تظل واحدة من أكثر مواقف الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم إثارة للجدل، وهو عندما رفض تسلم جائزة ملتقى القاهرة الدولى للإبداع الروائى العربى، عام 2003، في دورتها الثانية، والممنوحة من قبل المجلس الأعلى للثقافة بمصر، مبررا ذلك بسبب سياسات القمع والتطبيع وغياب العدالة الاجتماعية.
وكان موقف صنع الله إبراهيم بمثابة بيان سياسي أكثر من كونه موقفا أدبيا، حيث وقف صنع الله على المنصة ليقول إن السلطة لا تمنح الشرعية للمثقفين، بل إن المثقف هو من يحاكم السلطة، وكان ذلك في أعقاب غزو العراق، وكان يريد الربط بين الداخل والخارج، وبين المثقف والضمير القومي.
وقال حينها صنع الله إبراهيم في كلمة وزعها على المجتمعين "في هذه اللحظة التي نجتمع فيها هنا، تجتاح القوات الإسرائيلية ما تبقى من الأراضي الفلسطينية وتقتل النساء الحوامل والأطفال وتشرد الآلاف وتنفذ بدقة منهجية واضحة إبادة الشعب الفلسطيني وتهجيره من أرضه، لكن العواصم العربية تستقبل زعماء إسرائيل بالأحضان، وعلى بعد خطوات من هنا يقيم السفير الإسرائيلي في طمأنينة، وعلى بعد خطوات أخرى يحتل السفير الأميركي حيا بأكمله بينما ينتشر جنوده في كل ركن من أركان الوطن الذي كان عربيا".
وتذكر عدد من التقارير الصحفية فى ذلك التوقيت، أنه فور انسحاب صنع الله إبراهيم، توجه الفنان فاروق حسنى، وزير الثقافة آنذاك، إلى المنصة ليلقى كلمة قصيرة، واعتذر لأعضاء لجنة التحكيم، مشيدا بجهدهم كى ينتهوا إلى هذا "الاختيار الجيد"، ونقلت الصحف عن الوزير السابق: "هذه الجائزة لم تمنحها له الوزارة ولا الحكومة، وإنما منحتها لجنة من الأدباء العرب ترأسها الأديب السوداني الكبير الطيب صالح، وهى جائزة استحدثناها فى المجلس الأعلى للثقافة للرواية والشعر العربى".
فيما روت بعد ذلك بسنوات الدكتورة سيزا قاسم على صفحتها قصة التصويت على الجائزة وكيف ذهبت فى النهاية إلى صنع الله إبراهيم قبل أن يرفضها: "منذ سنة 2003 وهناك موضوع يؤرقني وهو موضوع جائزة الرواية التي منحت لصنع الله ابراهيم في الواقع لم اعط صوتي لصنع الله ولكن اعطيته لإدور الخراط الذي اراه أعظم الروائيين المصريين، حاول الطيب صالح أن يحيدني عن تصويتي لكي تعطى الجائزة بالاجماع ولكنني لم اتفق معه في الرأي وأصررت على موقفي عند إعلان النتيجة، كذب الطيب واعلن ان التصويت كان بالاجماع، أهذا التصرف يدل على الاعتراف بالديمقراطية؟".
وأضافت "قاسم": "تركت الموضوع بعد ذلك وعرف إدور وشكرني على مساندتي، أشعر بالندم أنني لم أعلن موقفي على الملأ و شعرت في هذا الوقت أن الاعلان لن يغير شيئا ولكن الآن اشعر أنني أخطأت، لأن الأعلان كان سيفضح الطيب ويضعه في موقف حرج" بهذه الكلمات فجرت الدكتورة والناقدة الادبية سيزا قاسم بعد 19 عاما قضية تناستها الذاكرة الثقافية المصرية والعربية؛ ألا وهى تدخل الطيب صالح رئيس لجنة تحكيم الدورة الثانية من ملتقى القاهرة الدولى للإبداع الروائى العربى عام 2003 لإعطاء الجائزة الى الروائى اليسارى صنع الله إبراهيم بدلاً من إدوارد الخراط، وخيرى شلبى الذى صوت له فيصل دراج عضور اللجنة، وجمال الغيطانى الذى أنقسمت أصوات أعضاء لجنة تحكيم الجائزة نحوه".
بعد ما أثارته الدكتورة سيزا قاسم على حسابها بموقع "فيس بوك"، علق الدكتور أحمد مجاهد على ما كشفته الدكتورة سيزا قاسم؛ قائلاً:" أشهد بأن هذا قد حدث وبأن حضرتك لم تغيرى رأيك، بل أشهد ولدي المستندات، بأن الدفة كانت تميل بالكامل ناحية إدوار، لولا تغيير الآراء لأسباب أعرفها ولن أتحدث عنها ..وكان فيصل دراج يرشح ويدافع عن خيرى شلبى، لكنه وافق فى النهاية على ما انتهت إليه الجماعة".