جناح الجحيم والصلاة تحت تهديد السلاح.. كيف وثقت شهادات المعتقلين انتهاكات سجن صيدنايا السوري؟ - بوابة الشروق
الجمعة 24 يناير 2025 2:39 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

جناح الجحيم والصلاة تحت تهديد السلاح.. كيف وثقت شهادات المعتقلين انتهاكات سجن صيدنايا السوري؟

محمد حسين
نشر في: الأحد 8 ديسمبر 2024 - 11:54 ص | آخر تحديث: الأحد 8 ديسمبر 2024 - 11:59 ص

خرج السوريون إلى شوارع العاصمة السورية دمشق في ساعة مبكرة من صباح اليوم الأحد، حيث ارتفعت أصوات الرصاص في عموم العاصمة وعلى مداخلها وكل محاورها احتفالاً بسقوط نظام الرئيس بشار الأسد.

وتأتي هذه التطورات بعد سيطرة "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقا) على العاصمة السورية دمشق، في الساعات الأولى من فجر اليوم الأحد، وذلك بعد شنها عملية واسعة النطاق، على مدينة حلب في الـ29 من نوفمبر، انطلاقاً من شمال إدلب باتجاه مدينتي حلب وحماة وحمص.

وأعلن رئيس الحكومة السورية، محمد الجلالي، فجر الأحد، استعداده للتعاون مع أي قيادة يختارها الشعب السوري، بما في ذلك اتخاذ إجراءات لتسليم السلطة، جاء هذا التصريح بالتزامن مع إعلان فصائل المعارضة بدء دخولها إلى العاصمة.

وفي كلمة نُشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دعا الجلالي جميع السوريين إلى حماية الأملاك العامة باعتبارها ملكًا لجميع أبناء الوطن.

وأضاف، "أيها السوريون الأعزاء، أنتم مني وأنا منكم، لم أغادر منزلي، لأن انتمائي لهذا البلد عميق، ولا أعرف وطنًا آخر غيره".

ومع ساعات الصباح الأولى، انتشرت مشاهد على مواقع التواصل الاجتماعي، توثق لحظة فتح أبواب السجن، وسط أصوات الهتافات والدموع التي غلبت وجوه المحررين وأحبائهم.

وأعلنت الفصائل المعارضة المسلحة في بيان: "نزف إلى الشعب السوري نبأ تحرير أسرانا، وفك قيودهم من أغلال الظلم، ونعلن اليوم نهاية حقبة القهر في سجن صيدنايا".

ويُعد سجن صيدنايا رمزًا للقمع العسكري في ضواحي دمشق، حيث كانت السلطات السورية تحتجز آلاف المعتقلين، وفقًا لما أوردته وكالة "رويترز".

ومع تلك المشاهد، نعود للذاكرة لشهادات عن تجربة المعاناة التي عايشها المعتقلون خلف جدران ذلك السجن، وتم توثيق شهادات لهم ضمن تقرير مطول بعنوان: "سجن صيدنايا خلال الثورة السورية"، والذي أصدرته رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا في عام 2019.

-الجوع الذي يطاردنا حتى في الأحلام

يقول السجين معتصم عن الساتر: "عانينا من نقص شديد في السكريات، حتى صارت الحلويات تراودنا أثناء النوم، منذ خروجي، أصبحت مغرما بالأكل، وسأحدثك عن محاولاتنا البائسة للطهي.. لا تذهب بأفكارك بعيدًا، لم تكن لدينا أي إمكانية للطبخ المعروف، بل كنا نستعيض عن ذلك بالخيال، نجتمع 3 أو 4 ونتحدث همسًا عن وصفات لتحضير الرز أو البامية، وأحيانًا الحلويات".

-الصلاة.. إيمان تحت التهديد

ويكمل عبدالساتر: "رغم الحظر الصارم، كنا نصلي جماعة تحت أسفل الباب، كان هناك شبك معدني مخرم، خصصنا واحدًا منا للمراقبة ليحذرنا إذا اقترب السجانون في إحدى المرات، اشتبه السجانون بـ4 منا يصلون جماعة فانهالوا عليهم ضربًا حتى فقدوا القدرة على الوقوف لشهرين، واحتجزوهم في حمام المهجع طوال تلك الفترة".

- أصوات العصافير: منبه صلاة الفجر

"لم نكن نعرف الوقت، فلا أحد منا يحمل ساعة بالطبع، كنا نعتمد على أصوات العصافير لتقدير وقت صلاة الفجر جدران الزنازين كانت شاهدة على دمائنا وصارت آثارها جزءًا من المشهد اليومي، لم يعد الدواء يصلنا، فكنا نضمد جراحنا بخرقة قذرة إن وجدت".

ومع سوء المعاملة المتزايد، تخلينا عن التطوع لمنصب رئيس المهجع بسبب العقوبات القاسية، فصار الجميع يتناوب على المهمة لتجنب استهداف شخص واحد باستمرار.

-اقتصاد البقاء.. مقايضة الطعام

ويواصل سرد مشاهد الألم والمعاناة "نشأت بيننا عمليات مقايضة، لو ملك أحدنا نصف رغيف إضافي، كان يشتري به زيتونا أو أي شيء آخر، لكن عندما اكتشف السجانون ذلك صاروا يفتشوننا ويصادرون الطعام الإضافي قائلين: عم توفروا؟ الأكل اللي عم يجيكم زيادة عليكم؟".

في بعض الأحيان، كانوا يحرمون مهاجع كاملة من الطعام كنوع من العقاب، أو لتوفير الجهد في التوزيع، وفي إحدى المرات، وزعوا حصة جناح كامل "عشرة مهاجع على مهجع واحد فقط".

رمضان والأعياد: مواسم الحزن

في رمضان أو أيام العيد، كنت تستلقي على البلاطة التي تخصك، والتي بالكاد تتراوح بين بلاطة وربع أو بلاطة ونصف، تنظر إلى يمينك فترى شخصا يبكي تلتفت إلى يسارك فتجد آخر يبكي، كنا نهمس: "يا الله جمعنا عجو الزيتون ورسمنا مربعات على قميص داكن لنلعب الشطرنج أو الضام السجانون فاجأونا ذات مرة، وعندما رأوا ذلك رنا حتى الموت".

-جناح الجحيم

وجاء في شهادة أخرى لمعتقل يُدعى خلدون منصور: "كنا في الجناح (ج) الذي كانوا يطلقون عليه جناح الجحيم، ولم يكن هذا الوصف مجانباً للحقيقة، فمثلاً كان ممنوعاً أن تحتفظ بأي ملابس سوى التي ترتديها، ومرت علينا 3 أشهر دون ماء في الخزان الذي كان خرباً، كانوا يدخلون لنا 20 لتراً من الماء في اليوم، وكنا حوالي 40 شخصاً".

ويضيف، "كان العذاب النفسي أشد من التعذيب الجسدي، فمثلاً كان أحد العساكر يأتي ويفتح الطاقة التي في الباب (الشرّاقة)، وهنا كان علينا وفق التعليمات أن نتوجه فوراً إلى صدر المهجع بوضعية جاثياً ويضع كل منا يديه على عينيه ووجهه إلى الجدار، ويمنع أن تنظر إلى الخلف ويمنع نهائياً أن ترى السجان، وكان يفتح الشراقة متى شاء ويشتمنا بأمهاتنا وأخواتنا وزوجاتنا، كنا نتمنى أن يدخل فيضربنا ولا نسمع هذا الكلام".

وتابع، "من أقذر العقوبات التي كنا نتعرض لها أن ينتقوا أي اثنين ويأمرونهما فيقفان متقابلين وبيد كل منهما (شحاطة) عليه أن يضرب زميله بها على وجهه، وكان القصد من مثل هذه العقوبة الإذلال.. أنت هنا مجرد رقم، في المرحلة الأخيرة من سجننا كانت تجري إعدامات بطريقة غير مباشرة، كأن يضربوا المعتقل ضربات قاتلة على مناطق حساسة كالنخاع الشوكي أو الرأس أو المعدة".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك