بلينكن.. انحياز مسبق لإسرائيل - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:19 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بلينكن.. انحياز مسبق لإسرائيل

نشر فى : الإثنين 30 يناير 2023 - 8:35 م | آخر تحديث : الإثنين 30 يناير 2023 - 8:35 م
بدأ شهر يناير 2023، بتصعيد إسرائيلى خطير ضد الفلسطينيين، إثر تولى بنيامين نتنياهو رئاسة أكثر الحكومات الإسرائيلية تطرفا، وخلال أسبوعين من الشهر ذاته سقط 13 شهيدا فلسطينيا برصاص قوات الاحتلال، وسط عمليات اقتحام شبه يومية للمسجد الأقصى المبارك من قبل المستوطنين، وغلاة المتطرفين فى حكومة نتنياهو، وفى مقدمتهم وزير الأمن القومى إيتمار بن غفير الذى يدعو صراحة إلى قتل الفلسطينيين وتهجيرهم وهدم بيوتهم.
وقبل أن يلملم يناير أوراقه شنت قوات الاحتلال الإسرائيلى عملية عسكرية فى مخيم جنين استشهد خلالها 9 فلسطينيين، وعندما ضاق الحال بالفلسطينيين، فى ظل غياب أى دعم أو مساندة عربية كانت أم دولية، وغداة مجزرة جنين، هاجم شاب فلسطينى مجموعة من الإسرائيليين قرب كنيس يهودى بحى استيطانى بالقدس المحتلة، ما أسفر عن مقتل 7 إسرائيليين.
هنا انقلب الحال، وخرجت أبواق الشجب والإدانة فى الغرب والشرق ضد هذا العمل «الإرهابى» الذى استهدف مدنيين!! وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل للصحفيين: «هذا مروع للغاية (...) إننا ندين بأشد العبارات هذا الهجوم الإرهابى الواضح. التزامنا أمن إسرائيل يبقى صارما، ونحن على اتصال مباشر مع شركائنا الإسرائيليين».
بدوره قدم الرئيس الفرنسى تعازيه إلى الإسرائيليين فى «ضحايا الاعتداء الإرهابى» قرب الكنيس اليهودى، معبرا عن «تضامن فرنسا التام والكامل مع إسرائيل فى حربها ضد الإرهاب» و«مكررا تمسك فرنسا الراسخ بأمنها»، كما أدان وزير الخارجية البريطانى جيمس كليفرلى الهجوم، ووصفه بالأمر المروع قائلا: «نقف مع أصدقائنا الإسرائيليين».
ماكينة الإدانات لم تقف عند عواصم غربية، بل طالت أيضا عدة عواصم عربية، والأمين العام للأمم المتحدة الذى قال المتحدث باسمه إن المسئول الدولى يدين الهجوم «الشنيع» فى القدس الشرقية.
هجوم القدس تبعه عملية انتقامية غير مسبوقة ضد الفلسطينيين، وفقا لمسئول ملف الاستيطان شمال الضفة الغربية، غسان دغلس، حيث قام المستوطنون فى يوم واحد بشن 144 اعتداء على فلسطينيين جنوب نابلس، فيما أطلقت الشرطة الإسرائيلية وبلدية القدس حملة لهدم 14 منزلا فلسطينيا بشكل سريع، بإيعاز من الوزير المتطرف بن غفير.
وسط هذه الأجواء الملتهبة جاء وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن، إلى المنطقة لزيارة القاهرة وتل أبيب ورام الله، صحيح أن الزيارة كانت مقررة سلفا، إلا أنها ستصب جل جهودها على إطفاء النيران المشتعلة، وتقديم يد العون، كما هى العادة، لطمأنة الإسرائيليين على الانحياز الأمريكى السافر، والمتواصل، لأمن إسرائيل!
تتحدث واشنطن، بمناسبة ومن دون مناسبة، عن ضمان حماية «الشعب الإسرائيلى» ولم نسمع منها يوما كلمة واحدة عن ضمان حماية «الشعب الفلسطينى»، فهل نتوقع من أية تحركات أمريكية، موقفا منصفا للفلسطينيين؟! وأى دور يمكن أن يلعبه السيد بلينكن كـ«وسيط»، وقد أعلنت وزارته قبل وصوله إلى المنطقة الانحياز الأعمى للمتطرفين فى سدة الحكم بتل أبيب؟!
تعودنا من المسئولين الأمريكيين على اختلاف إداراتهم، المسارعة فى مناصرة إسرائيل، ومساعدتها فى تنفيذ أجندتها الدموية بحق الشعب الفلسطينى، ولم نمسك، يوما، مسئولا أمريكيا متلبسا بقول كلمة حق، مجرد كلمة، ترفع الظلم والاضطهاد عن الشعب الفلسطينى المعذب فوق أرضه التى سلبها المحتل بسلاح أمريكى، ومساعدات اقتصادية بمئات المليارات من الدولارات.
سيسعى بلينكن لتهدئة الخواطر الفلسطينية عندما يذهب إلى رام الله، وسيطلق وعودا معسولة عن «حل الدولتين»، وضرورة الجلوس إلى مائدة التفاوض مع الإسرائيليين، وربما يمارس ضغوطا شكلية على إسرائيل «لضبط النفس»، بعد قتل واعتقال عشرات الفلسطينيين وهدم بيوتهم، لكن سيبقى الحال كما هو عليه، دوامة من التصعيد، تتلوها فترة من الهدوء أو الكمون، قبل أن تندلع شرارة العنف والإرهاب الإسرائيلى مجددا بحق الفسطينيين.
جولة بلينكن محكوم عليها بالفشل فى تحقيق أى خطوة تخدم الفلسطينيين، ولكن سيكتب لها النجاح فى تمرير الأهداف الإسرائيلية فى فرض الأمر الواقع، وهضم المزيد من الأراضى الفلسطينية، وتثبيت دعائم التقسيم الزمانى والمكانى للمسجد الأقصى، والتنصل مما يسمى حل الدولتين، بعد أن اختارت واشنطن الانحياز الإيجابى لصالح إسرائيل.
التعليقات