؤال الموقف من إسرائيل أصبح يمثل التحدى الأساسى الذى يواجه سياسة مصر الخارجية وأى رئيس جديد، لأنه يجسد الموقف من استقلال الإرادة المصرية. لست أتحدث هنا عن إلغاء المعاهدة أو الدخول فى حرب ضد إسرائيل، لكنى أتحدث عن موقف نزيه يحترم التزامات مصر الدولية، ولكن من موقع المستقل الذى يحافظ على كرامة مصر وحقوق الشعب الفلسطينى

 

 ويتحرى السلام الذى يحقق العدل وليس ذلك السلام المزيف الذى يستر الاستيطان ويتواطأ مع الإسرائيليين والأمريكيين لتصفية القضية وتضليل الأمة.

 

إننا فى اختبار انتخاب الرئاسة القادمة لسنا مهددين بعودة الفلول وإجهاض الثورة فقط، ولكننا مهددون أيضا بالاستمرار فى سياسة الانبطاح والالتحاق بـ«فريق» كنز إسرائيل الاستراتيجى!

فهمي هويدي فهمى هويدى كاتب صحفى متخصص فى شؤون وقضايا العالم العربى، يكتب عمودًا يوميًا ومقالاً اسبوعياً ينشر بالتزامن فى مصر وصحف سبع دول عربية اخرى. صدر له 17 كتابا عن مصر وقضايا العالم الاسلامى. تخرج من كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1961 ويعمل بالصحافة منذ عام 1958.