أستاذ في جامعة الأزهر يوضح القاعدة الشرعية لحل أزمة الكلاب الضالة - بوابة الشروق
الأربعاء 10 ديسمبر 2025 2:29 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

كمشجع زملكاوي.. برأيك في الأنسب للإدارة الفنية للفريق؟

أستاذ في جامعة الأزهر يوضح القاعدة الشرعية لحل أزمة الكلاب الضالة

رنا عادل وسلمى محمد مراد
نشر في: الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 - 10:20 ص | آخر تحديث: الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 - 11:00 ص

وسط الجدل المتصاعد حول أزمة الكلاب الضالة وما يرتبط بها من مخاطر صحية وسلوكية، يبرز سؤال جوهري حول الضوابط الشرعية التي تنظم العلاقة بين حماية الإنسان وصون حقوق الحيوان؛ إذ تكتسب هذه القضية أهمية متزايدة مع الجهود الحالية التي تبذلها الدولة لضبط أعداد الكلاب الشاردة في الشوارع المصرية.

وفي هذا السياق، يقدم الدكتور أحمد محمد بكر إسماعيل، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، في تصريحات خاصة لـ"الشروق"، رؤية شرعية تجمع بين المقاصد والقيم العملية، مؤكدا أن الحل يقوم على تدخل علمي منظم يرفع الضرر دون تعدٍ، ويحفظ للحيوان حقه في الحياة والرفق.

ويشير إلى أن الحديث الشريف "لا ضرر ولا ضرار" ليس مجرد قاعدة أخلاقية، بل أصل فقهي جامع يشمل البشر والحيوانات، فالتعذيب والقتل دون مبرر أو الإهمال المؤدي للهلاك كلها أفعال محرمة شرعا.

وفي المقابل، إذا شكّل الحيوان خطرا محققا على الصحة أو السلامة العامة، فإن الشريعة تجيز -بل توجب أحيانا- التدخل الوقائي المنظم لإزالة الضرر، بشرط الرفق والاقتصار على أقل الوسائل إيلاما، وبهذا تتكامل الحماية مع الرحمة في معادلة واحدة قوامها رفع الضرر دون تعدٍ.

معادلة تحقق التوازن

يؤكد الدكتور أحمد، أن الشريعة تحقق التوازن بين حماية الإنسان ورعاية الحيوان من خلال ثلاثة مبادئ رئيسية: الضرورة بقدرها، والرفق باعتباره أصلا ثابتا، والتدرج في التدخل، حيث تبدأ الخطوات الصحيحة في التعامل مع الكلاب الضالة بالرصد، ثم الاحتواء، ثم التطعيم، ثم التعقيم، مع اللجوء إلى القتل الرحيم في أضيق نطاق وعند انعدام البدائل.

وفي الواقع العملي، تمثل إجراءات جمع الكلاب وفحصها وتطعيمها ونقلها إلى مراكز الإيواء النموذج الأمثل الذي يجمع بين الاعتبار الشرعي والمنهج العلمي.

التوعية الدينية حجر الأساس

يشير عضو هيئة التدريس في جامعة الأزهر، إلى أن جزءً كبيرا من تفاقم الظاهرة يرجع إلى غياب الوعي الديني والسلوكي لدى بعض أفراد المجتمع، فالتخلي عن الكلاب أو إطعامها عشوائيا يؤدي إلى تكاثر غير منضبط وانتشار للأمراض ومشكلات سلوكية وصحية تؤثر على الإنسان نفسه، ومن هنا تبرز أهمية التوعية الدينية في ترسيخ أن الرفق بالحيوان واجب شرعي، وأن الإهمال أو التخلي تضييع للأمانة، وأن الحلول الفردية الانفعالية لا تنتج إلا مزيدا من المشكلات.

ويؤكد أن الخطاب الديني يمتلك قدرة حقيقية على توجيه المجتمع نحو سلوك منظم يشارك في الحل بدلا من تعميق الأزمة.

ضوابط التعامل الشرعي مع الكلاب الشاردة

يرى الدكتور أحمد، أن السيطرة العلمية المنظمة على الكلاب الشاردة ليست خيارا إداريا فقط، بل واجب شرعي يدخل ضمن مقاصد حفظ النفس؛ فالكلاب الضالة قد تشكل خطرا وبائيا وسلوكيا إذا لم تُدار وفق إجراءات دقيقة، ولذلك فإن الحصر الميداني والتطعيم ضد السعار، والتعقيم للحد من التكاثر، والعزل الصحي للحالات المرضية، ونقل الكلاب إلى مراكز الإيواء، كلها إجراءات منسجمة مع روح الشريعة ومقاصدها.

الإيذاء المحرم والتدخل الوقائي

وتطرق في حديثه إلى أن التعذيب أو التسميم أو إطلاق النار العشوائي جميعها تجاوزات محرمة شرعا لأنها لا ترفع الضرر، بل تخلق ضررا جديدا، قبل أن يفرق بوضوح بين الإيذاء المحرم والتدخل الوقائي المشروع، فالإيذاء يرتبط بالقصد والنتيجة معا، مثل التعذيب أو الإساءة أو العنف غير المبرر أو ترك الحيوان للجوع والمرض، بينما يهدف التدخل الوقائي إلى حماية المجتمع وتحسين وضع الحيوان، من خلال إجراءات منظمة تحت إشراف مختصين.

النصوص الشرعية الداعمة لحقوق الحيوان

يستند عضو هيئة التدريس في جامعة الأزهر إلى مجموعة من النصوص الشرعية التي تؤكد حق الحيوان في الرعاية والحماية، من بينها قوله تعالى: "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها"، والأحاديث النبوية التي نهت عن التعذيب والإهمال، مثل حديث القطة التي عُذبت فكانت عاقبة التعذيب النار، وحديث الرجل الذي سقى كلبا فغفر الله له، وحديث "إن الله كتب الإحسان على كل شيء".

وأشار إلى أن هذه النصوص يمكن تحويلها إلى أدوات توعية مؤثرة في المدارس والمساجد ووسائل الإعلام والبرامج المشتركة بين الجهات الدينية والبيطرية، منوها بأن الشريعة الإسلامية توفر إطارا متوازنا للتعامل مع الحيوانات الضالة يقوم على الرحمة والمصلحة العامة، فهي لا تسمح بالإساءة إلى الحيوان ولا بترك المجتمع عرضة للأذى، بل توازن بين الأمرين وفق تدخل علمي مؤسسي يحمي الإنسان والحيوان معا.

ودعى عضو هيئة التدريس في جامعة الأزهر، إلى ترجمة هذه القيم إلى خطط تنفيذية واضحة، تشرف عليها جهات مختصة، وتشارك فيها المؤسسات الدينية والإعلامية والمجتمعية لضمان معالجة حضارية وإنسانية مستدامة لأزمة الكلاب الضالة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك