القانون الدولى الإسلامى - جمال قطب - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 11:02 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

القانون الدولى الإسلامى

نشر فى : الجمعة 27 يوليه 2012 - 1:25 م | آخر تحديث : الجمعة 27 يوليه 2012 - 1:25 م

ــ1ــ

 

استكمالا لموضوع الجهاد، لابد وأن يعرف المسلم أصل العلاقات الدولية بين بلاد المسلمين وبين غيرهم، حيث إن المسلمين لا يسكنون الأرض وحدهم. فالمسلمون جزء من عالم انسانى ضخم تتعدد عقائده، وقدراته، ومصالحه، وطبقا لهذا التعدد تتعدد سياساته الخارجية وتتنوع مستوى علاقات الدول والشعوب طبقا لمعايير كثيرة. وأمة الإسلام طبقا لعقيدتها، لها مصلحة عليا تؤمن بها وتبذل فى سبيلها الغالى والرخيص، وبعد المصلحة العليا هناك مصلحة دائمة للأمة لا يصح أن تغفل عنها.

 

ــ2ــ

 

أما عن المصلحة الدينية العليا فهى «حمل رسالة الإسلام» وتعاليمه السمحة لعرضها على كل شعوب العالم، فربما اختار بعض الناس دين الإسلام عقيدة لنفسه مع بقائه فى بلاده بين قومه، وربما تشوق بعض الناس لرؤية الأمة التى تدعو لهذا الدين، وربما احتاج بعض الناس «الاستفسار» «والتعرف» على بعض مقاصد الإسلام، أو أولويات مبادئه، أو بعض أحكامه، فكيف يستعد المسلمون لهذا كله؟

 

ــ3ــ

 

لابد إذن من علاقات دولية عامة متواصلة الانفتاح، متعددة المجالات، مع الاهتمام البالغ «بالفروق الخاصة» بكل أمة من الأمم، بل لو أتقن المسلمون «فقه واجبات الدعوة العالمية» لأنشأوا معاهد وجامعات تتفرغ لتدريس أحوال الأمم بصفة عامة، والحالة النفسية بصفة خاصة لكل شريحة من شرائح البشر فى كل أمة من الأمم.. إذ إن «الدراسة النفسية» لأحوال العالم الإنسانى بصفة عامة و«نفسية الشعوب المسلمة» بصفة خاصة فريضة واجبة لا غناء عنها!!

 

ــ4ــ

 

نعم دراسة أحوال الأمم والشعوب دراسة نفسية تعتبر فريضة واجبة بنص قرآنى قطعى الثبوت، قطعى الدلالة وهو قول الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) (13) الحجرات... مع هذا النص الواضح يتبين المسلم أن تعدد البشر واختلاف ألوانهم وألسنتهم واختلاف مداركهم ومصالحهم.. كل هذا الاختلاف «إرادة الهية» لا يمكن التغافل عنها، ولا إهمالها لأن إدراكها يترتب عليه حسن انجاز فريضة شرعية، المسلمون مكلفون بها ويؤمنون بها، ويسعون إليها، وفى الآية قوله تعالى (..... لِتَعَارَفُوا..) يوضح الفريضة الشرعية التى وجهنا القرآن إليها وهى فريضة «تعارف المسلمين» «على جميع شعوب العالم وجميع القبائل فى كل شعب» ثم قوله تعالى (.. إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ..) وما يعنيه من إبلاغ المسلم أن المقياس الأول لكرامة المسلم فى ميدان التعارف ليس مقياس اتساع ميدان التعارف ولا مقياس شدة البأس، ولا مقياس الاستعلاء على الغير ولا ترتبط كرامة المسلم بمدى ما يحدثه من آثار.. بل إن المقياس الإلهى لكرامة المسلم هو (..إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ..) ثم تختم الآية نصها بقوله تعالى (.. إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) وهذا الختام هو تلقين واضح وتذكير بإسمين من الأسماء الحسنى وهما (العليم/ الخبير) وكأن القرآن ــ بأسلوبه الخاص ــ يتمم مساعدة المسلم على إنجاز ما جاء فى الآية، ففريضة التعارف تحتاج إلى العلم والخبرة.. فلا ينطلق المسلم فى تواصله وتعارفه مع الآخر مندفعا بعاطفة جياشة، فالعاطفة عامل مساعد، أما الأدوات الرئيسة فى التعارف هى العلم والخبرة.. ومن ناحية أخرى فذكر هذين الاسمين (عليم.. خبير) فوق التعليم الذى ذكرناه هو أيضا تحذير للمسلم فحواه أن الله العليم الخبير يعلم ما يبذله المسلم من جهود.. هل هى جهود علم وخبرة وجهود تقوى؟ أم أنها عاطفة وتسرع وشهوة شهرة واتساع نفوذ؟

 

يتبع....

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات