ذكرى ميلاد مكيافيلي أبو النظرية السياسية الحديثة وصاحب كتاب الأمير - بوابة الشروق
السبت 21 يونيو 2025 4:32 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

ما توقعاتك لمعارك إسرائيل مع إيران؟

ذكرى ميلاد مكيافيلي أبو النظرية السياسية الحديثة وصاحب كتاب الأمير

محمود عماد
نشر في: الجمعة 3 مايو 2024 - 3:41 م | آخر تحديث: الجمعة 3 مايو 2024 - 3:41 م

"الغاية تبرر الوسيلة" تلك العبارة الشهيرة التي تنم عن أن المصلحة فوق كل شيء وربما ترتبط في الأذهان بالشر هي عبارة للمفكر والسياسي نيكولو مكيافيلي، والذي تحل اليوم 3 مايو ذكرى ميلاده، والذي ولد في 3 مايو عام 1469 بفلورنسا، وتوفي في 21 يونيو عام 1527 بفلورنسا أيضا.

أصبح مكيافيلي الشخصية الرئيسية والمؤسس للتنظير السياسي الواقعي، والذي أصبحت فيما بعد عصب دراسات العلم السياسي، وأشهر كتبه على الإطلاق كتاب الأمير، والذي كان عملا هدف مكيافيلي منه أن يكتب نصائح للحاكم، نشر الكتاب بعد موته، وأيد فيه فكرة أن ماهو مفيد فهو ضروري، والتي كان عبارة عن صورة مبكرة للنفعية والواقعية السياسية، ولقد فصلت نظريات مكيافيلي في القرن العشرين.

اختير ميكيافيلي عام 1498م سكرتيرا للمستشارية الثانية لجمهورية فلورنسا التي تشرف على الشئون الخارجية والعسكرية وكان يبلغ من العمر آنذاك 29 عاما، وفي عام 1500م أنهى مكيافيلي أولى بعثاته الدبلوماسية إلى فرنسا حيث قابل الملك لويس الثاني عشر.

من ساحة السياسة إلى السجن

وقد بقي مكيافيلي في منصبه، سكرتيرا للمستشارية الثانية مدة لا تقل عن 14 عاما، حتى سجن في فلورنسا عام 1512م، وذلك كان عقب عودة أسرة ميديشي إلى الحكم في فلورنسا والإطاحة بجمهورية سودريني، وقد نزل قرار بإعدامه عام 1513م إلا أنه نجا بأعجوبة من تلك العقوبة، ولكنه طرد من عمله، وهنا اصطدمت الأقاويل فيما إذا كان قد نفي إلى مدينة سان كاسيانو أم أنه لجأ إليها، ولكن ما تم تأكيده هو أنه بقي في مقره الريفي في سانت أندريا حيث بدأ كتابه «أحاديث» وانتهى من كتابه «الأمير»، وفي عام 1527م توفي نيكولو ميكيافيلي ودفن في سانتا كروس في فلورنسا.

عند عودة آل ميديشي أمل مكيافيلي في عودته لمنصبه في الخدمة العامة تحت سلطة الأسياد الجدد لفلورنسا، أُقصي في الثاني عشر من نوفمبر لعام 1512، واتهم لاحقا بالتورط في مؤامرة ضد المديتشيين وسجن، وتم استجوابه تحت التعذيب.

وقام البابا الميديشي الجديد ليو العاشر بالعفو عنه وإطلاق سراحه، وذهب مكيافيلي لسان كازينو ليقضي فترة تقاعده، بالقرب من فلورنسا، حيث قضى وقته بالكتابة.

دراسة فن السياسة وإدارة الدولة بين الملوك

وفي رسالة لفرانسيسكو فيتوري، مؤرخة بثالث عشر من سبتمبر من عام 1513، يذكر مكيافيلي وصف مثيرا للحياة التي قضاها في تلك الفترة، والتي بين فيها الدوافع لكتابة الأمير.

فبعد أن وصف حياته اليومية مع عائلته والجيران، يكتب مكيافيلي: «عندما يحل المساء أعود إلى البيت، وأدخل إلى المكتبة، بعد أن أنزع عني ملابسي الريفية التي غطتها الوحول والأوساخ، ثم أرتدي ملابس البلاط والتشريعات، وأبدو في صورة أنيقة، أدخل إلى المكتبة لأكون في صحبة هؤلاء الرجال الذين يملأون كتبها».

ويكمل: «فيقابلونني بالترحاب وأتغذى بذلك الطعام الذي هو لي وحدي، حيث لاأتردد بمخاطبتهم وتوجيه الأسئلة لهم عن دوافع أعمالهم، فيتلطفون علي بالإجابة، ولأربع ساعات لاأشعر بالقلق، وأنسى همومي، فالعوز لايخيفني والموت لايرهبني».

ويستزيد: «لقد تملكني الإعجاب بأولئك العظام، ولأن دانتي قال: «يحفظ العلم الذي يأتي بالتعلم»، ولقد دونت ملحوظات من محاوراتهم، وألفت كتابا عن الحكومات، حيث أنكب جاهدا في التأمل والتفكر بما يتعلق بهذا الموضوع، مناقشة ماهية الحكم، وأنواعها، وكيفية امتلاكها، ولماذا تٌفقد، وعليه فهذا على الأرجح سيعجبك، إلا أنه لأميرٍ جديد سيكون محل ترحابه، ولذا فقد أهديت الكتاب لجلالته جوليانو، وقام فيليبو كازافتشيو بإرساله، وسيخبرك عن محتواها وعن حواري معه، ومع ذلك فما زالت تحت التنقيح».

ولقد تعرض الكتاب للعديد من التغيرات قبل أن يستقر على الشكل الذي هو عليه الآن، ولسببٍ ما تم إهداء الكتاب للورينزو الثاني دي ميديشي، مع أن مكيافيلي ناقش كازافتشيو إذا ما كان من الأفضل إرساله أو عرضه شخصيا، إلا أنه لم يثبت أن لورنزو قد استلم الكتاب أو حتى قرأه، وبطبيعة الحال لم يقم بتوظيف مكيافيلي.

ولم يقم مكيافيلي بنشر الكتاب بنفسه، وقد اختلف فيما إذا كان النص الأصلي للكتاب لم يتعرض للتحريف، إلا أنه قطعا تعرض للسرقة الأدبية.

وختم مكيافيلي رسالته إلى فتوري قائلا: «وبالنسبة لهذا الكتاب الصغير، عندما يقرأ، فسيترائ لقارئه أني لم أنم أو أتكاسل في دراسة فن السياسة وإدارة الدولة طوال الخمسة عشر عاما التي قضيتها متنقلا بين الملوك، وعليه الرغبة في أن ينهل من خبرة هؤلاء».

مكيافيلي بين عنوان الشر والإنصاف

لم يتم نشر الأمير إلا بعد وفاة مكيافيلي بخمس سنوات، ولذا لم يفهمه البعض وهاجموه حتى أصبح اسمه ملازما للشر دائما حتى في الفنون الشعبية، وأول من هاجم مكيافيلي هو الكاردينال بولس مما أدى لتحريم الإطلاع على كتاب الأمير ونشر أفكاره، وكذلك أنتقد غانتيه في مؤلفٍ ضخم أفكار مكيافيلي، ووضعت روما كتابه عام 1559 ضمن الكتب الممنوعة وأحرقت كل نسخة منه.

ولكن وعندما بزغ نور عصر النهضة في أرجاء أوروبا ظهر هناك من يدافع عن مكيافيلي ويترجم كتبه، ولم يصل مكيافيلي وفكره لما وصل إليه الآن إلا في القرن الثامن عشر عندما مدحه جان جاك روسو، وفيخته، وشهد له هيغل بالعبقرية، ويعتبر مكيافيلي أحد الأركان التي قام عليها عصر التنوير في أوروبا.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك