سلوكيات لا تليق بالقضاة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الإثنين 18 أغسطس 2025 10:52 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

سلوكيات لا تليق بالقضاة

نشر فى : الأحد 31 مايو 2015 - 9:05 ص | آخر تحديث : الأحد 31 مايو 2015 - 9:05 ص

عندما كان صاحب أى مهنة دنيا يخطئ فى الحديث أو يتكلم بطريقة غير لائقة أو يسب ويشتم كنا نقيم الدنيا ولا نقعدها ونولول على منظومة القيم التى انهارت، الآن لدينا وزراء لا يعرفون كيف يختارون كلماتهم، ولدينا أيضًا بعض القضاة لا أعرف كيف انحدر بهم الحال ليتحدثوا بهذه اللغة التى يصعب تخيلها.

القضاء مهنة جليلة، وهى مرتبطة فى مخيلة كل الناس ليس فقط بالعدل، ولكن بالوقار والهيبة والهدوء واختيار الكلمة بعناية قبل النطق بها.

فى تاريخ القضاء المصرى علامات مضيئة لعباقرة علما وخلقا، وما هو ثابت ومستقر أن القاضى شخصية مختلفة عن غيره، فهو لا يجلس على المقهى، ولا يتواجد فى الأماكن العادية ناهيك عن المشبوهة حتى يتجنب مواضع الزلل، وتكون صورته ناصعة البياض فى أذهان الجميع طوال الوقت.

ألا ينبغى مثلا لمجلس القضاء الأعلى وفيه قامات كبيرة أن يلفت نظر البعض ليحسنوا اختيار كلماتهم وهم يتحدثون على المنصة، لأن الجميع يتابعهم ويتأثر بهم، وعندما ينزل أحد القضاة بمستوى الحديث إلى ما نشاهده ونسمعه ونقرؤه الآن فإنه ينبغى على الجميع أن يقلق.

أنا لا أعلق على أحكام القضاة، بل على طريقة كلام بعض القضاة وألفت النظر إلى أن السكوت على طريقة حديث قلة من القضاة فى الفترة الأخيرة هى أكثر ما يسىء إلى القضاء والقضاة بل وإلى مفهوم العدالة نفسه.

أتمنى أن يلتفت مجلس القضاء الأعلى ونادى القضاة ووزارة العدل وسائر وكلاء النيابة المحترمين إلى أن قاضيا واحدا أو وكيل نيابة واحدا يمكن أن يسيء إليهم جميعا، وبالتالى فعندما يكون هناك خطأ خصوصا إذا كان فادحا فقد وجب التدخل فورا لإصلاحه.

أعرف أن غالبية القضاة بخير، سواء فى عملهم أو فى الحفاظ على هيبتهم، لكن مرة أخرى، لو أن هناك شخصا واحدا يخطئ فإنه يسىء إلى الجميع.

تأملوا أحكام الإعدام الجماعية، ورغم أن البعض يقول إنها صدرت بالتوافق مع القانون، إلا أنه تم استغلالها بصورة كارثية للإساءة إلى القضاء بل إلى الوطن بأكمله، لكن الأكثر خطورة هو السلوك الشخصى لبعض القضاة وطريقة كلامهم.

ما يحق للمواطن العادى لا يحق للقضاة. المواطن العادى يحق له أن يقول: «أنا مش كيس جوافة»، لكن السياسى أو القاضى لا يحق له أن يفعل ذلك. لا ينبغى للسياسى أو القاضى أو الوزير أن يقول «علىّ الطلاق». الذى قال ذلك ــ على ما أظن ــ كان الراحل الدكتور عبدالرازق عبدالمجيد نائب رئيس الوزارء فى أواخر السبعينيات حينما أقسم بالطلاق أن الميزانية بها فائض ووقتها كان مثار انتقاد وسخرية الجميع!!.

يمكن لأى مواطن أن يتواجد فى أماكن عادية، ويمكن له أن يفرح ويهلل أو حتى يرقص، لكن ذلك لا يليق فى مرات كثيرة بالقاضى أو السياسى أو رجل الدين، رغم أنه إنسان وبشر ورغم أن هذا السلوك ليس خاطئا، لكنه قد يكون غير مقبول فى بعض الأحيان.

أتمنى أن ينتبه مجلس القضاء الأعلى ونادى القضاة وكل من يهمه الأمر، إلى أن أخطاء بعض القضاة ــ حتى لو كانت عفوية ــ تسبب الكثير من الإساءة إلى هذا المرفق الحيوى. وإلى أن مثل هذه الأخطاء تتحول إلى مادة ثرية لدى كل أعداء القضاة خصوصا عند الجماعات الإرهابية والظلامية.

إدانة ورفض هذه الممارسات والسلوكيات الخاصة بأعداد قليلة من القضاة والتحقيق فيها ولفت نظر أصحابها، يزيد من هيبة القضاة ويرفع من شأنهم، حتى لا نتفاجأ بأن هذه السلوكيات صارت هى الأصل.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي