في ذكرى وفاة نجيب الكيلاني.. كيف كانت رؤيته للأدب الإسلامي؟ - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 3:28 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

في ذكرى وفاة نجيب الكيلاني.. كيف كانت رؤيته للأدب الإسلامي؟

محمد نصر
نشر في: الإثنين 9 مارس 2020 - 1:06 م | آخر تحديث: الإثنين 9 مارس 2020 - 1:09 م

تمر هذه الأيام الذكرى الـ25 لوفاة الكاتب الدكتور نجيب الكيلاني؛ ففي السابع من مارس عام 1995، كانت وفاة الروائي المولود بإحدى قرى محافظة الغربية التابعة لمركز زفتى، في الأول من يونيو عام 1931م، لأسرة تعمل بالزراعة.

التحق الكيلاني بكُتَاب القرية، ومن ثم واصل الدراسة بمدرسة الإرسالية الأمريكية الابتدائية إلى أن حصل على الثانوية من مدينة طنطا، ليلتحق بعدها بكلية طب القصر العيني عام 1951، وتخرج منها عام 1960، ليعمل طبيبا بعد تخرجه داخل مصر، إلى أن سافر في العام 1968، إلى الكويت ومنها إلى دبي ليقضي نحو 16 عاما.

انضم الدكتور نجيب الكيلاني تحت لواء حزب الوفد بزعامة مصطفى النحاس باشا، ومن ثم تحول مبكرا وانتمى إلى معسكر الإسلام السياسي، وتحديدا الإخوان المسلمين، لإدراكه أنهم الأقرب إلى فكره وروحه، بحسب ما ذكر في كتابه بعنوان «تجربتي الذاتية في القصة الإسلامية».

دعا الكيلاني من خلال إنتاجه الروائي والفكري إلى أدب بصيغة إسلامية يكون فيها الأدب العربي، جزء مما نظر له أسلافه، سيد قطب وأخيه محمد قطب، وصيغ تحت مصطلح "الأدب الإسلامي"، الذي يتضمن أساسا عقائديا للأدب العربي، بحسب ما أوضح في كتابه«آفاق الأدب الإسلامي».

في كتابه «مدخل إلى الأدب الإسلامي» يصوغ الكيلاني مفهوما للأدب الإسلامي فهو بنظره: "تعبير فني جميل مؤثر نابع من ذات مؤمنة، مترجم عن الحياة والإنسان والكون، وفق الأسس العقائدية للمسلم، وباعث للمتعة والمنفعة ومحرك للوجدان والفكر، ومحفز لاتخاذ موقف والقيام بنشاط ما".

وعن روايته الأولي "الطريق الطويل" 1956، يذكر الكيلاني معترفا أنه لم يكن قد فكر عند كتابتها فيما دعى إليه نظريا وتطبيقا وهو "الأدب الإسلامي" ولكنه كان مدفوعا برغبة داخلية، وأنه لم يدر بخلده أنها سوف تجد الباب مفتوحا أمامها ليتم اختيارها مقررا على طلبة الصف الثاني الثانوي 1959، ويتم ترجمتها إلى الإيطالية ضمن مشروع التبادل الثقافي مع مصر في الستينيات من القرن العشرين.

يشير الكيلاني في كتابه عن تجربته الذاتية في القصة إلى روافد مختلفة كانت المورد الذي شبّت فيه تجربته القصصية وشكلها، والتي كان منها البيئة الريفية الحافلة بقصص الجدات والعمات عن العفاريت والجنيات، وأيضا قصص القرآن الكريم وقصص الزهّاد والصالحين التي تروى في المسجد، وقصص السير الشعبية، إضافة إلى قصص الواقع المعاش والقراءة وكذلك السينما التي أعرب عن شغفه بها.

ويقول الكيلاني: "لقد كنت شغوفا بالذهاب إلى دور السينما لما فيه من الإغراء والجاذبية والمؤثرات العديدة التي قد تتفوق كثيرا على مجرد قراءة قصة في كتاب؛ ولم تكن القصص السينمائية عربية فحسب، بل كان إلى جوارها أفلام أجنبية أهمها الفيلم الأمريكي والمسلسلات، واعتقد أن السينما كن لها أثرها على الكثيرين من الكتاب العرب في هذا العصر، وخاصة بعد أن تطورت تقنيتها، وتنوعت موضوعاتها، وأصبح لفلسفة الإعلام والاقتصاد والأحلام وعلم النفس والتاريخ والمجتمع دورٌ حيوي في الخلفية الفكرية للقصة السينمائية.

وتابع الروائي ولقد ظللت أحلم باليوم الذي اكتب فيه قصة سينمائية، حتى تحقق ذلك بعد سنوات طويلة، حينما طلب مني الأستاذ نجيب محفوظ أن أقدم بعض رواياتي لاختيار واحدة منها لمؤسسة الإنتاج السينمائي العربي بالقاهرة. فكان فيلم «ليل وقضبان» الذي نال جائزة مهرجان طشقند الدولي في أوائل السبعينات".

فيما بعد احتل «ليل وقضبان» آخر أفلام الأبيض والأسود، والذي عرض في 26 فبراير1973، المركز 43 في قائمة أفضل 100 فيلم في السينما المصرية، شارك في بطولته، كل من سميرة أحمد ومحمود مرسي ومحمود ياسين وتوفيق الدقن ومجدي وهبة ومحمد السبع وعلي الشريف عن قصة لنجيب الكيلاني وسيناريو وحوار مصطفى محرم وإخراج أشرف فهمي.

ويؤكد الكيلاني في كتابه على أن قصته "ليل وقضبان" "ليست مجرد قصة سجان ومسجونين، لكنها في الحقيقة قصة حاكم طاغية، وشعب مستعبد"، وأنه "للوهلة الأولى تبدو القصة وكأنها لا صلة لها بالأدب الإسلامي"، ولكن "القضية أو المضمون الذي يعالجه الفيلم مضمون إنساني مؤثر، إنها قيمة الحرية والعدالة التي نحلم بها جميعا وخاصة في زمن الأوبئة السياسية العاطفية التي تدمر أمن الناس وسعادتهم وأفراحهم. ألا يمكن القول أن المضمون - أولا وأخيرا- مضمون إسلامي وإنساني؟؟"

ويقول الكيلاني في كتابه عن تجربته الذاتية: "إن الأدب الذي يفرزه الفنان لا يمكن فصله عن حياته وهمومه وأفكاره وعقيدته، هذا إيماني الذي لا يتزعزع، من خلال تجاربي ووقائع حياتي، وجمهور القصة جمهور واسع، ولا بد أن ينبض الفن القصصي بآمال الناس وأحلامهم وآلامهم، كالمسرح تماما. والخروج عن هذا التصور يعزل القصة أو على الأقل يجعلها تقتصر على الجانب الترفيهي، وهو برغم أهميته ليس كل شيء، فالإنسان يحتاج إلى المواساة كما يحتاج فهم مشاكل حياته، وفضح أنواع القهر التي يتعرض لها، والسخرية من ظالميه، أو التحريض المستمر لإصلاح الفاسد، ومده بالطاقات الروحية والفكرية التي تجعله أهلا للحركة والحماس نحو ارتياد آفاق المستقبل، والعمل من أجل حياة أفضل، وتحصيل العظة والاعتبار والتزويد بما يلزم من التجارب الإنسانية والمتمثلة في الفن والتاريخ والكتاب المقدس. ثم إن لكل بيئة مشاكلها الخاصة، واحتياجاتها المتميزة، من هنا لم أستطع فصل أدب القصة عن الدين أو السياسة أو الحياة العامة والخاصة، أو عالم الفكر والفلسفة.

ويرى الدكتور حلمي محمد القاعود، أن الإنتاج الأدبي للكيلاني مر بمراحل ومستويات عدة، قدَّم فيها للمكتبة العربية عددا كبيرا من الروايات والقصص القصيرة، غالباً ما كانت محمومة بالتصور الإسلامي، يمكن وضعها في أربعة إطارات، أولها الرواية الرومانسية، والتي عبر من خلالها عن هموم النَّاس والعلل الاجتماعية المتفشية بينهم، مثل الفقر والجهل والأمراض المتوطنة والسلبية والتخلف، ومزج ذلك بالعواطف المشبوبة والخيالات الحالمة والآمال المجنِّحة، كما في رواياته: "الطريق الطويل"، و"الربيع العاصف"، و"الذين يحترقون"، و"في الظلام"، و"عذراء القرية"، و"حمامة سلام"، و"طلائع الفجر"، و"ابتسامة في قلب الشيطان"، و"ليل العبيد"، ,"حكاية جاد الله".

وثانيها الرواية التاريخية، وفيها استدعى واستلهم السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي بصفة عامة ليقدِّم نماذج إنسانية المشرفة من الحضارة،... وفي بعض الأحيان كان يستدعي التاريخ ليعالج من خلاله قضايا راهنة... وفي كل الأحوال فإنَّ استلهام التاريخ في الرّواية عند "نجيب الكيلاني"، كان إبرازاً لمعطيات الإسلام ، كما في رواياته مثل: "نور الله"، و"قاتل حمزة"، و"أرض الأنبياء"، و"دم لفطير صهيون"، و"مواكب الأحرار"، و"اليوم الموعود"، و"النداء الخالد"، و"أرض الأشواق"، و"رأس الشيطان"، و"عمر يظهر في القدس".

ثالث تلك المراحل يمكن أن تسميته بالرواية الاستشرافية التي عبر فيها عن هموم المسلمين خارج حدود العالم العربي- دول آسيا، إثيوبيا، إندونيسيا، نيجيريا- كما في رواياته مثل: ليالي تركستان، الظل الأسود، عذراء جاكرتا، عمالقة الشمال.

المرحلة الرابعة بحسب القاعود، وهي التي يمكن أن يطلق عليها الواقعية الإسلامية، عبِر فيها الكيلاني عن القضايا الاجتماعية التي تهم جموع المستضعفين في الوطن، ويبرز فيها ما يلقاه النَّاس من ظلمٍ وقهرٍ واضطهاد، ويتخذ من تفاصيل الحياة اليومية والاجتماعية عناصر أساسية يرتكز عليها في بناء هذه الروايات كما في رواياته الأربع: اعترافات عبدالمتجلي، امرأة عبدالمتجلي، قضية أبو الفتوح الشرقاوي، ملكة العنب".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك