عزَ التعاون بين العرب... حتى على الوباء - طلال سلمان - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 3:01 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عزَ التعاون بين العرب... حتى على الوباء

نشر فى : الثلاثاء 28 أبريل 2020 - 10:00 م | آخر تحديث : الثلاثاء 28 أبريل 2020 - 10:00 م

بدايةً، كل رمضان وأنتم بخير، وعسى أن يمن الله علينا بتبدل فى الأحوال ويعيد لهذه الأمة اعتبارها لتاريخها ويفتح أمام أهلها أبواب العزة والكرامة لبناء المستقبل الأفضل الذى يستحقون.. والذى كاد يضيع منهم أو يسرق فى ظل تواطؤ البعض مع العدو الإسرائيلى.
إن الأمة ليست فى أفضل أحوالها، والعلاقات بين دولها المختلفة تتسم باللياقة مع التحفظ، وتفتقد حرارة الأخوة وصدق التعاون ووحدة الموقف.. ولو فى مواجهة جائحة كورونا التى ضربت دول العالم، شرقا وغربا، جنوبا وشمالا، حتى زادت أعداد ضحاياه على المليون نسمة، لا فرق بين النساء والرجال، وإن كانت الإصابات بين الأطفال أقل، ولله الحمد.
كشف هذا الوباء التخلف السياسى ونقص الحرارة بين الأخوة، قبل أن يكشف نقص الجهوزية فى مختلف البلاد العربية عن استيعاب الصدمات الموجعة كانتشار هذا الوباء فى أربع رياح الأرض ما بين مكة المكرمة والمدينة المنورة وبغداد الرشيد وتونس الخضراء وجزائر المليون شهيد والمغرب المطل على أمجاد الأندلس..
فى البدء كان الإنكار.. برغم أن دول العالم، من كبراها كالصين ودول أوروبا الغربية، فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والنمسا وسويسرا والدانمارك والنروج، قبل أن تعترف الولايات المتحدة الأمريكية بوصول الوباء إليها، وضرب أكبر مدنها وأعظمها سكانا، نيويورك، ثم يتابع انتشاره فى مختلف الولايات، شمالا وشرقا وغربا وجنوبا، تمهيدا لأن ينتقل إلى أمريكا اللاتينية فيضرب فى البرازيل والأرجنتين والمكسيك.. ولا تنجو منه إلا كوبا.. (بشفاعة فيديل كاسترو ونظامه الثورى..)!
الطريف أن الرئيس الأمريكى ترامب قد اتهم الصين «بتربية» هذه الجرثومة القاتلة ثم إرسالها، إلى بلاده.. وردت الصين على ما اعتبرته «هراء» وأكملت علاج المصابين الجدد ممن ضربهم الداء الوبيل.

***
القصد من هذا العرض الإشارة إلى واقعة مؤلمة عنوانها: أن العرب يتبدون الآن وكأن كل دولة تتصرف بمنطق: يا رب رأسى!
لم تتصل دولة عربية بأخرى «شقيقة» لتطمئن إلى أحوالها مع زحف الوباء على معظم دول العالم، ولتتبادل معها الخبرات والتجارب التى أجرتها على الوباء: مصدره، طبيعة تكوينه، كيفية الوقاية منه، ثم كيف يعالج وبماذا؟
كانت كل دولة فى شغل شاغل عن الأخرى، بمنطق «اللهم نفسى..».
وحرصت معظم الدول العربية، على استعادة مواطنيها ممن يعملون أو يدرسون فى مختلف جامعات دول الغرب والولايات المتحدة الأميركية.. التى حجرت على مواطنيها شهرين قبل أن تسمح بالدخول أو الخروج أو التنقل بين ولاياتها الخمسين.

***
غطى العالم وجهه بالكمامات..
صار عليك أن تتأكد أن من تخاطبه صديقك قبل أن تحادثه مغمغما من خلف الكمامة..
ساد الذعر فى أربع رياح الأرض، وصار الكل يخاف من الكل ويخاطب من يرغب فى محادثته من خلف قناعه الواقى.
سقطت أرضا «العلاقات المتميزة» بين الدول المتحالفة، وضمنها الاتحاد الأوروبى.
وغضبت دول أمريكا اللاتينية على دولة ترامب التى لم تساعدها فى تأمين الأدوية التى قد تخفف من سرعة انتشار الوباء، أو قد تسهم فى علاجه..
بالمقابل تقدمت الصين مع روسيا لتساعدها على معالجة الوباء الذى تأخر فى الانتشار فى بلاد بوتين، ثم أخذ يتوسع مع كل شمس.

***
لم يعد المواطن العربى يلح على مسئولى دوله بضرورة تحقيق حلم الوحدة، أو الاشتراكية، أو الاستقلال والبعد عن التبعية..
ولكن من حقه أن يطلب منها التعاون فى رد المصاعب والكوارث وفى مواجهة الوباء القاتل متى ضرب «الأخوة» أو «الأشقاء» أو «شركاء المصير».
لقد اشتبكت الولايات المتحدة مع الصين حين اتهمتها بأنها تكتمت فى إبلاغ الدول الأخرى بما جرى لها وفيها.. وردت بكين بأنها حاولت إبلاغ واشنطن، لكن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قال أنه لا يريد منها شيئا غير وقف تصدير الفيروس القاتل إليها.
أما بعض حكام العرب فلم يتكرم واحد منهم بسؤال أشقائه من الملوك والرؤساء العرب عن الأحوال عنده، وهل وصلهم الوباء. وكيف وبماذا يعالجونه، وهل، لا سمح الله، يحتاج فقيرهم إلى مساعدة من غنيهم، وإذا لم يكن لديه ما يكفى من أسباب العلاج فهو حاضر لتقديم ما يفيض على حاجته.
وقديما قالت العرب: وتعاونوا على البر والتقوى وليساعد غنيكم فقيركم فيما يحتاج إليه، والناس شركاء فى الماء والكلأ وأسباب الوقاية من الأمراض والأوبئة.
حماكم الله، من كل وباء.. ووحد صفوفكم وأعاد توحيد جمعكم وحصنكم ضد الأوبئة والأمراض جميعا..
وأعاد الله رمضان، الشهر الفضيل، وأنتم فى أتم الصحة وأحسن الحال..
والأمر لله من قبل ومن بعد..

طلال سلمان كاتب صحفي عربي بارز، مؤسس ورئيس تحرير جريدة السفير اللبنانية، كما أنه عضو في مجلس نقابة الصحافة اللبنانية - المدونة: www.talalsalman.com
التعليقات