عفوًا.. إنه حق المواطن فى الجهل - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 1:24 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عفوًا.. إنه حق المواطن فى الجهل

نشر فى : الأربعاء 28 يونيو 2017 - 8:25 م | آخر تحديث : الأربعاء 28 يونيو 2017 - 8:25 م
لأنها حكومة مصر، ولأنها تدير شئون البلاد على طريقة «عفاريت الأسفلت من سائقى الميكروباص» الذين يعطون إشارة الانحراف إلى اليمين ليفاجئوا السائرين خلفهم ومعهم بالانحراف إلى اليسار، فمن الطبيعى أن تنفق الحكومة ملايين الجنيهات من أموال دافعى الضرائب على حملة دعائية تحت عنوان «حق المواطن فى المعرفة» فى الوقت الذى تحجب فيه عشرات المواقع الإخبارية على الإنترنت بدعوى الحرب على الإرهاب فتحرم المواطن من المعرفة.
فقرارات حجب المواقع، التى لا يعرف أحد من الذى أصدرها ولا من فكر فيها، تعمق للفكرة التى تؤمن بها الحكومة أكثر من أى شىء آخر وهى «حق المواطن فى الجهل» وليس حقه فى المعرفة كما تزعم الحملة الدعائية مدفوعة الأجر.
وإذا كان يمكن للمرء تفهم المزاعم الحكومية بأن المواقع التى تبث من خارج مصر وتم حجبها تدعم جماعات أو مواقف متطرفة، فإنه من المستحيل قبول هذه المزاعم بالنسبة للمواقع المصرية التى تعمل وتبث أخبارها من أرض الكنانة بموجب تصاريح وموافقات رسمية. فأغلب القائمين على أمر هذه المواقع المصرية شخصيات ليبرالية أو يسارية، تعارض جماعات الإسلام السياسى بشكل عام ربما أكثر مما يعارضها نظام الحكم نفسه. 
والقاسم المشترك بين المواقع المحجوبة هو أنها تحمل نفسا معارضا لخيارات نظام الحكم على مختلف الأصعدة، ولذلك فقد وجدت نفسها فى مرمى نيران السلطة التى قررت ودون أى إعلان حجبها دون أى اكتراث بنصوص الدستور التى تحمى حرية التعبير وتحدد ضوابط وآليات حجب المواقع أو مصادرة الصحف، ودون أى اكتراث بالقوانين التى تحمى الملكية الخاصة والاستثمار باعتبار هذه المواقع أصولا ذات قيمة مالية مملوكة لأصحابها ولا يجب العدوان عليها بدون أسباب قانونية معروفة.
هل يمكن لعاقل تصديق أن مواقع مدى مصر والبديل والبداية تدعم الإرهاب؟ وهل يمكن لعاقل تصديق أن موقع مصر العربية الذى يكتب فيه أمين إسكندر وإكرام يوسف ومحمد على إبراهيم وعبدالناصر سلامة يدعم الإرهاب، وأن موقع المصريون الذى تسمح له السلطات بمواصلة إصدار نسخته الورقية الأسبوعية يستحق الحجب؟
إن النظام الحاكم لا يسعى إلا وراء «حق المواطن فى الجهل» مهما بث من إعلانات «حق المواطن فى المعرفة»، ولذلك فهو يستهدف المواقع المعارضة بالحجب «الصامت» الذى يتم تنفيذه دون قرار رسمى معلن يتيح لأصحاب هذه المواقع ومسئوليها الطعن عليه بالوسائل القانونية. 
وتكتمل المأساة بحالة الصمت الرهيب من جانب المجلس الأعلى للإعلام على حجب المواقع التى وصل عددها إلى أكثر من 90 موقعا، بينها العديد من المواقع الرسمية والمرخصة والصادرة من أرض الكنانة.
الغريب أن هذا المجلس أقام الدنيا ولم يقعدها لمجرد خطأ بسيط فى مشهد بأحد المسلسلات التلفزيونية الذى ظهرت فيه عبارة مسيئة لرئيس الجمهورية مكتوبة على أحد الجدران فى خلفية المشهد، لكنه يلتزم الصمت أو يتحرك بسرعة السلحفاة ــ إذا ما أحسنا الظن به ــ فى التعامل مع قضية المواقع المحجوبة، وهو ما لا يمكن تفسيره إلا بالقول إن القائمين على أمر هذه المجلس ينظرون إلى أنفسهم باعتبارهم مسئولين فقط عن حماية النظام الحاكم مما يعتبره ويعتبرونه معه تجاوزات الإعلام فى حقه، وليس باعتبارهم مسئولين أيضا عن حماية الإعلام وحريته ووسائله من تجاوزات النظام الحكم ضد الإعلام.

 

التعليقات