• مبادرة شبابية لحصر وسائل النقل العام فى القاهرة وإعداد خريطة بها
• أساتذة فى هندسة «القاهرة»: أعددنا دراسة سابقة ولم تطبق
• أستاذ تخطيط: الحكومة تفضل النقل الخاص
«أركب إيه ومنين؟».. سؤال يردده مستخدمو وسائل النقل العامة فى القاهرة الكبرى يوميا، الأمر الذى يشكل عبئا إضافيا على المواطنين ويمثل تضييعا لوقتهم لغياب دليل واضح عن خريطة المواصلات، مما دفع سبعة شباب من توجهات علمية مختلفة إلى إنشاء شركة باسم «مواصلة للقاهرة»، معنية بجمع معلومات عن وسائل النقل العام، وإعداد خرائط بها، وربطها بشبكة المستخدمين تسهيلا لحركتهم.
المبادرة التى أنشئت مطلع 2016 لإعداد خريطة للمواصلات العامة فى القاهرة بوسائل تكنولوجية حديثة، نجحت بحسب تصريحات أحد مؤسسيها محمد حجازى، خريج الجامعة الأمريكية، فى تصميم ثلاثة خرائط تجريبية لـ20 خط أتوبيس بالتعاون مع 12 طالبا جامعيا، من خلال جمع والتقاط 750 صورة لـ227 خطا مختلفا لأتوبيسات النقل العام، بواسطة تكنولوجيا الهواتف المحمولة.
وأوضح حجازى لـ«الشروق»، أن الصور مدعومة بتقنية تحديد الموقع الجغرافى (GPS) لاختبار صحة البيانات الحكومية المتاحة عن خطوط سير الأتوبيسات، وبيانات البنك الدولى، باستخدام برنامج مصمم لهذه المهمة، لتحديد ما إذا كان الخط فى الخدمة أم لا.
وقال حجازى: «طبقنا معيارا عالميا يسمى (GTFS) يمثل قاعدة بيانات منظمة، ويعمل على توفيق الخرائط المحلية مع خرائط (جوجل) لتحديد مسار الرحلات، والمواقف، وزمن الرحلة، وعمل جدول مواعيد للرحلات، والربط بين مختلف وسائل المواصلات العامة، علاوة على مساعدة أصحاب الاحتياجات الخاصة فى اختيار وسيلة المواصلات المناسبة لهم.. وأثبتنا أن العديد من بيانات الحكومة المعلنة عن خطوط المواصلات عفا عليها الزمن».
وذكر عبدالرحمن حجازى، ضمن فريق «مواصلة للقاهرة» أنهم تعاونوا مع مبادرة «موثقى مدن الصحراء» فى تنظيم ورشة عمل فى يونيو الماضى بجامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب بالقاهرة، حضرها 12 طالبا، قاموا بعد الاطلاع على التجارب الدولية فى هذا الشأن، ومنها تجارب دول كينيا والأردن والمكسيك، بتحويل البيانات التى وفرها لهم المدربون إلى خرائط تجريبية تمثل 2% من خطوط أتوبيسات القاهرة.
وأوضح: «الشركة تطمح خلال الشهور المقبلة إلى تطوير تلك الخرائط لتصحيح ما بها من أخطاء، وإنتاج خرائط تمثل 5% من خطوط أتوبيسات النقل العام بالقاهرة، وتغطية 98% من خطوط المواصلات العامة الرسمية وغير الرسمية بالقاهرة»، مشيرا إلى أنهم فازوا بمبلغ 75 ألف جنيه من المؤسسة الاستشارية للشباب والتنمية (اتجاه) التى تدعم رواد الأعمال الشباب من أصحاب المشاريع، مضيفا: «نسعى حاليا للحصول على دعم أكبر من جهة ممولة مهتمة بتطوير المواصلات العامة لاستكمال الخريطة».
وقبل مبادرة «مواصلة للقاهرة» أجرى أساتذة بكلية الهندسة جامعة القاهرة عام 1987 دراسة ميدانية بالتعاون مع هيئة النقل العام لإعداد خريطة للمواصلات العامة تربط بين وسائل النقل المختلفة فى القاهرة الكبرى، وكانت تحت عنوان «التنسيق بين وسائل النقل العام والخط الأول لمترو الأنفاق، وكان الهدف منها جذب مزيد من المواطنين لاستخدام المواصلات العامة لتقليل الزحام، وكان أحد المشاركين فيها الدكتور مجدى صلاح الدين، أستاذ هندسة الطرق والمرور بجامعة القاهرة، ومع أهمية الدراسة فلم تطبق وظلت حبرا على ورق.
صلاح، أوضح لـ«الشروق» أن الدراسة اعتمدت على البيانات التى وفرتها هيئة النقل العام عن خطوط سير الأتوبيسات، والميكروباص والمترو، وبحثت إمكانية الربط بين شبكات النقل ببعضها، وعمل تذكرة موحدة مثل المطبق فى الدول المتقدمة، وأوصت بضرورة إنشاء جهة واحدة تتولى مسئولية النقل، وإعداد خريطة المواصلات والإشراف على تحديثها تحت اسم الهيئة القومية للنقل الجماعى فى إقليم القاهرة الكبرى، أسوة بتجارب دولية مماثلة، قائلا: «عرضنا الدراسة بكل رسوماتها على محافظة القاهرة وقتها لكنها لم تهتم».
ويؤيد أستاذ هندسة الطرق بجامعة القاهرة، إتاحة البيانات المنظمة للمواطنين عن وسائل المواصلات العامة الرسمية وغير الرسمية لتطوير الخدمة، قائلا: «الميكروباص على سبيل المثال ينقل نحو 60% تقريبا من حركة الركاب، ومن الأفضل أن يتبع جهة رسمية موحدة للمواصلات، لضمان عدم العشوائية فى تقديم الخدمة».
ويرى الدكتور محمد عبدالباقى، رئيس قسم التخطيط العمرانى بكلية الهندسة جامعة عين شمس، أن هناك قصورا شديدا فى الأجهزة الإدارية لدى محافظة القاهرة والمحليات فى تقديم خدمة جيدة للموصلات العامة للمواطنين أو توفير بيانات مدققة للمخططين تسمح بإعداد الخرائط اللازمة، لافتا إلى أن المسئولين المصريين يسافرون كثيرا إلى الخارج ولديهم اطلاع بتجارب الدول الأخرى فى خرائط المواصلات هناك، متسائلا: «لا أعلم لماذا تأخرنا فى تنفيذ الفكرة رغم تطبيقها فى دول نامية عديدة؟».
وأشار عبدالباقى إلى أن هناك اهتماما أكبر بالمواصلات الخاصة على حساب العامة، بدليل موافقة الحكومة على تطبيقات «أوبر وكريم» وغيرها من شركات النقل الخاص التى انتشرت بكثرة عبر شبكة الإنترنت، وأصبح لها جمهور كبير، مضيفا: «كان الأولى أن تتاح البيانات المنظمة عن المواصلات العامة على غرار تلك التطبيقات، بحيث يمكن لأى مبرمج إعادة استخدامها فى تطبيقات إلكترونية لإعداد الخرائط المناسبة»، متوقعا إقبالا على استخدامها.
ويؤمن عبدالباقى، أن من حق المواطن أن يعرف مسار الرحلة داخل المواصلات العامة، بالاعتماد على اللوحات الإرشادية داخل المحطات، قائلا: «هذا أفضل بدلا من إعلانات السجائر المنتشرة داخل مواقف الأتوبيس».