مظاهرات بلا حدود - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 5:44 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مظاهرات بلا حدود

نشر فى : الأحد 28 سبتمبر 2014 - 7:50 ص | آخر تحديث : الأحد 28 سبتمبر 2014 - 7:50 ص

هذا هو موسم التظاهر والاحتجاج فى نيويورك. طبعا التظاهر لا يتوقف فى هذه المدينة الصاخبة لكن القمة السنوية لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة مناسبة نادرة لأصحاب الحقوق والمزاعم والأوهام ليعرضوا أفكارهم ومطالبهم. هؤلاء يراهنون على لفت أنظار العالم إلى قضاياهم من خلال رئيس أو مسئول يمر أمامهم أو وسائل إعلام ربما تتعاطف معهم.

فى المسافة من الفندق الذى كنت أقيم فيه ــ وهو فى قلب المدينة ومواجه تماما للفندق الأشهر فى المدينة ولدروف استوريا ــ إلى مقر الأمم أو إلى مقر البعثة المصرية لدى المنظمة الدولية كنت أمر بمئات المظاهرات والمتظاهرين.

من المناظر المألوفة فى تقاطعات شوارع نيويورك أن تجد شخصا أو اثنين ومعهم أكثر من لافتة تدعو لشىء معين. أول ما صادفنى فى هذا الأمر ثلاثة أمريكيين يضعون لافتاتهم الكبيرة فى ركن محدد من ناصية الشارع يهاجمون فيها أوباما وسياسته ويرسمونه على هيئة هتلر الذى يرون أنه يدمر الكوكب ويزيد الاحتباس الحرارى. من يقف ويهتم بالأمر يتعرفون عليه ويعطونه منشورا من ورقة واحدة عن قضيتهم. وكذلك عناوينهم حتى يمكنهم التواصل معه. تعاطفت معهم لأنهم يدافعون عن قضية إنسانية عادلة تهم الفقراء أمثالنا أكثر مما تهم الأغنياء أمثالهم.

قالوا لى إن الرئيس الأمريكى خان كل أفكاره قبل أن يصبح رئيسا ونسى كل وعوده وخضع لكل إملاءات الشركات الكبرى التى تلوث البيئة وتعجل بنهاية العالم ولا نأخذ منه إلا الكلام المعسول فى القمة العالمية للمناخ أو المناسبات المماثلة.

مجموعة أخرى من الإيرانيين ــ أغلب الظن أنهم من منظمة مجاهدى خلق ــ اختاروا ركنا وكانوا يهتفون بالفارسية والإنجليزية ضد حكومتهم. وعلى لافتة كرتونية وضعوا صورة المرشد على خامئنى وبجواره صور لمبارك والقذافى وعلى عبدالله صالح وزين العابدين بن على وكتبوا تحت صورته: «يجب أن يرحل مع هؤلاء الطغاة».

فى ركن آخر ولكن أقرب للأمم المتحدة كانت هناك مجموعة من مواطنى سريلانكا يهتفون ضد حكومتهم. هؤلاء ينتمون إلى طائفة التاميل وجبهة نمور تحرير إيلام التى خاضت صراعا طويلا مع الحكومات المتعاقبة. وكتبوا على اللافتات «الحرية للتاميل».

الإخوان وأنصارهم حصلوا على ترخيص بالتظاهر يوم الخميس وهو اليوم الذى كان مقررا ان يلقى فيه الرئيس السيسى كلمة مصر. الذى حدث أن الكلمة تقدم موعدها إلى الأربعاء وهو اليوم الذى حصل فيه المؤيدون للحكومة على ترخيص بالتظاهر وملأوا فيه شوارع مانهاتن المؤدية إلى مقر المنظمة الدولية. وأغلب الظن أنه جرت عملية خداع للمتظاهرين المعارضين ما ضيع عليهم فرصة إيصال صوتهم فى هذه المناسبة الفريدة.

ورغم ذلك فإن هؤلاء المعارضين استغلوا القانون الذى يتيح لأى مجموعة أقل من عشرين شخصا أن تتظاهر من دون ترخيص شرط ألا تتحرش وألا تشتبك جسديا مع أحد وأن تقف على الرصيف المقابل للمكان الذى تتظاهر ضده. ولذلك تظاهرت مجموعة لا تزيد على عشرين شخصا أمام الفندق الذى يقيم فيه السيسى. وبنفس الطريقة ذهبت نفس المجموعة أو أقل إلى مطار كنيدى لكنها ــ وبالفهلوة المصرية ــ كسروا القانون واشتبكوا مع الصحفيين المصريين. وفى اليوم التالى هاجمونى أنا والصديق ياسر رزق فى حى كوينز.

هؤلاء أغلب الظن مثل معظم المصريين المؤيدين والمعارضين ليست لديهم ثقافة التظاهر.

نحن فى مصر لدينا حساسية مفرطة بشأن التظاهر والأسباب معروفة وأبرزها أن ثقافة الديمقراطية الحقيقية وحريات التعبير ليست متجذرة فى تربتنا السياسية أو الثقافية أو الاجتماعية. خلاصة القول إننا سنأخذ وقتا للأسف الشديد حتى نصل إلى درجة الوعى والتحضر والمسئولية حتى نصل إلى ما وصل إليه العالم الغربى فى هذا الصدد. وإلى أن يحدث ذلك علينا ألا نيأس وأن نتعلم من الآخرين كيف نكون ديمقراطيين فعلا وليس قولا فقط.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي