قد تكون بالفعل مهتماً دائماً بقياس وتسجيل قراءات ضغط الدم لديك ومناقشتها مع طبيب متخصص. ربما دارت حول الرقم 130/82 فأخبرك الطبيب بأنه يجب أن تتوخى الحذر، فأنت في مرحلة ما قبل ارتفاع الضغط، وعليك أن تراجع قائمة طعامك، وأن تتخلص من الزائد من ملح الطعام فيها، وأن تلتزم بالجهد البدني، وأن تواظب على الحركة ومحاولة التخلص من الوزن الزائد عن الوزن الصحي.
كان هذا مقبولاً حتى أوائل العام الماضي حينما أصدر اتحاد القلب الأمريكي American Heart Association توصياته التي أقرها أطباء كلية طب القلب الأمريكية American College of Cardiology والتي تتضمن قواعد إرشادية جديدة تعود بنا إلى أن 120/80 هو الرقم الذي يبدو ما عداه ارتفاعاً في ضغط الدم الشرياني يستوجب العلاج.
الرقم الذي تحيل "البسط" في قراءة ضغط الدم، ويطلق عليه الضغط الانقباضي أو السستولي، يعبر عن قيمة الضغط في الشرايين أثناء انقباض عضلة القلب لدفع الدم في شريان الأورطى، بينما الرقم الذي يسجله المقام يعبر عن الضغط في الشرايين أثناء ارتخاء عضلة القلب لاستقبال الدم ويطلق عليه الدياستولي أو الانبساطي، فيقرأ كالتالي: 120/80 (مليمتر زئبق).
تشير القواعد الإرشادية الجديدة إلى أن ضغط الدم يعد طبيعياً إذا ما سجل 120/80، عالياً إذا ما سجل قراءة أعلى من 120 حتى تصل 129/80 فأكثر، أما ارتفاع ضغط الدم الذي يستوجب علاجاً:
المرحلة الأولى: 130-139/80-89
المرحلة الثانية: 140 فأكثر/90 فأكثر
إذن ما التغيير الذي حدث؟
يرى العلم أن قياس ضغط الشرايين يجب أن يسجل رقماً أقل من 120/80 مليمتر زئبق، وأن أي رقم أعلى من 130/80 يعد ارتفاعاً في ضغط الدم يسبق إنذار يستوجب الاهتمام به والعمل على إحكام السيطرة على كل العوامل التي قد تتسبب في الارتفاع المزمن للضغط في الشرايين.
لماذا كان الأمر يستوجب إعادة النظر في القراءات؟
اجتمعت نتائج الأبحاث التي أجريت في مراكز البحث العالمية على أن المخاطر التي يعانيها الإنسان كالجلطات القلبية والدماغية، هبوط عضلة القلب، والفشل الكلوي إنما تتزايد نسب حدوثها كلما ارتفع الضغط الانقباضي عن مائة وعشرين، بل يتضاعف عددها عند بلوغ القراءات مائة وثلاثين. لذا قرر اتحاد القلب الأمريكي ورابطة أطباء القلب الأمريكية إعادة النظر في القواعد الإرشادية التي التزم بها كل أطباء العالم أسوة بهم، وأن يحدثا هذا التغيير الذي سجلته كل مؤتمرات أمراض القلب المهمة في العالم بعد ذلك. ومن الطبيعي أن يلتزم به أطباء القلب في بلادنا.
متى يجب العلاج بالأدوية؟
ما زال العلم يؤيد عدم استخدام الأدوية إلى نهاية المرحلة الأولى من ارتفاع ضغط الدم، وينصح بمناقشة النمط الغذائي والسلوك الاجتماعي الذي ينتهجه الإنسان. التقليل من الملح والاهتمام بمكونات الطعام ومراجعة ما يعرف بنظام داش الغذائي هو أول ما يجب أن يبدأ به الطبيب مع مريضه. نظام داش يعتمد على التوازن بين كل ما هو طبيعي وطازج من خضراوات وألوان السلطة والمكسرات والبذور ومنتجات الألبان قليلة الدسم والحبوب الكاملة والأسماك جيدة الدهون كالسلمون والسردين، ثم الزيوت النباتية عالية عدم التشبع، وأهمها زيت الزيتون.
هذا بالطبع إلى جانب النصح بالانقطاع عن التدخين ومحاولة تفادي أثر الضغوط العصبية قدر الإمكان، والحث على أداء بعض التمارين الرياضية بصورة منتظمة لخمس مرات أسبوعياً لمدة نصف ساعة.
اقتراح أن يتعلم الإنسان قواعد أي من الرياضات الذهنية قد يبدو غريباً بعض الشيء في بلادنا، لكن فيه الكثير من الراحة النفسية، وربما كان الحل الأمثل لمواجهة الضغوط وتداعيات صعوبات الحياة.
يبدأ العلاج بالأدوية إذا ما تخطى الإنسان المرحلة الثانية، وكان القرار ملزماً بعد قياس الضغط بالفعل لمرتين متتاليتين، إذ إن قياسات الإنسان لنفسه في المنزل أو الصيدلية قد لا يُعتد بها لعدم توافر أي من العوامل المطلوبة لتحري الدقة.
على الطبيب في المرحلة الثانية من ارتفاع ضغط الدم (أكثر من 130-139/80-89) إجراء دراسة وافية لعوامل الخطر التي تنذر الإنسان باحتمال خطر قادم كأمراض القلب والشرايين أو السكتة الدماغية أو أي إصابة للكلى أو غيرها. المعلومات التي تلزم ذلك الملف تعتمد على التاريخ المرضي للإنسان نفسه، ثم تاريخ العائلة إذا ما اشتمل على تاريخ أمراض القلب والشرايين أو ارتفاع ضغط الدم ومرض السكر.
إذا ما كان تقدير الطبيب أن نسبة الخطر أقل من 10٪ خلال السنوات العشر القادمة، يمكنك أن تلتزم بالتغيرات التي قد تضمن تراجع الخطر سواء في الأسلوب الغذائي والاجتماعي.
أما إذا كانت نسبة الخطر تتعدى عشرة بالمائة، فعليك أن تبدأ بتناول دواء يضمن تراجع قراءات قياس ضغط الدم، وقد يضطر طبيبك للاعتماد دوائين مختلفين إذا لزم الأمر. يجب أن توالي متابعة قياس ضغط الدم شهرياً في عيادة متخصصة وتحت إشراف طبيب، حتى تصل إلى قياس 130/80 والذي يعد مثالياً في تلك الأحوال.
بالطبع يجب أن تلتزم أيضاً بالحفاظ على وزن صحي إلى جانب انتهاج أسلوب غذائي مماثل لذلك الذي يجتمع عليه أهل المتوسط وتؤيده كل تقارير الأمم المتحدة والمراكز المتخصصة (الذي سبق ذكره).
كيف تتحقق من صحة قراءة الضغط؟
قبل قياس الضغط بثلاثين دقيقة على الأقل:
لا تبذل جهداً بدنياً، لا تتناول طعاماً أو فنجاناً من الشاي أو القهوة، وتردد على التواليت حتى لو لم تكن بحاجة إلى ذلك.
يجب أن يكون ذراعك مسندة على سطح مريح مستوٍ، فلا تعلق أبداً ذراعك في الهواء، واحرص أن يكون الجهاز في مستوى القلب.
يجب أن تبدأ جالساً على كرسي مريح، مسنداً ظهرك وقدميك في وضع مريح على الأرض. لا يجب قياس ضغطك وأنت نائم على سرير الكشف.
يجب أن تستقر جالساً على الأقل لخمس دقائق قبل أن يبدأ الطبيب في قياس ضغطك، وأن يكون ذراعك عارية. لا يجب قياس الضغط فوق الملابس أبداً.
لا يجب تبادل الحديث أثناء قياس الضغط.
إذا كان القياس للمرة الأولى يجب أن يتم قياسه من الذراعين لمعرفة إذا ما كان هناك أي فارق.
ظاهرة "البلطو الأبيض" تجعل رهبة لقاء الطبيب لبعض الناس تضيف بعضاً من العلامات، لذا يجب أن يتحدث الطبيب لمريضه شارحاً كل ما يطمئنه ويدعم معنوياته.