بنجلاديشى فى الكونجرس - محمد المنشاوي - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 8:13 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بنجلاديشى فى الكونجرس

نشر فى : الأربعاء 29 ديسمبر 2010 - 10:17 ص | آخر تحديث : الأربعاء 29 ديسمبر 2010 - 10:17 ص

 رزق السيد «ظفر على هاشم» المهاجر للولايات المتحدة من بنجلاديش، وزوجته الأمريكية السوداء «تيلما كلارك» بطفل أطلقوا عليه اسم «هانسن» فى عام 1957، إلا أن القدر لم يمهلهما من العمر المزيد حتى يروا ابنهما «هانسن هاشم كلارك» يبدأ مهام منصبه الجديد فى الثالث من يناير 2011 كعضو فى مجلس النواب (أحد مجلسى الكونجرس الأمريكى) عن الدائرة رقم 13 بولاية ميتشجان، وذلك بعدما فاز بأغلبية ساحقة «بالمعايير الأمريكية» بلغت 79% من الأصوات.

وتمثل قصة انتخاب هانسن، الذى ينتمى للحزب الديمقراطى، إحدى القصص القليلة الجميلة التى تمخضت عنها الانتخابات الأخيرة التى شهدت نجاحا ساحقا للحزب الجمهورى، حيث سيكون هانسن أول عضو بالكونجرس من أصل بنجلاديشى ليمثل ولاية ميتشجان التى تعد الولاية الأمريكية الثانية، بعد كاليفورنيا، من حيث عدد الأمريكيين العرب، إذ يبلغ عددهم فيها 490 ألفا حسب أرقام مؤسسة «زغبى إنترناشيونال» التى تعتمد جزئيا على بيانات مكتب الإحصاء الأمريكى الحديثة.

وفى الوقت الذى بلغ عدد النواب الأقباط فى مجلس الشعب المصرى الجديد ثلاثة فقط، أو نسبة 0.06%، أى أقل من واحد بالمائة من النواب المنتخبين، وذلك قبل أن يعين الرئيس حسنى مبارك سبعة أعضاء آخرين ليصل الإجمالى إلى عشرة أعضاء أو ما نسبته 1.9% من إجمالى أعضاء المجلس فى وقت يصل فيه نسبة الأقباط فى الشعب المصرى ما يقرب من 12% طبقا لتقديرات محايدة، فاجأنا الناخبون الأمريكيون بانتخاب أحد أبناء الأقليات (الضئيلة العدد والضعيفة التأثير)، إذ تقدر بعض المصادر عدد الجالية البنجلاديشية داخل الولايات المتحدة بما لا يزيد على 80 ألف شخص، يعيش منهم أقل من 5 آلاف شخص فى ولاية ميتشجان، إلا أن هذا لم يمنع الناخبين الأمريكيين من انتخاب أحد أبناء هذه الجالية، وهو أكثر المرشحين كفاءة، لتمثيل أحد دوائر مدينة ديترويت، عاصمة العالم لصناعة السيارات.

وبعد هجرة والد هانسن للولايات المتحدة استقر به الحال عاملا بسيطا فى مدينة ديترويت فى أحد مصنع شركة فورد للسيارات، ورغم أن هانسن ولد مسلما، إلا أنه تربى على القيم الكاثوليكية بعد وفاة والده عندما كان عمره ثمانى سنوات.

نشأ هانسن فقيرا بعد وفاة والده، وعاش مع أمه على مرتب ضئيل كانت تحصل عليه مقابل قيامها بتنظيم المرور حول احدى المدارس لتسهيل دخول التلاميذ وعبورهم الشارع إلى المدرسة، وحصلا على بطاقات الدعم الغذائية التى يوزعها برنامج خاص يوفر لشديدى الفقر بطاقات (تسمى بطاقات الغذاء) لشراء الأغذية بها.

وأظهر هانسن ذكاء فى بدء حياته الدراسية، مما استرعى انتباه أساتذته ومعلميه، وحاول هانسن جاهدا أن ينهى تعليمه من خلال التحاقه للدراسة فى معهد ديترويت للفنون، ثم حصل على منحة للدراسة فى إحدى الجامعات الخاصة المتميزة «كورنيل»، لكنه ترك الدراسة فى سنته الأولى عندما توفيت أمه وكان فى التاسعة عشرة من عمره. ويصف هانسن تلك الفترة بأنها كانت أسوأ فترة فى حياته، فقد فيها المنحة الدراسية وسيارته وكان عاطلا عن العمل واستعان على المعيشة بأعمال جزئية وبمساعدة حكومية.

وتذكر صحيفة ديترويت فرى برس أن هانسن استطاع إكمال تعليمه عن طريق دعم من الأصدقاء وجمعيات المجتمع المدنى حين جمعوا له مالا يمكنه من العودة إلى الدراسة. وعاد هانسن إلى جامعة كورنيل ولكن ليدفع نفقات تعليمه من القروض الطلابية وأجر العمل فى مكتبة الجامعة. وتخرج بشهادة جامعية فى فن الرسم عام 1984 ثم تخرج بشهادة فى الحقوق من كلية حقوق جامعة جورج تاون العريقة بالعاصمة الأمريكية واشنطن بعد ذلك بثلاث سنوات.

وعمل بعد تخرجه فى كلية الحقوق فى الحملات الدعائية السياسية وفى وظائف خاصة بالعلاقات العامة ثم أصبح فى نهاية المطاف رئيس هيئة موظفى النائب الديمقراطى من ولاية ميتشجان جون كونيارز. ثم خدم بعد ذلك ثلاث فترات فى مجلس نواب ولاية ميتشجان وفترتين كعضو فى مجلس شيوخ الولاية.

وقال هانسن بعد إعلان فوزه الشهر الماضى فى انتخابات الكونجرس: «لقد ترشحت للانتخابات كى أساعد فى خلاص أحياء الفقراء، مثل الحى الذى ولدت ونشأت فيه، وأريد أيضا أن أبعث الأمل وأخلق الفرص للناس.. وسأواصل الكفاح فى سبيل تغيير النظام بحيث تخدم الحكومة الشعب وليس السياسيون».

وينوى هانسن كذلك العمل على توسيع التجارة مع بنجلاديش عندما يبدأ عمله فى الكونجرس الشهر القادم، وقد أقام مجلس الجالية الأمريكية البنجلاديشية الأسبوع الماضى حفل استقبال تكريما لهانسن، ووصف خلاله السيد محمد مجومدر، رئيس المجلس، فوز هانسن «بأنه أعظم إنجاز يحققه بنجلاديشى أمريكى حتى الآن»، وبدوره شكر هانسن فى كلمته الجالية البنجلاديشية لما قدمت له من دعم وأشاد بالقيم والقدوة التى خلفها أبوه.

للعلم:

يبلغ عدد أعضاء مجلسى الكونجرس 535 عضوا، وانتخب الشعب الأمريكى 42 عضوا من السود الأفارقة، و28 عضوا من الهيسبانك (المتحدثين بالإسبانية)، و11 عضوا من أصول آسيوية.

محمد المنشاوي كاتب صحفي متخصص في الشئون الأمريكية، يكتب من واشنطن - للتواصل مع الكاتب: mensh70@gmail.com
التعليقات