ابتزاز أمريكى - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 9:33 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ابتزاز أمريكى

نشر فى : الإثنين 30 يناير 2012 - 9:45 ص | آخر تحديث : الإثنين 30 يناير 2012 - 1:16 م

تبذل الإدارة الأمريكية جهودا مكثفة لعرقلة سير العدالة وإعاقة القضاء المصرى عن أداء واجبه فى التحقيقات التى يجريها للكشف عن أسرار عمليات التمويل الأجنبى داخل مصر، والتى تقوم بها هيئات أمريكية دون علم الحكومة المصرية. حيث جرى تحويل مبالغ ضخمة لمنظمات غير مسجلة رسميا، ولا تخضع لأى نوع من الإشراف أو المراجعة لمعرفة نشاطها وأوجه إنفاق هذه الأموال التى يقال إنها تذهب لجمعيات حقوقية مصرية تحددها الإدارة الأمريكية.

 

وقد اضطرت سلطات التحقيق إلى منع سفر عدد من الموظفين الأمريكيين الذين يعملون فى منظمتين أمريكيتين، هما المعهد الجمهورى الدولى التابع للحزب الجمهورى ويرأسه السيناتور اليمينى المحافظ ماكين، والمعهد الديمقراطى الوطنى التابع للحزب الديمقراطى، لمتابعة التحقيق الذى شمل عددا من المصريين العاملين فى هذا المجال بحجة العمل على نشر الديمقراطية.

 

وقد قوبل هذا الإجراء بغضب شديد من الإدارة الأمريكية. مما دعا بعض الساسة والمسئولين الأمريكيين إلى مطالبة المجلس العسكرى بوقف ما اعتبروه «تعريضا لحياة الأمريكيين للخطر».. يعنى مجرد استدعاء مواطن أمريكى لسماع أقواله أو تحديد طبيعة عمله، يعتبر بالنسبة للغطرسة الأمريكية «تعريض حياتهم للخطر» والمطالبة برفع القيود فورا على تحركاتهم والسماح لهم بالسفر.

 

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد أبدى السيناتور الأمريكى الجمهورى ماكين انزعاجه وغضبه الشديد، حين اتضح أن حظر السفر والتحقيق شمل سام لحود ابن وزير النقل الأمريكى. وهدد بأن مثل هذه الإجراءات تعرض العلاقات المصرية الأمريكية لانتكاسة فى مشاركة طويلة الأمد بين البلدين.

 

ثم دخلت المساعدات الأمريكية لمصر فى الأزمة. فألمحت واشنطن إلى أنها قد تعيد النظر فى المعونة العسكرية السنوية التى تقدمها لمصر وقدرها 1.3 مليار دولار إذا استمر التحقيق مع هذه المنظمات. وتصاعد مسلسل الابتزاز والتهديد أثناء الزيارة التى قام بها مايكل بوزنر مساعد وزيرة الخارجية الذى أشار إلى أن الإفراج عن المساعدات لمصر يتوقف على الكونجرس، حيث تشكلت جبهة رفض من عدد من النواب ترفض الإجراءات المصرية ضد المنظمات غير الحكومية. وطالبت برفع القيود عنها بحجة أن المنظمات غير الحكومية جزء من حزمة المساعدات الأمريكية.

 

ولم تتوقف الصحافة الأمريكية عن التلويح بتهديدات موجهة للمجلس العسكرى. وتقول صحيفة «وول ستريت جورنال»: إن التطورات الأخيرة تضع جنرالات المجلس العسكرى فى صراع مفتوح مع الإدارة الأمريكية.

 

ويبدو حتى هذه اللحظة أن التحقيقات القضائية التى تجرى تحت إشراف وزارة العدل، شملت 40 أجنبيا و25 مصريا، واجههم قضاة التحقيق بالمستندات التى تؤكد تلقيهم تمويلا من الخارج، مع تحديد التهم الموجهة لكل واحد منهم.

 

ليست هذه هى المرة الأولى التى يستخدم فيها سلاح المساعدات الأمريكية للضغط والابتزاز. الضغط لإجبار الحكومة المصرية على تغيير سياستها فى قضية بعينها أو انتزاع تسهيلات لمصلحة الاستراتيجية الأمريكية. وقد دأب النظام السابق على المهادنة والاستسلام إزاء المطالب والضغوط الأمريكية.

 

ومن المعروف أنه فى الولايات المتحدة الأمريكية نفسها يعمل القضاء مستقلا ولا تتدخل السلطات فى توجيهه أو التأثير عليه. وهناك أمثلة عديدة لمصريين تعرضوا لشبهات غير مؤكدة، واحتجزوا شهورا قبل الإفراج عنهم ولم يكن من حق السفارة أو القنصلية أن تتدخل لتبرئتهم أو المطالبة بالإفراج عنهم.

 

ويقول المسئولون فى المعهدين الجمهورى والديمقراطى، أكبر أوعية أمريكية لتلقى المنح والمساعدات وتوزيعها على الأفراد والجمعيات الحقوقية والمشروعات، إنهم تقدموا بطلبات للتسجيل منذ عام 2005، ولكن طلباتهم لم تلق ردا.. فماذا يبقى بعد ذلك دليلا على رفض أنشطة هذه المؤسسات؟

 

فى كل الأحوال تبدو العلاقات المصرية الأمريكية وكأنها تتجه نحو طور جديد من الشد والجذب. ومن مصلحة مصر أن تعجل بإعلان نتائج التحقيقات التى تجريها فى مسألة التمويل الأجنبى ومدى مخالفته للقانون.. وأن يسرع مجلس الشعب إلى وضع قانون جديد أكثر ملاءمة لطبيعة أنشطة حقوق الإنسان وبما يتفق مع المعايير الدولية!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات