مشروع تعديل الدستور.. بين ثغرة المادة «226» والخلاف حول أثر التحصين - بوابة الشروق
الإثنين 6 مايو 2024 3:48 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مشروع تعديل الدستور.. بين ثغرة المادة «226» والخلاف حول أثر التحصين

الرئيس عبد الفتاح السيسي
الرئيس عبد الفتاح السيسي
كتب ــ محمد بصل:
نشر في: الخميس 2 مارس 2017 - 1:23 ص | آخر تحديث: الخميس 2 مارس 2017 - 10:32 ص

• لا حظر على تمديد فترة الولاية الرئاسية.. لجنة الخمسين ركزت على منع تكرار تعديل 1980.. و"العشرة" التفتت عن مقترح تقييد المدة

• رأيان في إلغاء قيد إعادة انتخاب الرئيس: استفتاءان أولهما لتعديل المادة 226 وحدها.. أو استفتاء واحد يجمعها بالمادة 140

• فوزي: لا توجد مادة دستورية عصية على التعديل.. ومادة التحصين في دستوري 23 و30 لم تمنع سقوطهما

أثار مشروع تعديل الدستور المقدم من النائب إسماعيل نصر الدين تساؤلات عديدة عن إمكانية تعديل المادة الخاصة بمدة ولاية رئيس الجمهورية وإعادة انتخابه في ظل وجود المادة 226 التي تحظر تعديل النصوص المتعلقة بإعادة الانتخاب، بالإضافة إلى مدى إمكانية تعديل المادة 226 ذاتها الخاصة بإجراءات تعديل الدستور، ومدى فاعلية هذه المادة، وإمكانية اعتبارها مادة محصنة لا يمكن المساس بها دون باقي مواد الدستور.

وتنص الفقرة الخامسة من المادة 226 على أنه "في جميع الأحوال، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات".

وحظي هذا النص بترحيب واسع لدى إقرار دستور 2014 لضمانه ظاهرياً عدم تكرار التعديل الدستوري الشهير الذي أدخله مجلس الشعب عام 1980 على دستور 1971 برفع القيد عن إعادة انتخاب رئيس الجمهورية، وهو التعديل الذي استفاد منه الرئيس المخلوع حسني مبارك للبقاء في السلطة لنحو 30 عاماً.

وبمطابقة هذا النص بالمادة 140 من الدستور الخاصة بضوابط وإجراءات ترشح رئيس الجمهورية، نكتشف أن المادة 226 بها ثغرة حقيقية، وهي أنها لم تحظر تعديل مدة الولاية، وانصرفت فقط إلى حظر إعادة انتخاب الرئيس أكثر من المرتين المنصوص عليهما في المادة 140.

وينفذ من هذه الثغرة جزء مهم من مقترح النائب إسماعيل نصرالدين، فإذا تمسكنا بالتطبيق الحر في المادة 226 فليس هناك ما يمنع من تمديد فترة الولاية الواحدة لرئيس الجمهورية لتبلغ 6 سنوات أو أكثر، وذلك دون المساس بمسألة إعادة الانتخاب.

وتكشف مضابط مناقشات لجنة الخمسين التي وضعت دستور 2014 وتحديداً في اجتماعها الثالث والثلاثين المنعقد في 14 نوفمبر 2013 أن الدافع وراء حظر المساس بالنصوص المتعلقة بإعادة الانتخاب كان التخوف من تكرار تعديل عام 1980، وأن مسألة تمديد فترة الولاية لم تكن في أذهان واضعي النص.

فرداً على اعتراض بعض الأعضاء على مبدأ تحصين مواد دستورية بعينها؛ قال محمد عبدالعزيز، المقرر المساعد للجنة نظام الحكم والسلطات العامة، إن "تعديل الدستور عام 1980 قبل وفاة الرئيس السادات دمر الحياة السياسية في مصر، وهذه المادة تمنع حدوث هذا الكلام، لأنها تقول وفي جميع الأحوال لا يجوز تعديل نصوص متعلقة بكذا، وإعادة انتخاب رئيس الجمهورية منصوص عليها في الدستور، لكي لا يأتي أي رئيس جمهورية يقوم بما قام به السادات ويعدل المادة، وإلاّ نكون بنضرب تجربة تداول السلطة في مقتل، وقد يستخدمها أي رئيس جمهورية بأي أغلبية برلمانية أو بثلثي الأعضاء ليبقى لمدد أخرى، ونجد أنفسنا نعود لنقطة الصفر...".

غير أن مضابط مناقشات لجنة الخبراء العشرة التي وضعت المسودة الأولى للدستور تكشف أمراً آخر؛ تحديداً في اجتماعها الخامس عشر المنعقد في 20 أغسطس 2013، حيث تم الالتفات عن مقترح ورد على لسان أحد أعضاء اللجنة (لم يحدد من هو) بحظر تعديل الأحكام الخاصة بـ"مدة ولاية رئيس الجمهورية" إلى جانب الأحكام الخاصة بمبادئ الحرية والمساواة المنصوص عليها في الدستور.

واقترحت لجنة العشرة النص على النحو التالي "وفي جميع الأحوال لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بمبادئ الحرية، والمساواة المنصوص عليها في هذا الدستور، ما لم يكن التعديل متعلقا بالمزيد من الضمانات" دون ذكر مسألة إعادة انتخاب الرئيس أو مدة ولايته.

• مؤيدو ومعارضو التحصين في «الخمسين»
وتكشف المضابط أيضاً وجود خلافات أساسية داخل لجنة الخمسين حول مبدأ تحصين مواد بعينها في الدستور، حيث اعترض على ذلك الأعضاء محمد إبراهيم منصور وطلعت عبدالقوي وسامح عاشور، بعدما تلا رئيس اللجنة عمرو موسى المادة بصياغتها المقترحة وهي ذاتها النافذة حالياً.

فقال منصور إن "تحصين مواد بعينها سيعطي رسالة سلبية، وإلا فهناك مواد أخطر يمكن أن يُطلب تحصينها مثل المادة الثانية (مبادئ الشريعة الإسلامية).... وقد نفتح الباب لتحصينات أخرى، خاصة وأن التحصين سيحصن العقود والمواثيق الدولية المتعلقة بها، وسندخل في دوامة أخرى تتمثل في زيادة التأكيد والتحصين على أمور فيها تحفظات".

بينما كان عبدالقوي أكثر صرامة في رفض التحصين قائلاً إن "الجزء الأخير من المادة يحتاج إلى تدقيق... ولا أعتقد أنه يفيدنا في شيء، فلنجعل الأمور بلا محاذير، لأننا على من نضع المحاذير؟ على رئيس الجمهورية أو مجلس النواب أو الشعب؟ أظن الثلاثة لا توضع لهم محاذير إذا رأوا التعديل.. أعتقد أنه شيء معيب وليس له معنى وتزيد ولن ينفعنا".

وتحدث نقيب المحامين سامح عاشور في السياق ذاته قائلاً: "القيمة الحقيقية في هذا التحفظ الوارد في نهاية المادة لا يحقق الغرض منه، لأنه يجوز للآلية الموجودة في الفقرة الأولى (لتعديل الدستور) أن تلغي المادة بالكامل، ولا يستطيع أحد أن يتحدى المشرع الدستوري القادم بأن يقول وافق أو لا توافق أو لا تمس مواداً بعينها".

وأضاف عاشور أنه "لا توجد قيمة حقيقية للنص، لأنه لا يحقق الغاية من الحماية، فالذي يحمي القيم والمبادئ هو الشعب، وهو وعي الناس والحراك الشعبي، وبالتالي عدم وجودها أفضل من وجودها، لأنها لا تقدم ولا تؤخر".

وعلى النقيض تحدث عمرو صلاح، المقرر المساعد للجنة الحقوق والحريات، مدافعاً عن التحصين، قائلاً إن "هناك تجارب مماثلة في القانون الأساسي الألماني، وهناك تحصين لعدد من المواد المتعلقة بالحقوق والحريات، تجاوزاً لسلبيات فترة ماضية".

وفي نهاية الجدل حول تحصين مواد الحريات والمساواة وإعادة النتخاب الرئيس، تم التصويت على إلغاء الفقرة، فارتأت الأغلبية الإبقاء عليها، لتصبح الفقرة الخامسة من المادة 226 التي أمامنا الآن.

• هل للتحصين فاعلية؟
يرى الدكتور صلاح فوزي، أستاذ القانون الدستوري وعضو لجنة الخبراء العشرة، إنه "لا توجد أي مادة دستورية عصية على التعديل بما في ذلك المادة 226 التي تحصن بعض المواد".

ويضيف أنه "لا يجوز للسلطة التأسيسية مصادرة حقوق الأجيال القادمة في تعديل الدستور، وأن المواد التي توجد في بعض الدساتير بتحصين الدستور أو بعض مواده لا تلزم إلاّ السلطة التأسيسية التي وضعته، مع الأخذ في الاعتبار أن السلطة التأسيسية دائمة التغير والتبدل، فهي تتمثل في التركيبة الشعبية التي تم استفتاؤها على الوثيقة الدستورية لتصبح نافذة".

ويؤكد فوزي أنه لا توجد أي مزايا للمادة 226 عن باقي المواد، قائلاً: "جميع المواد الدستورية ذات قيمة وحيدة متساوية وتمثل نسيجاً واحداً" ضارباً مثالين تاريخيين لانعدام فاعلية أي مادة دستورية تحاول مصادرة حق السلطة التأسيسية أو حظر تعديل الدستور؛ المادة 156 من دستور 1930 التي كانت تنص على عدم تعديله إلاّ بعد 10 سنوات وعلى الرغم من ذلك سقط الدستور كاملاً بعد 5 سنوات فقط، وكذلك المادة 156 من دستور 1923 التي كانت تحظر المساس بنصوص نظام الحكومة النيابي ونظام وراثة العرش إلى جانب مبادئ الحرية والمساواة فتم إسقاط الدستور كاملاً بعد ثورة يوليو.

إجراءات تعديل النصوص المحصنة
إذا تبنى مجلس النواب مشروع التعديل المقدم من النائب إسماعيل نصرالدين بكامل أجزائه، فسوف يصطدم في المادة 140 بمسألة محصنة هي إعادة انتخاب الرئيس، وأخرى غير محصنة هي تمديد ولاية الرئيس، وهنا يثور خلاف قانوني آخر حول التعامل مع المسألتين.

حيث ترى مصادر قضائية رفيعة المستوى أن رفع قيد حظر انتخاب الرئيس لأكثر من ولايتين يتطلب أولاً إجراء استفتاء مستقل لحذف تحصين "نصوص إعادة انتخاب رئيس الجمهورية" من المادة 226، بحيث لا يستفتى الشعب إلاّ على حذف هذا التحصين فقط، باعتبار أنها قد وضعت بموافقة الشعب لتمنع مقترحات تعديل مسألة إعادة الانتخاب لأجل غير مسمى، وبالتالي فلا يجوز السماح بتقديم هذه المقترحات إلاّ بموافقة الشعب أولاً على إزالة هذا العائق.

أما الرأي الآخر فيعتنقه د. صلاح فوزي، فيرى أنه امتداداً لحقيقة عدم تميز المادة 226 ومعاملتها كمادة دستورية عادية، فإنه يجوز استفتاء الشعب على تعديلها لتسمح برفع القيد على نص حظر إعادة الانتخاب أكثر من مرة، بصحبة تعديل النص المذكور في المادة 140.

• المدة المناسبة للولاية الرئاسية.. لماذا 4 سنوات؟
يطالب مشروع التعديل الجديد بزيادة فترة الرئاسة الواحدة إلى 6 سنوات كما كانت في دستور 1971، وتكشف مضابط مناقشات لجنة الخمسين أن نقاشاً ثار حول المدة المناسبة للولاية الرئاسية، وذلك خلال الاجتماع الثامن والعشرين المنعقد في 10 نوفمبر 2013.

فرداً على مقترحات بأن تكون مدة الرئاسة 5 سنوات، وتساؤلات عن الفارق بين 4 و5 سنوات، قال الدكتور جابر جاد نصار، المقرر العام للجنة ورئيس جامعة القاهرة حالياً، إن هناك عدة أسباب لإقرار مقترح 4 سنوات؛ أولها أنه قد تم الاستفتاء على مدة الولاية هذه بعد الثورة (في استفتاء 19 مارس 2011) فهناك توافق شعبي عليها.

وثاني الأسباب "أننا عندما نجري انتخابات، لن تكون انتخابات المجلس النيابي ورئيس الجمهورية في نفس السنة، فلا تصبح السنة كلها مولد انتخابات، فمن المتصور أننا لو انتخبنا اليوم برلماناً في 2014 ومدته 5 سنوات، فستصبح الانتخابات 2019، وإذا انتخبنا الرئيس في 2014 تصبح الانتخابات الرئاسية في 2018، فلا تصبح الدولة باستمرار في حالة انتخابات".

وهنا علق العضو إلهامي الزيات على هذه الرؤية بقوله: "لو الانتخابات كل 4 سنوات لرئيس الجمهورية، وكل 5 سنوات للبرلمان، سيصادف في إحدى المرات أن تجرى الانتخابات مع بعضها في عام واحد".
فرد عليه رئيس اللجنة عمرو موسى: "عندما تأتي سنراها".. ورد نصار "تكون البلد قد استقرت".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك