شباب الثورة والعسكر - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 12:46 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

شباب الثورة والعسكر

نشر فى : السبت 28 يناير 2012 - 9:15 ص | آخر تحديث : السبت 28 يناير 2012 - 9:15 ص

ما بين الاحتفال بمرور عام على ثورة الشعب المصرى فى 25 يناير التى أطيح خلالها برءوس النظام الساقط، وبين الدعوة إلى استكمال الثورة حتى تتحقق جميع أهدافها، بما فى ذلك تسليم السلطة العسكرية إلى نظام مدنى منتخب.. أمضى ملايين المصريين عيد الثورة فى ميدان التحرير جنبا إلى جنب.. سواء أولئك الذين يعتبرون أن الثورة حققت معظم أهدافها بإسقاط النظام وإجراء انتخابات برلمانية نزيهة، وانعقاد مجلس للشعب يعبر عن جميع الأطياف السياسية ويمارس دوره البرلمانى دون تدخل.


وعلى مقربة منهم وفى نفس دائرة الميدان ممثلو شباب الثورة الذين يصرون على تحقيق أهدافهم المثلى بتغيير النظام من جذوره وعدم الاكتفاء باقتلاع رءوسه. ويذهب بعضهم إلى حد عدم الاعتراف بالانتخابات التى أجريت ولا بخريطة الطريق التى وضعتها السلطة الانتقالية بكتابة الدستور ثم انتخاب رئيس مدنى للبلاد. والأكثر من ذلك اتفاق عدد من الحركات الثورية على الاعتصام فى الميدان حتى تنفذ جميع مطالبهم.. أى تسليم السلطة إلى رئيس مجلس الشعب أو أى سلطة مدنية منتخبة فورا دون انتظار!!

 

وعلى الرغم مما تنطوى عليه هذه المطالب من جوانب غير قانونية وتكاد تكون مفرطة فى الخيال، حيث يستحيل قانونيا الجمع بين السلطة التشريعية ممثلة فى رئيس مجلس الشعب والسلطة التنفيذية ممثلة فى رئيس الحكومة، فإن إصرار بعض شباب الثورة على هذه المطالب يدل على عبثية بعضهم. والأقرب إلى المنطق ما طالب به بعض شباب الثورة فى مجلس الشعب بتشكيل لجان لتقصى الحقائق حول مقتل مئات الشهداء ودور العسكريين فى هذه الانتهاكات والقصاص من مرتكبيها، والتعجيل بمحاكمة الذين أفسدوا الحياة السياسية.

 

لقد أقر المشير طنطاوى فى خطابه فى ذكرى الثورة بارتكاب العسكر أخطاء خلال الفترة الانتقالية، ولكنه طالب الشعب بألا يختزل دور القوات المسلحة، ومجلسها الأعلى على هذه الأخطاء. وكرر طنطاوى مطالبته لشباب الثورة بتشكيل كيان حزبى يمارسون من خلاله دورهم فى السياسة. وهى كما سبق أن لاحظنا نقطة ضعف خطيرة فى حركات الشباب التى تناثرت وتفرقت فى عدد لا يحصى من الائتلافات، ففقدت بذلك قدرتها على التأثير السياسى.

 

ويعترف كثير من شباب الثورة بهذه الحقيقة. وقد تلقيت من أحدهم رسالة تؤكد هذا المعنى وتبرر أسبابه.. ويقول «إن طليعة الشباب لم يخرجوا ومن خلفهم الملايين من المصريين، يواجهون آلة قمعية شرسة ويضحون بدمائهم من أجل إسقاط رأس النظام فحسب. بل من أجل إسقاط النظام بأكمله وقطع ذيوله، وتمهيد التربة لنظام جديد على أسس جديدة وليس بآليات النظام الفاسد السابق. والمشكلة من وجهة نظر نسبة كبيرة من شباب الثورة أنهم لا يثقون فى المجلس العسكرى، ويرون أنه مجرد ذيل للحفاظ على آليات النظام الساقط. حتى وأن اضطره ذلك إلى اجتذاب التيار الدينى فى صفه. وبعبارة أخرى إلى التحالف مع الإخوان المسلمين».

 

هذا المنطق هو الذى يحكم تفكير معظم شباب الثورة، ويجد له أنصارا كثيرين يتخذون مواقف حادة ورافضة لكل ما يتخذه المجلس العسكرى من خطوات إصلاحية. وقد أنكرت مجموعات منهم على سبيل المثال أهمية قرار إلغاء الطوارئ واعتبرته تحصيل حاصل.

 

ليس من المتوقع أن تغير بعض الحركات الراديكالية مثل 6 أبريل موقفها من المجلس العسكرى ولا من أى نظام جديد تسيطر فيه قوى سياسية ذات اتجاهات معتدلة. ولهذا السبب تنبأ البعض باحتمال وقوع صدام بين شباب الإخوان وشباب الثورة فى عديد من القضايا.

 

ولكن تبقى أهمية الاحتفالات مثل الاحتفال بذكرى الثورة، أو باستمرار الثورة، وهى أنها تعمل على تجميع الصفوف وتوحيد الآراء وحشد الأغلبية حول أهداف متقاربة أو موحدة. ولابد أن ندرك أن الطريق مازال طويلا وأن التجربة البرلمانية هى سنة أولى ديمقراطية، وعليها أن تعبر كثيرا من الصعاب قبل أن تستقر على أسس ثابتة. وبعبارة أخرى، فإن الذين يؤمنون باستمرارية الثورة عليهم أن يوفروا لها الأوضاع المؤسسية الكفيلة بعدم تآكلها أو تآكل التأييد الشعبى لها.

 

 

 

 

 

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات